خبراء: اقتحام مستشفى الشفاء لأهداف تكتيكية وعسكرية ولا يعني انتصارا للاحتلال
رغم تأكيدات الخبراء العسكريين والسياسيين بأن اقتحام جيش الاحتلال الاسرائيلي لمجمع الشفاء الطبي لا يعني انتصارا للقوات الاسرائيلية ولا يشكل تراجعا لدور المقاومة، إلا أن القلق يظل سائدا، مع تزايد التساؤلات منذ بدء الحرب التي يشنها الاحتلال حول تأثير ذلك على التطورات العسكرية خلال المرحلة المقبلة.
منذ بدء عمليات الحرب التي يشنها الاحتلال على القطاع، وهو يستهدف قصف كافة المؤسسات المدنية بطريقة غير مسبوقة، متجاوزا في ذلك الخطوط الحمراء والقيم الانسانية والقوانين الدولية، فهذه الجرائم دفعت عدة دول حليفة وصديقة للاحتلال الإسرائيلي إلى التراجع عن دعمها المعلن لاسرائيل، وذلك بسبب الضغوط والحرج الدولي الناجم عن هذه المجازر.
لذلك لم يكن مستغربا أن تقتحم قوات الاحتلال الإسرائيلي، جزءا من مجمع الشفاء الطبي في غزة وفقا للمراقبين، بعد حصار استمر لليوم الثامن على التوالي، مستندة إلى ما أسماه مصادر الاحتلال حول تنفيذ عملية ضد حركة المقاومة (حماس) في جزء معين من المستشفى، استنادا إلى "معلومات استخباراتية وضرورة عملياتية"، محملة حركة حماس، الحكومة الإسرائيلية والرئيس الأميركي جو بايدن المسؤولية عن هذا الاقتحام.
كما دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على اقتحام المستشفى باعتباره انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف عام 1949، بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب ، محملة إسرائيل مسؤولية سلامة المدنيين والطواقم الطبية العاملة في المستشفى.
القطاع الصحي هدفا واضحا
الخبير الأمني والعسكري الدكتور عمر الرداد يقول في حديث لـ "عمان نت" إن القطاع الصحي في غزة أصبح هدفا واضحا لاستهدافه منذ بداية الحرب، حيث جعلته الاحتلال هدفا استراتيجيا بذريعة وجود رهائن داخل المستشفيات ووجود أنفاق تابعة لحركة حماس والجهاد الإسلامي.
ويشير الرداد الى أن استمرار الحصار منذ بداية العملية البرية، بعد اقتحام المستشفى تنفيذا لتهديدات اسرائيل، ضمن ايطارين تكتيكي واستراتيجي، التكتيكي يرتبط بالتفتيش عن وجود رهائن ومقرات لحماس داخل المستشفيات، بينما الاستراتيجي يهدف الى تهجير السكان قسرا.
ويعتقد أن من مصلحة حماس ان لا تحدث مواجهات داخل المستشفيات مع القوات الاسرائيلية، حيث ستكون أي مواجهة داخل المستشفى محققة لمجازر، نظرا لاحتواء آلاف المرضى والجرحى والنازحين واللاجئين، مشيرا إلى أنه في حال وجود أنفاق أو رهائن داخل المستشفى فان المقاومة قادرة على نقلهم الى اماكن امنة، بناء على خبرتها في المنطقة.
وفقا للقوانين الدولية، تعتبر المستشفيات ومحيطها ملاجيء انسانية آمنة في أوقات النزاع، ويفترض ان تتمتع بالحماية وأن لا تتعرض للضرب وحماية المدنيين اللاجئين والنازحين فيها.
مباشرة بعد عملية اقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلي مجمع لمشفى الشفاء الطبي، قال البيت الأبيض، إنه لا يؤيد قصف المستشفيات جوا ولا يريد رؤية تبادل لإطلاق النار، في مستشفى ليقع الأبرياء والأشخاص العاجزون والمرضى الذين يحاولون الحصول على الرعاية الطبية التي يستحقونها في مرمى النيران.
تحطيم رمزية المستشفى
الكاتب والمحلل السياسي حمادة فراعنة يرى أن استهداف مستشفى الشفاء باعتباره يعد مؤسسة كبيرة في القطاع من حيث المساحة والقوة البشرية، لذلك اصبحت هذه الهجمات محورا لتشويه رمزية المستشفى وتحطيم الصورة المعنوية والعملية له.
ويشير الفراعنة، الى ان استمرار الاحتلال الاسرائيلي في توسيع نطاق اقتحامه لمناطق أخرى، وسيتبين لهم لاحقا بأن المستشفى سيكون عبءا على الاحتلال، مما يتطلب منه تلبية احتياجات ومتطلبات المستشفى الطبية، متوقعا استمرار المواجهات المباشرة ما بين قوات الاحتلال والمقاومة.
ويوضح أن الاحتلال الاسرائيلي يمتلك الامكانيات العسكرية لاحتلال القطاع، ولكن البقاء في غزة لن يكون سهلا، لأنه يعتمد على قدرة وفعالية المقاومة التي تمكنت منذ بداية الأسبوع الرابع من الحرب من توجيه ضربات موجعة للعدو الاسرائيلي.
يضم مجمع الشفاء الطبي نحو 650 مريضا بينهم 100 من مرضى العناية المكثفة والأطفال الخدج، إضافة إلى نحو 500 من الكوادر الطبية، إضافة إلى 4 إلى 5 آلاف نازح من الأطفال والنساء وكبار السن، في ظروف صعبة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي جراء نفاد الوقود.
يعاني المجمع أيضا من عدم السماح لمركبات الإسعاف بالدخول أو الخروج، إضافة إلى تعرض مبانيه للقصف من طائرات الاحتلال ومدفعيته.
تم استهداف البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك محطة الأوكسجين وخزانات المياه والبئر، ومركز القلب والأوعية الدموية، وجناح الولادة. لقد أدى هذا إلى استشهاد أكثر من 40 مواطنا، بما في ذلك المصابين في وحدة العناية المكثفة والأطفال الخدج، جراء انقطاع الأوكسجين نتيجة لقصف محطة التوليد ونفاد الوقود في المجمع.