حمارنة: الحكومة تحل مشاكلها بتجويع الشعب

الرابط المختصر

محمد العرسان: حذر خبير الاقتصاد والامين العام للحزب الشيوعي الاردني د.منير حمارنة من اثر ارتفاع الاسعار على الاستقرار الاجتماعي في الاردن.

وقال حمارنة في الحلفة الحوارية حول " اثر ارتفاع الاسعار على الاستقرار الاجتماعي" ان ارتفاع الاسعار سيؤدي الى "نسف كل القيم الاجتماعية وتهديد الاستقرار الاجتماعي والسياسي اذ لا ضمانه لانفلات عفوي من الناس بسبب ارتفاع الاسعار".
 
وفيما يلي نص المقابلة:
 
 
كيف ترى التحرك الشعبي الرافض لارتفاع الأسعار؟ وهل تكيف المواطن الأردني مع مسلسل رفع الاسعار؟
 
حمارنة: الشارع الأردني لم يعد يحتمل ارتفاع الأسعار، اذ ان هناك خلل  بين المداخيل الفردية ومعدلات التضخم، وهذه قضية كان يجب أن تعالج منذ فترة طويلة، لكن السياسات الحكومة المتعاقبة هي التي أوصلت البلد لهذا الحد وهي سياسات مصره على نفس المنهج السياسي ودفعت باتجاه رفع الأسعار.
 
اما بالنسبة للحراك الشعبي، هناك من يقول ان الحراك الشعبي محدود، لكن انا اعتقد ان الحراك الشعبي موجود لكن القضية الكبرى ان المواطن الأردني مكبل في حركته بواسطة مجموعة من القيود التشريعية كقانون الاجتماعات العامة الذي قمع عدد كبير من الفعاليات المندده بارتفاع الاسعار، فقانون الاجتماعات العامة بصيغته وطريقة تطبيقه هو قانون عرفي وهو تعامل من زاوية امنية عرفية مع الجماهير الشعبية الرافضة لارتفاع الاسعار، والقضية الأخرى والاهم انه اُخذ من يد الشعب البرلمان الذي يفترض فيه ان يكون صوت الناس الممثل، واذا اطلعت على الحوارات التي دارت في مجلس النواب قبل الموافقة على الموازنة ترى ان التصويت لا يتناسب مع النقاشات التي حدثت، وفي الحقيقة هذه الظاهرة ان يأتي مجلس نواب لا يهتم بقضايا الناس هو الهدف من بقاء قانون الانتخابات الذي افرز مثل هذا البرلمان.
 
صحيح ان الناس يتحدثوا ان لا يوجد حراك شعبي لا اضرابات لا اعتصامات انا اعتقد ان الحكومة هيأت لرفع الأسعار وبذلت جهد كبير جدا من خلال زيارات رئيس الوزراء الى مختلف المحافظات،ووجد رئيس الوزراء مشقه كبيرة في إقناع الناس بحجج رفع الاسعار وهذه كانت خطوة صعبة للحكومة، اما الخطوة السهلة كانت تمرير الموازنة في مجلس النواب اذ كانت اسهل من إقناع الناس لان نسبة البطالة عالية جدا معدل الفقر مرتفع فالحكومة تقول ان معدل الفقر 14% لكن هناك دراسات تقول انه اكثر من 30% والان سترتفع الأسعار مره أخرى وهذا سيؤدي الى نسف كل القيم الاجتماعية، وتهديد الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ولا احد يضمن أي انفلات عفوي من الناس بسبب ارتفاع الاسعار، ونحن في الاردن عشنا الانفلاتات الامنية خصوصا 89 و 96 ونحن الان في ظرف اكثر سوءا من تلك الاعوام، ناهيك على ان هذه الإجراءات ليست غير شعبية فقط انما غير عادلة وظالمه للمواطن، وكان يجب تفاديها بوسائل عديده من اهمها اعادة النظر في الانفاق وتقليصه، وإعادة النظر في السياسية الضريبية وتقليصها بحيث تلغى ضريبة المبيعات على عدد كبير من السلع ويكون هناك تحصيل ضريبي من خلال ضريبة الدخل، ويجب ان تبلغ 10% من الناتج المحلي الإجمالي حيث يجب مضاعفتها مرتين وهذا يخفف المأساه على الناس ويحفظ توازن الموازنة ويساعد الحكومة على حل مشكلتها، لكن الحكومات كانت ومازالت تحل كل مشاكلها على حساب افقار وتجويع الناس وهذا تعريض حقيقي لامن الوطن لقضايا خطرة.
 
