حل المشاكل المالية للإعلام ممكن من خلال تشريع بسيط

يعاني قطاع الإعلام من مشكلة مالية كبيرة سببتها شركات رقمية عالمية والتي استحوذت على حصة الأسد من الإعلانات المحلية والإقليمية. ولكن فرصة استعادة وتحسين الدخل من خلال التعامل الرقمي موجود لو توفرت التشريعات المناسبة والتواصل الرسمي مع تلك الشركات.

 

يدفع المواطن الأردني والزائر للأردن ضريبة مبيعات بنسبة 16% لكل سلعة أو خدمة يحصل عليها الشخص داخل الأردن. ولكن الدولة الأردنية لا تطبق الأمر نفسه على من يقوم بشراء بضائع أو خدمات رقمية من تلك الشركات الضخمة.

 

بعض المسؤولين يعتقدون خطاً أن الطلب من الشركات الرقمية أن تحصل من أي مشتري من الأردن يعتبر تحدي كبير لتلك الشركات كما يعتقد –خطأ – المسؤولون فإن الشركات العالمية لا تعارض ولن تتضرر من إضافة ضريبة المبيعات على أي سلعة أو خدمة تقدمها لزبائن يتصلوا بها من الأردن. فتخيلوا وضع البائع الرقمي ضريبة 16% إضافة لكل من يشتري من خلال جهاز كمبيوتر او تلفون من الأردن أي سلعة من خلال موقع امازون او على بابا أو برنامج كمبيوتر من خلال شركات مايكروسوفت أو اشتراك في نتفليكس او اعلان على موقع فيسبوك او جوجل او يوتيوب او أي خدمة رقمية.

 

كل ما تحتاجه المملكة الأردنية تحصيل تلك الضريبة هو تشريع بسيط يساوي ما يتم شرائه ارضيا بما يتم شراؤه رقميا وثم التواصل القانوني مع كل شركة عالمية يشتري منها مواطن أو مقيم في الأردن وإلزامها حسب القانون الذي يتم سنة أن تحصل الشركات الرقمية ضريبة المبيعات وتحولها للخزينة الأردنية. ان قرار بسيط من هذا سيغير بصورة دراماتيكية وضع التعامل الرقمي مما سيزيد من إيرادات الدولة الأردنية كما يساعد المنتج الأردني توفير فرصة متساوية في المنافسة مع الشركات الرقمية.

 

طبعا هناك أمور أخرى يمكن العمل عليها في المدى المتوسط والطويل. فمثلا من ضرورة الضرورات وبأسرع وقت تقوية قانون الملكية الفكرية ومعاقبة كل من يقوم بقرصنة المواد الفكرية من كتابات ورسومات وبرامج وغيرها. ومن الضروري أن تقوم المشرع الأردني بفرض ضريبة ملكية فكرية على كل جهاز طباعة وبنسبة قليلة عن كل طالب جامعي بدل من مئات الكتب التي يتم قرصنتها وحتى على الأغاني التي يتم سماعها في المطاعم والإذاعات وغيرها.

 

هذا الأمر قد يشكل مدخل قوي للمطالبة من العمالقة الرقمية والذين يستخدمون الداتا الأردنية أن يقوموا بدفع بدل من تلك الاستخدامات في محركاتها البحثية ومواقعها المختلفة.

 

إن ضبط الملكية الفكرية سيكون له أثر إيجابي على الإعلام المحلي ومنه الاعلام اليكتروني وقد يوفر فرصة لكي تقوم مؤسسات إعلامية بطلب الحصول على بدل الاستفادة من مضمونها. فما دام كان هناك قرصنة للمقالات والأخبار والتحقيقات فلا يوجد أي للمتلقي أن يدفع ثمن ولو بسيط لتلك المعلومة التي تتعب عليها إعلامي مهني لأنه يقول لك أستطيع ان احصل عليها من أحد مئات المواقع الالكترونية ولكن إذا تم ضبط وحماية حقوق الملكية الفكرية ومنع منعا باتا بقرصنة المواد المنشورة فإن الإعلام الأردني ينتقل نقلة نوعية. ولكن تلك العملية بحاجة الى خلق آليات لضمان تعددية الصرف على المنتوج الإعلامي الجيد ووضع قيود على استخدام تلك الموارد لإيقاف انهيار مؤسسات إعلامية لم تستطع ان تتجاوب مع التغييرات العالمية. إن نجاح صندوق دعم المحتوى المهني المستقل يتطلب معايير واضحة وإدارة تمثل تعددية الإعلام وأهمية أن لا يكون محاباة لأي جهة على حساب المضمون المهني.

 

طبعا على المدى البعيد قد تستفيد الأردن من المفاوضات العالمية الجارية في مجال دفع ضريبة الاقتصاد الرقمي حيث تقوم دول الـ G8 ,بالتفاوض على إعادة مردود الاقتصاد الرقمي للدول والمجتمعات المحلية

 

الشركات العملاقة تحاب هذا التوجه وتصرف الملايين على المحامين واللوبيات المدافعة عنهم ولذلك ففي هذا النطاق بالذات فإن دولة صغيرة مثل الأردن لن تستطع مقاومة الضغوط على تلك الأمور ولكنها تستطيع وبدون أي احراج تعديل التشريعات لتشمل شراء البضائع والخدمات رقميا وضبط موضوع الملكية الفكرية.

أضف تعليقك