خبراء : إلغاء وزارة العمل تقزيم لمهامها وسوء فهم للقضايا العمالية

الرابط المختصر

اثار التوجه الحكومي بإلغاء وزارة العمل ونقل مهامها الى وزارات أخرى، استهجان خبراء في الشأن العمالي، واصفين هذه الخطوة بغير المدروسة، وأن تهميش مهام الوزارة سيؤدي الى تشتيت مختلف القضايا العمالية.

 

جاء ذلك، ضمن الخطة الحكومية لتطوير القطاع العام، وهو إلغاء وزارة العمل من خلال نقل مهامها وأدوارها إلى وزارات الداخلية والصناعة والتجارة والتموين والتربية وتنمية الموارد البشرية، وأنه من المقرر أن يتم إنجاز هذه الخطوة خلال الفترة بين عامي 2022-2024.

 

وتضم وزارة العمل 19 مديرية ووحدة في مركز الوزارة، و19 مديرية في الميدان في جميع المحافظات، إضافة إلى 12 مكتب عمل شبيه بالمديريات، فيما يبلغ عدد الموظفين والعاملين فيها 701.

 

 

هل يمكن أن تقوم الوزارات الأخرى بمهام وزارة العمل

 

رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة ابو نجمة يصف هذا التوجه بغير المدروس، ولا يراعي مبادئ عمل وزارات العمل وأدوارها المتعارف عليها في الإدارة العامة وفي المعايير الدولية وتجارب الدول.

 

ويوضح أبو نجمة أن تشتيت مهام الوزارة من خلال توزيعها على عدة وزارات، هو مؤشر لتقزيم مهام رئيسية للوزارة أو تلاشى الدور المفترض أن تلعبه الوزارة في سوق العمل، وهو توجه يغلب الجانب البيروقراطي على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية في النظر لشؤون وقضايا العمل.

 

من أبرز مهام وزارة العمل، هي حماية حقوق العاملين، والحماية الاجتماعية، والتوازن بين العمال وأصحاب العمل، وتنظيم العلاقة العمل فيما بينهم، والتشغيل، والخدمات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنيتين، وآلية تحديد الحد الأدنى للأجور الدنيا، وخدمات التدريب المهني والموارد البشرية، وتفتيش العمل، بالاضافة إلى ما تقوم به من دور اجتماعي واقتصادي في آن واحد .

 

ويرى أبو نجمة أن الهدف من تشكيل هذه اللجنة كان بهدف التطوير الإداري، الأمر الذي لا ينطبق على وزارة العمل التي تختلف مهامها عن الوزارات الاخرى، فهي أعمق من مجرد تقديم خدمات ادارية.

 

ويخشى خبراء في مجال الحقوق العمالية من أن تتقلص المهام التي تمارسها هذه الوزارة، وتصبح مجرد التعامل مع قضايا العمل باعتبارها وظيفة، وأن العامل عبارة عن آلة، وليس عنصر اجتماعي من خلاله يتم محاربة البطالة، وزيادة الدخل وتحسين الظروف البيئية في أماكن العمل.

 

على صعيد التجارب العالمية أنشئت وزارات العمل من أجل معالجة ما يعرف في أوروبا باسم "المسألة الاجتماعية" أو "المسألة العمالية" وفي الولايات المتحدة باسم "مسألة العمل" لتتولى دورا حمائيا وتنظيميا لأسواق العمل من أجل تحسين شروط العمل والحفاظ على التوازن بين مصالح أصحاب العمل والعمال، بهدف الحفاظ على السلم الاجتماعي وتجنب الصراعات الاجتماعية الكبرى، ولتتولى دورا رئيسيا في التنمية الإقتصادية والإجتماعية من خلال صياغة وتنفيذ سياسات العمل التي تنسجم مع أهداف التنمية الوطنية.

 

 

تحذيرات  من عواقب كارثية يسببها قرار إلغاء وزارة العمل

 

من جانبه يستهجن  المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية قرار الحكومة إلغاء وزارة العمل ونقل مهامها وأدوارها إلى عدد من الوزارات الأخرى. وأكد أن تبعات اتخاذ مثل هذا القرار ستكون "كارثية" على أطراف الإنتاج كافة في سوق العمل أكان العمال أو أصحاب العمل أو النقابات.

 

وفي بيان أصدره الإثنين، أكد المرصد العمالي أن إلغاء وزارة مثل وزارة العمل يعبر عن تغيير في توجهات وخيارات السياسات الاقتصادية هي غير اجتماعية بالمطلق، وتعبر بوضوح عن خيارات اقتصادية يمكن أن تكون الأكثر قسوة في تاريخ الدولة الأردنية.

