خبراء : المدينة الجديدة مشروع قابل للتنفيذ في حال لم يطاله الفساد

بعد ما يقارب الخمسة أعوام من الحديث عن مشروع المدينة الجديدة، تعلن الحكومة مؤخرا عن خطط انشاءها والخطوات الهندسية للسير بتنفيذها ضمن رؤية اقتصادية، ومخصصات مالية محددة، في وقت يرحب فيه العديد من الخبراء عن أهمية تنفيذ هذا المشروع، شريطة  تجنب تكرار التحديات التي تواجه المدينة الحالية، بالإضافة إلى توفير معايير الشفافية خلال إنشائه بعيدا عن الفساد.

 

 هذا المشروع بحسب الحكومة  يهدف إلى إنشاء وتطوير مدينة مستدامة ذكية، تحوي جميع خدمات البنية التحتية، إضافة إلى توفير فرص استثمارية محلية وإقليمية وعالمية والحد من الضغط السكاني والأزمات المرورية، إلى جانب توليد فرص عمل.

 

مستشار التصميم الحضري، الدكتور مراد الكلالدة يعتبر في حديث لـ "عمان نت"، أن البدء في  تنفيذ هذه المدينة بحسب رؤية الحكومة ليس بالأمر السيء، إلا أن هذا النوع من المشاريع يتطلب رصد مبالغ مالية كبيرة، لضمان استمراريته، موضحا أن المبلغ الذي تم رصده من قبل الحكومة بقيمة 50 مليون دينار سنويا يعد مبلغا زهيدا مقابل الاستثمارات الضخمة للبنية التحتية.

 

كما يرى الكلالدة أن إنشاء المدن الجديدة والتي تم تنفيذها في بعض الدول المجاورة، تأتي لتفادي الأخطاء والمعوقات في المدن المقامة في العاصمة، لعل أبرزها زيادة نسبة السكان، والحد من الأزمات المرورية الخانقة، بالإضافة إلى أنها نواة حقيقية لتحفيز الاقتصاد.

 

يفتقد الأردن لهذا النوع من المشاريع الاقتصادية الكبيرة التي قد تنعكس على تشجيع البيئة الاستثمارية وجذب المستثمرين ما يحقق انعكاسات ايجابية على الاقتصاد بحسب المحلل الاقتصادي والأكاديمي الدكتور  قاسم الحموري.

 

إلا أنه يعتبر أن على الحكومة الإعلان عن  المزيد من المعلومات المتعلقة بآلية الأنشطة الاقتصادية ومرجعية الملكية لتلك الأراضي وكيفية تملك العقارات السكنية والتجارية، لضمان عنصر الشفافية، وتجنب عمليات الفساد التي أغرقت البلد، وأضعفت من ثقة المواطنين بالحكومة على حد وصف الحموري.

 

تقع المدينة على طريقين دوليين، وهما أوتوستراد (الموقر-الأزرق) و(الزرقاء-الأزرق) وليست بعيدة عن المناطق الصناعية في الموقر وسحاب والزرقاء، ومنافذ حدودية أساسية مثل حدود العمري وحدود الأردن مع العراق.

 

ويأتي اختيار الحكومة لإنشاء هذه المدينة على أراض في شرق عمان، باعتبارها مملوكة للدولة، وذلك لتجنب دفع بدل استملاكات من القطاع الخاص والتقليل من التكاليف المترتبة على ذلك، على حد قولها.

 

هذا الأمر يعتبره الكلالدة قد يزيد من التحديات التي تواجه المدينة، من ناحية التكتل السكاني فيها، وصعوبة جذب الاستثمارات، بخلاف المدن المطلة على البحار، كتجارب العديد من الدول الأخرى.

 

 وللحد من هذه الإشكالية يجب على الحكومة  معالجة هذه النقاط السلبية  من خلال تنفيذ العديد من المحفزات الايجابية، كتخفيض أسعار الأراضي في المناطق المحيطة بالمدينة، وإنشاء مجمعات سكنية وتشجيع الشباب لشرائها بهذه المناطق، وتحسين منظومة شبكة النقل العام، وإنشاء شبكة قطارات، لتسهيل عملية التنقل والربط مع السكك الوطنية والاقليمية، بالاضافة إلى ربط المناطق ببعضها لتسهيل عملية تنقل المواطنين، إلى جانب الخطوة الإيجابية التي أعلنت عنها الحكومة وهي  نقل المؤسسات السيادية إلى المنطقة، بحسب الكلالدة.

 

لإنجاز هذا المشروع خصصت الحكومة النفقات اللازمة لذلك، على أن يبدأ العمل الفعلي بمشاريع البنية التحتية للمدينة عام 2025، وسيتم تخصيص مبلغ 442 مليون دينار من الموازنة لتمويل إنشاء البنية التحتية، بمعدل 50 مليون دينار سنويا.

 

وسيشمل العام الحالي والمقبل إعداد المخططات التفصيلية للمرحلة الأولى التي ستبدأ عام 2025 وتنتهي بـ 2033، وبموجب هذه المرحلة في العام 2028 الأصل أن تنتهي أعمال المؤسسات الحكومية التي ستنتقل، ومن ثم تبدأ بموضوع المساكن.

 

يزيد عدد سكان المدينة ضمن المرحلة الاولى عن 157 ألف نسمة، وصولا إلى مليون نسمة في المراحل النهائية عام 2050.

 

كما سيوفر انشاء هذه المدينة بحسب تصريحات حكومية 90 ألف فرصة عمل خلال مراحل الإنشاء، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى من المدينة ستستوعب أكثر من هذا الرقم بصفة عمل دائم داخل المرحلة الأولى من المدينة الجديدة، وهذا سينعكس على قطاع العمل والأعمال والإنشاءات في المرحلة المقبلة.

 

اقتصاديا : يؤكد المحلل الاقتصادي والأكاديمي الدكتور  قاسم الحموري  أهمية هذا النوع من المشاريع، الذي قد يساهم بتحريك عجلة الاقتصاد، وتوفير فرص عمل، من خلال تنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية .

 

ويشير الحموري إلى  أن هذا النوع من المشاريع الضخمة قد يكون كمنقذ للأوضاع الاقتصادية، معتبرا أن تخصيص  50 مليون سنويا لعمل بنية تحتية لهذه المدينة، لن يكون أمرا صعبا على الحكومة لتأمينه، مما يساهم بالتخفيف من الضغط  السكاني الكبير والحد من الأزمات الخانقة في العاصمة عمان .

 

هذا ووجه الملك عبدالله الثاني الحكومة إلى تشكيل لجنة استشارية تضم متخصصين وخبراء من مختلف القطاعات للاستفادة من أفكارهم وآرائهم في التخطيط للمدينة، لتكون أنموذجا للمدن الأخرى من حيث التخطيط العمراني والحضري، وتوفير عناصر الاستدامة للموارد والطاقة والمياه والبيئة.

أضف تعليقك