حكومة عاجزة عن ترجمة الأوامر الملكية إلى واقع

حكومة عاجزة عن ترجمة الأوامر الملكية إلى واقع
الرابط المختصر

الرسائل الملكية وكتب التكليف للحكومات والتوجيهات الكتابية أو المقروءة أو المسموعة أو المرئية، ما هي إلا أوامر للسلطات سواء التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، واجب العمل لتحويلها إلى تشريعات وسياسات وممارسات، دون أي تلكؤ أو التفاف تحت أي مبررات وذرائع.
ومن خلال متابعة السياسيين والمحللين والمراقبين ومنظمات حقوقية مستقلة للرسائل والتوجيهات الملكية، نخلص الى أنها قد تضمنت أوامر مباشرة للحكومة لإجراء تعديلات تشريعية سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وثقافية، تؤدي إلى إحداث إصلاحات حقيقية وجادة، وليس إصلاحات ديكورية وشكلية، إلتفافاً على الوصول الى نظام ديمقراطي، قد يسلبهم بعض امتيازاتهم ونفوذهم السياسية والاقتصادية.
فالإصلاح السياسي يُقاس مدى تقدمه أو تراجعه من خلال القوانين الناظمة للحياة السياسية والاقتصادية والتي من شأنها أن تكفل الحقوق الأساسية والمبادئ العامة للأنظمة الديمقراطية والتي تشكل حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع وحرية تأسيس منظمات المجتمع المدني وحرية الحق بتأسيس أحزاب دون أي قيود أو عوائق في ظل احترام مبدأ رئيسي وهو قوام قوة ومنعة الجبهة الداخلية القائمة على ترسيخ المواطنة دون أي تمييز.
ولكن الحكومة ومجلس الأمة أقروا عددا من القوانين والتشريعات التي تتناقض مع الدستور الأردني ومع المواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها الأردن، وتشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وما قانون مكافحة الإرهاب، وقانون التنفيذ وقانون المطبوعات والنشر وقانون الجمعيات إلا أمثلة، ولا يمكن أن ننسى عدم احترام قانون الاجتماعات العامة، التي منعت قوى سياسية من إقامة فعاليات بأشكال مختلفة، وتحت مبررات وذرائع، لا يمكن لأي إنسان مستقل، ويؤمن بتعزيز الديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان أن يقبل بها أو يقرها.
وما إقالة أو استقالة وزير الداخلية ومديري الأمن العام والدرك إلا دليل واضح على عدم إيلاء الأوامر والرغبات الملكية الاهتمام المطلوب، وان التقصير بعدم التنسيق بين الأجهزة الأمنية وعدم ترسيخ سيادة القانون التي تكفل للمواطنين والمؤسسات الحقوق الأساسية وتحميها، إلا انعكاس لعجز رئيس الحكومة بشكل خاص والحكومة بشكل عام عن العمل بروح الفريق الأول، وعجز رئيس الوزراء عن متابعة أداء الوزارات والأجهزة يتضمن أن التنسيق في العمل يسير على خير ما يرام، مما يحمله المسؤولية الكاملة عن هذا التقصير بل العجز عن القيام بواجباته التي كفلها له الدستور الأردني.
لذا فقد آن الأوان وإن كان الوقت متأخراً، أن تبدأ السلطات الثلاث العمل بوحي من رؤى جلالة الملك التي تدعو الى تعزيز الديمقراطية وإعلاء المواطنة والهوية الأردنية الجامعة وإحداث تنمية حقيقية على الصعيد الاقتصادي، كما آن الأوان لأن تصدر قوانين غير قابلة للاجتهاد وكفى إصدار تشريعات لا تخدم غالبية المواطنين لحساب كبار الأثرياء، وكفى الاجتهاد في بعض القضايا لخدمة قوى متنفذة سياسياً واقتصادياً، وآن الأوان لتعزيز الحرية التي ترسخ وحدة الجبهة الداخلية ومنعتها وقوتها ما يحفظ الأردن شعباً ووطناً..

* الكاتب هو رئيس جمعية جذور لحقوق الإنسان