 

ويشدد البيان على أن إلغاء وزارة العمل سيؤدي بالتأكيد الى إضعاف شروط العمل، الضعيفة أصلا، عند غالبية العاملين بأجر في الأردن، موضحا أنه لا يمكن فهم قرار إلغاء الوزارة إلا باعتباره تقويضا جديدا لسياسات سوق العمل في الأردن، ومحاولة لإضعاف شبكة الحماية الاجتماعية في المملكة، التي يفترض أننا نحاول تعزيزها في هذه المرحلة.

 

إلغاء وزارة العمل جاء بعد سنوات طويلة من إضعافها، وسيترتب عليه إضعاف لمنظومة التفتيش وتنظيم سوق العمل، حيث تشرف الوزارة على تطبيق عشرات الأنظمة والتعليمات والقرارات الناظمة لسوق العمل، وسيترتب على إلغائها "فوضى مركّبة" لا مفر منها في سوق العمل الذي يعاني أصلا من فوضى حاليا، وفق البيان.

 

بعد هذا التوجه ما هو مصير سوق العمل الأردني والعاملين فيه؟

 

كما تستهجن تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان هذا التوجه، مؤكدا بانه لن يصُب في صالح العاملين في سوق العمل الأردني، ويدل على ذلك وجود العديد من الانتهاكات في سوق العمل.

 

وترى تمكين أن التعديلات الهيكلية الجديد ستساهم بشكل كبير بتراجع بيئة العمل اللائق، وزيادة الانتهاكات التي يتعرض لها العاملين، إلى جانب تعزيز غياب جهة رسمية واحدة ينظم تحت مظلتها جميع العاملين وتكون مرجعا أساسيا لهم.

 

كذلك إن مثل هكذا قرار سيزيد كما أشرنا التحديات الموجودة في سوق العمل من بيئة عمل غير لائقة وغياب لمعايير السلامة العامة، وعدم تطبيق بنود قانون العمل في العديد من المؤسسات والشركات.

 

وتؤكد أن وزارة العمل لها ارتباط مع جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، ويقع على عاتقها حماية حقوق العمال وحل النزاع بينهم وبين أصحاب العمل، فكيف لهذه الارتباطات أن تُوزع بين وزارة مختلفة كل حسب اختصاصها.

 

كما أن قانون العمل ومواده الذي أوكل العديد من مهام تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل بوزارة العمل وتحديدا وزير العمل، ومفتشين وزارة العمل وأدوارهم، إلى جانب تنظيم شؤون العمال المهاجرين، والتعليمات والأنظمة المتعلقة بتنظيم العمل من خلال وزارة العمل تحديدا، والقرارات الصادرة عن الوزير، إلى جانب مصير اللجنة الثلاثية وسلطة الأجور.

 

كذلك يتوجب الحديث عن مديريات العمل المنتشرة في محافظات المملكة كافة، بعد إلغاءها كيف يمكن للعمال في المحافظات التقدم بشكوى أو متابعتها.

 

وعليه سيولد القرار ثغرات تشريعية وقانونية كبيرة ستتناولها تمكين في ورقة مُفصلة توضح المواد القانونية وما يترتب عليها بعد إلغاء وزارة العمل من حيث تعديل التشريعات ذات العلاقة أو إلغائها

 

مهام وزارة العمل

 

وتتمثل مهام وزارة العمل بالإشراف على شؤون العمل والعمال وممارسة جميع الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بتلك الشؤون والمنصوص عليها في سائر التشريعات، ورعاية العمال الأردنيين خارج المملكة وتنمية علاقات العمل مع الدول المستقبلة لهم وتنظيم الشؤون المتعلقة بالعاملين الأجانب داخل المملكة والإشراف عليهم وتحديد شروط عملهم، وتنظيم سوق العمل الأردني ووضع التعليمات اللازمة لتوفير فرص العمل والتشغيل للأردنيين داخل المملكة وخارجها وبالتعاون مع الجهات المختصة.

 

ومن صلاحيات الوزارة  تسجيل نقابات العمال ونقابات أصحاب العمل، والمساهمة والمشاركة في أعمال اللجنة الثلاثية ذلك لتمكين اللجنة من القيام بالمهام والصلاحيات المنوطة بها والواردة في نظام اللجنة الثلاثية لشؤون العمل رقم (21) لسنة 2012 وقانون العمل، وتتولى الوزارة توفير فرص العمل للأردنيين داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى تنمية التعاون والتنسيق مع منظمات العمل العربية والدولية وبما يخدم قطاع العمل.