خارطة طريق لإعادة انطلاق قطاع السياحة
من المعلوم أن قطاع السياحة قد تضرر كثيراً خلال جائحة الكورونا. فتحديد النقل لم يقتصر على المحافظات والمدن، بل شمل النقل الجوي والبحري. المعالم السياحية أغلقت، والمطاعم لم تعد تستقبل الرواد، والسياحة الداخلية والخارجية توقفت بشكل كلي. الاستثناء الوحيد هو استقبال الفنادق للمحجورين صحيا الأمر الذي لم يساعد السياحة لأن المحجورين لم يخرجوا من غرفهم للاستفادة من مرافق الفنادق من مطاعم وغيرها، وكانت رسوم المبيت والأكل مقلصة لتغطية التكاليف ليس إلا.
ولكن مع تراجع حدة انتشار الوباء، فمن الممكن التفكير بخارطة طريق تساعد هذا القطاع المهم بالعودة التدريجية إلى ما كان عليه قبل الجائحة، وقبل إغلاق الحدود الجوية في السادس عشر من شهر آذار الماضي.
لقد شكل خلو مناطق الجنوب من انتشار الفيروس فرصة هامة للتفكير بإعادة السياحة الداخلية الموجهة لتلك المناطق. كما ومن الممكن بعد انتهاء فترة الحجر وبعد إجراء حملات التعقيم أن تكون فنادق البحر الميت مناسبة للبدء باستقبال السياحة الداخلية المنظمة. فمن الممكن تطبيق التباعد الجسدي في مناطق الجنوب والبحر الميت دون أن يؤدي ذلك إلى أي أضرار صحية. كما من الممكن أن يتم الاستمرار بالفحص العشوائي بين المواطنين المترددين على مواقع السياحة، وإجراء العزل في حال وجود حالات جديدة في مناطق محددة.
وفي مجال السياحة الداخلية لا بد من التفكير الفوري والسريع بفتح المطاعم وأماكن التنزه المحلية وحتى مناطق ألعاب الأطفال. فمن المعروف مثلا أن الأطفال أقل عرضة للضرر من وباء الكورونا، وكما بينت منظمة الصحة العالمية فإن الأطفال ليسوا ناقلي الوباء، كما كان البعض يظن سابقا. إذا كان ذلك مقبولا من وزارة الصحة فما المانع أن يتم في فصل الصيف، فتح أماكن الأتعاب للأطفال على سبيل المثال، مع اتخاذ الإجراءات الصحية وتعقيم الأماكن بصورة مستمرة.
ماليا، يجب أن يتم التفكير بتخفيض الضرائب والرسوم المتعلقة بالمنشآت السياحية، فمن الممكن مثلا، تخفيض ضريبة 16% للمبيعات إلى 8% وفي المقابل الطلب من المطاعم تخفيض ضريبة الـ 10% للخدمة التي يدفعها الزبون إلى 5% كما ويجب التفكير بتقليص الضرائب الباهظة المفروضة على المشروبات الروحية.
لقد وفرت خزينة الدولة 10 ملايين دينار لدعم السياحة ولكن لغاية الآن لم يتم توضيح كيفية صرف تلك المساعدات. فهل سيتم دعم بعض الفنادق ذات التكلفة التشغيلية العالية مقابل تخفيض الرسوم فيها كي يتم تشجيع السياحة الداخلية.
كما لا بد من دعم السياحة الداخلية من خلال الترويج عبر الإعلام المحلي. قد يكون ذلك عن طريق مسابقة عن الأماكن السياحية الأردنية وتوفير جوائز من كوبونات للمبيت ولوجبات قد تشارك فيها جمعية الفنادق ونقابة المطاعم.
إضافة إلى فتح المجال أمام السياحة الداخلية، فمن الضروري التفكير بفتح مجال السياحة البينية مع فلسطين المحتلة والتي يعتبر الخبراء أن وزارة الصحة الفلسطينية قد نجحت كما الأردن، في السيطرة على الوباء هناك. ولا مانع بطبيعة الحال، أن يتم إجراء الفحص اللازم لهم للتأكد الاولي من خلوهم من الفيروس. ومعلوم ان فحص الحرارة أو حتى فحص القادمين كافي جزئياً للتأكد من خلو الوباء لأن الفحوصات المتوفرة لا تستطيع ضمان 100% من خلو القادمين ولكن ينطبق نفس الأمر على القادمين من محافظة الى أخرى داخل الأردن. فإذا تم فتح المحافظات ما المنع من السماح بالتنقل مع فلسطين. فالسيطرة على القادمين عبر الجسر اسهل من تلك للقادمين من المحافظات.
ومع فتح المجال للسياحة الداخلية والإقليمية، يمكن التفكير بما يسمى بسياحة الغلاف والمبنية على التوصل إلى بروتوكول يسمح لمواطني دولة محددة من القدوم إلى الأردن. حيث يسمح قدوم السياح بصورة مسيطر عليها من بعض الدول التي سيطرت على الوباء إلى المملكة وبالعكس. فمثلا هناك دول مثل كوريا الجنوبية وتايوان ونيوزيلندا على سبيل المثال، التي سيطرت على الوباء ومن السهل ان يتم استقبال مجموعة سياحية من تلك المناطق خاصة إذا كان برنامج زيارتها محددا ومعروفا، على ان لا تشمل لقاءات واسعة مع مواطنين. ومن الطبيعي أن يشترط بروتوكول التعاون على المسافرين بالاتجاهين ألا ينتقل خارج هذه الدول المتفق عليها والتي قد يتم تسميتها بالدول الخضراء.
ساهمت السياحة خلال السنوات الأخيرة بنسبة جيدة من نمو الاقتصادي الأردني وزادت بشكل ملحوظ احتياطي العملة الأجنبية في البلاد. والان بعد السيطرة على وباء الكورونا وتشكيل وتدريب فرق التفتيش وتوفر أدوات الفحص بأعداد كبيرة فهناك إمكانية معرفة الوضع الصحي وعزل أي منطقة محددة يتبين فيها زيادة كبيرة لتفشي الوباء. كما ولا شك أن زيادة الوعي العام في الأمور الصحية وضرورات التباعد قدر المستطاع وأهمية التعقيم والنظافة الشخصية وغيرها ستساعد الدولة الأردنية لتقليص إمكانيات تفشي الوباء بصورة كبيرة.