حقوقيون: إبعاد طالب سوري يعد انتهاكا للقوانين.. ودعوات لوقف القرار

الرابط المختصر

قرار وزارة الداخلية بإبعاد لاجئ سوري بعد اعتقاله أثناء تغطيته لمظاهرة داعمة لقطاع غزة في محيط سفارة الاحتلال الإسرائيلي، أثار موجة من القلق والاستياء، نظرا لما يشكل تهديدا على حياته، في وقت يعتبره قانونين بأنه خرق للقوانين الدولية التي تمنع إعادة ترحيل الأفراد إلى بيئات تشكل خطرا على حياتهم.

في إطار الاتفاقيات الدولية التي وقعها الأردن، منها اتفاقية منع التعذيب، تنص على حماية حقوق اللاجئين وتمنع ترحيلهم إلى بيئات تهدد حياتهم.

واستنادا إلى ذلك، وجهت العديد من منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وتقرير "هيومن رايتس ووتش"، نداءات متكررة للسلطات الأردنية لوقف عمليات الترحيل القسري، ووقف قرار الترحيل الوشيك بحق طالب إعلام سوري يواجه خطر الاضطهاد إذا أعيد قسرا إلى سوريا.

وتنص المادة 21 من الدستور على عدم جواز تسليم اللاجئين السياسيين بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية، وكما أنها تركت إجراءات تسليم مرتكبي الجرائم من اللاجئين إلى الاتفاقات الدولية.

 

من اللاجئ أبو سالم

في التفاصيل، اعتقلت الأجهزة الأمنية عطية محمد أبو سالم، البالغ من العمر 24 عاما والطالب في كلية الإعلام في جامعة اليرموك، في 9 من نيسان الشهر الحالي، أثناء مشاركته مع صديقه الأردني الذي اعتقل هو الآخر، لتصوير مظاهرة في عمان في منطقة الرابية للتضامن مع أهالي غزة.

ولجأ أبو سالم وعدد من أفراد عائلته من محافظة درعا في جنوب سوريا، كطالبي لجوء لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "منذ العام 2013.

اتفاقية حماية اللاجئين رقم 429، التي تلزم بها الأردن، تنص على أنه لا يجوز للدولة أن تبعد اللاجئ بسبب دخوله إقليمها بطريقة غير مشروعة، يحظر القانون إبعاد اللاجئ إلا بقرار قانوني صادر عن الدولة، ويتيح للمعنيين الاستئناف أمام المحكمة ضد هذا القرار، مع منح اللاجئ مهلة للجوء إلى دولة أخرى، وحتى لو كان قرار الإبعاد مشروعا، تمنع المادة 33 من الاتفاقية إبعاد اللاجئ إلى بلد يشكل خطرا على حياته.

وتحظر المعاهدة أي دولة متعاقدة من طرد اللاجئ أو إعادته بأي شكل من الأشكال إلى بلاد حيث يتعرض للتهديد بسبب عوامل مثل العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء الاجتماعي أو الرأي السياسي.

 

خطر الإبعاد

منذ بداية عملية" طوفان الأقصى "اعتقلت الجهات الأمنية عددا من الناشطين والحزبين الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي، أو شاركوا في الدعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي، ووجهت اتهامات إلى بعضهم بموجب قانون الجرائم الإلكترونية.

وسط تأكيدات لمديرية الأمن العام بأنها ستتصدى بحزم لكل من يخترق أمن المجتمع ويستهدف التخريب والإضرار بالممتلكات والحياة العامة، حيث قامت وزارة الداخلية بالإفراج عن 15 شخصا من موقوفي الرابية ليرتفع عدد المفرج عنهم إلى 55 حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.

المحامية والمستشارة القانونية هالة عاهد تشير إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية تستند إلى القوانين المحلية التي تمنح الوزير الصلاحيات لاتخاذ قرارات بالإبعاد في حالة مخالفة الأفراد لتلك القوانين، لكن هذه القرارات قد تتعارض مع الاتفاقيات الدولية، خاصة في حالة الأشخاص الذين يطلبون اللجوء.

وتوضح عاهد أن هذه القرارات تتعارض مع القوانين المحلية، باعتبار الطالب أبو سالم لم يرتكب أي من الجرائم التي تهدد أمن الدولة أو يخالف القوانين الدولية، ولم يعرض أمام المحكمة بتهمة مخالفة لقانون الإقامة.

وتؤكد أن هناك انتهاكات كبيرة لحقوق الناشطين والمعتقلين، والسلطات بالعادة تقوم بتنفيذ قراراتها دون تبرير للانتهاكات.

في هذه الحالة، بحسب عاهد يمكن التقدم بالطعن في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية، وقد تطوعت إحدى منظمات حقوق الإنسان للمساعدة في ذلك، لكن الأمر الخطير هو عدم حصول هذه المنظمة على قرار مستعجل لوقف تنفيذ قرارات الإبعاد، ومن المتوقع أن تسعى الجهات الأمنية تنفيذ قرار الإبعاد.

يواجه الطالب وائل العشي نفس المصير، حيث تم إصدار قرار بإبعاده، مما يشكل خطورة على حياته، نظرا لكونه مطلوبا في سوريا للتجنيد الإجباري، على الرغم من عدم مشاركته في التظاهرات، ووجوده كلاجئ في الأردن لسنوات طويلة.

 

هيومن رايتس ووتش

في تقرير صادر عن عن هيومن رايتس ووتش يقول آدم كوغل نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة" السلطات الأردنية على وشك ترحيل طالب سوري عمره 24 سنة قضى نصفها في الأردن دون اتهامه بارتكاب جريمة أو عرضه أمام هيئة قضائية، ولمجرد محاولته توثيق مسيرة تضامنية مع غزة. يجب ألا يواجه أي أحد الترحيل دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، لا سيما عندما تكون حياته وسلامته في خطر ".

قال كوغل،" استعجال الأردن في ترحيل طالب إعلام سوري بشكل غير قانوني لمجرد محاولته توثيق احتجاج سلمي مؤيد لفلسطين يثير قلقا بالغا ويسحق الحق في حرية التعبير ومبدأ عدم الإعادة القسرية ".

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أحمد الصاوي، المحامي في لجنة الحريات في" نقابة المحامين الأردنيين "، والذي يمثل أبو سالم؛ وهديل عبد العزيز، المديرة التنفيذية في" مركز العدل للمساعدة القانونية ، الذي يمثل محاموه أيضا أبو سالم في الإجراءات الإدارية؛ وإلى أحد أقارب أبو سالم في الخارج.

قال المحامون إن أبو سالم محتجز إداري بأمر من محافظ عمان دون تهمة ودون عرضه على النيابة العامة أو قاض. أصدرت وزارة الداخلية الأردنية أمر ترحيل ضد أبو سالم رغم أنه يحمل وضع طالب لجوء. طلب محامو مركز العدل نسخة من الأمر، واستأنفوه أمام المحكمة الإدارية الأردنية في 15 نيسان.

أخبر محامون هيومن رايتس ووتش عن حالة أخرى يتعرض فيها سوري في الأردن لخطر الترحيل على خلفية الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، وحالة أخرى تتعلق بمواطن سوري ولد في الأردن وأمه أردنية ألغي أمر ترحيله بعد تدخل المحامين والناشطين في قضيته.