 
هل هناك سياسة بديلة لسياسة الحكومة الحالية للخروج من الازمة؟
 
 حمارنة: هناك دراسات قدمت من أحزاب المعارضة لمعالجة الوضع الاقتصادي رفعت بمذكرات على مدار السنوات الماضية، وهذه السنة وقبل ان يقوم البرلمان بدراسة الموازنة رفعت أحزاب المعارضة مذكرة لرئيس الوزراء ومجلس النواب كان فيها تصور كامل لسياسة بديلة يبدأ هذا التصور بسياسة تجارية والموقف من الأسعار وإعادة الدور إلى وزارة التموين وإعادة النظر في النظام الضريبي وتأخذ بعين الاعتبار الموقف من الصناعة والزراعة والتجارة وتوزيع الثروة بحيث يكون هناك شيء من العدالة لان هنالك شرائح كبيره من المجتمع تزداد فقر وشريحة تزداد غنى.
 
وتضمنت هذه المذكره دراسة علمية بالارقام حول الازمة الاقتصادية وارتفاع الاسعار والحلول المقترحة للخروج من هذه الازمة التي يعاني منها المواطن، اذ طالبنا باعادة النظر بالسياسة الضريبية وبشكل اساسي ضريبة الدخل المتصاعدة وتشجيع الصناعات الوطنية من خلال اعفاء مدخلات الانتاج من الرسوم والجمارك الى جانب اهمية ضبط الاسعار وعدم فلتانها بشكل يؤثر سلبا على معيشة المواطن.
 
يرى خبراء في الاقتصاد ان الدعم في الموازنة هو تشوه اقتصادي يجب ازالته، ما رايك بهذه القضية؟
 
حمارنة: الحديث عن تشوه الموازنة بسبب هذا الإجراء أو ذلك هو فقط لتبرير أننا نقبل هذه السياسة الاقتصادية، فكل بلدان العالم على مر التاريخ كانت ومازالت تضع دعما لبعض السلع والأنشطة، الآن أي حكومة يفرض عليها أن تقدم دعم ما في الحياة الاجتماعية والاقتصادية تكون بسبب ضرورة معينة، بالتالي نشوء الضرورة التي لا تتناسب مع ما هو مستقر من أشياء هو تشوه للوضع العام، وهنا تتدخل الموازنة لإزالة هذا التشوه من المجتمع، ولا يقال له تشوه في الموازنة لان التشوه في الموازنة بدأ الحديث عنه عندما اخذ علماء اقتصاد السوق يقولون ان الحكومة يجب أن ينتهي كل دور لها في الاقتصاد وان لا تتدخل في الأسعار ولا في الأجور وان تتحول الدولة وقوانينها واجراءتها الى حارس لاقتصاد السوق، بمعنى ان تكون اداة في يد اصحاب السوق لقمع الناس اذا تذمروا، والحديث ان هذا تشوه هو ركوع لتعليمات هذه المدرسة التي تطلب منا ان نقوم بذلك.
 
المواطنون متخوفون من ان يأتي الارتفاعات في الاسعار بمعدلات تفوق قيمة الزيادة على الرواتب بحيث يتلاشى الاثر المتوقع للزيادة بعد رفع الدعم الامر الذي يفاقم معاناة الاغلبية الساحقة؟
 
حمارنة: هذا الكلام صحيح فالحديث عن رفع اسعار المحروقات يجب ان يأخذ بكل ابعاده، فالمحروقات سلعة ارتكازية تدخل في كل نشاط الاقتصادي ويستخدمه من افقر الناس الى اغنى الناس، والآن التوجه هو رفع جميع المشتقات النفطية، وهذا يعني انه "اتوماتيكيا" سيؤدي الى رفع كل السلع والخدمات بلا استثناء وسيكون هذا الارتفاع متفاوت بحسب مساهمة المحروقات في هذه السلعة، وبالتالي نحن مقبلين على زيادة كبيرة في التضخم، فاذا كانت الاسعار ترتفع في 2007 بحدود 6% -وانا بتقديري هي اكبر من هذا الرقم- سيصبح التضخم في 2008 اكثر من 15% هذا يعني اننا سنواجه موجة غلاء طاغية.
 
كلمة اخيرة
اخيرا اقول كان الواجب على الحكومة عدم زيادة الاجور والرواتب وعدم زيادة الاسعار في هذه الحاله نحن نقف بجانب المواطن، فهذه الزيادات وشبكة الامان الاجتماعي التي فيها ملايين سترفع معدل التضخم وستجلب بلاء جديد لفئات واسعه بما ذلك الناس المستفيدين من هذه الشبكة لكن كان 100 الف مره افضل ان لا ترفع الاسعار وان لا ترفع الاجور، لكن يحتم علينا سياسة السوق المفتوح ان نرفع اسعارنا للتناسب مع السعر العالمي  هذه القضية الوقوف بوجهها يتطلب ارادة سياسية وهي غير موجودة.