حديث التكاسي: وجبات خفيفة بعضها يغلفه الدسم

الرابط المختصر

لمن اعتادوا استخدام سيارات الأجرة وخاصة التكسي للتنقل في عمان يعتبر تبادل الحديث -الإجباري- في حالات كثيرة مع السائق أمر اعتيادي.وهو في حالات حاجة متبادلة بين الزبون والسائق ولكنها في حالات أخرى واقع عليك احتماله بحسب الوقت الذي يستغرقه الوصول للمكان الذي تقصده.
ويتنوع هذا الحديث ما بين شكوى اعتيادية وحقيقة من أزمات المرور والطقس والأسعار وما بين قصص بالغة الطرافة لا تسمعها إلا في الوسائل الصفراء للنقل أو الإعلام لا فرق، فالغرابة والدهشة هما المحرك الأساسي لمجريات هذه القصص.
وبالتأكيد كنت أنا هذه المرة من تتملكها الدهشة لسماع قصة غريبة من سائق التكسي الذي أقلني، ولا أعرف هل هو الفضول الذي يلازمنا بحكم المهنة أم مجرد الكسل الصباحي الذي منعني من إيقاف حديثه، ولكن بالتأكيد القصة التي سمعتها كانت تستحق أن اسمعها للنهاية لدرجة أنني لم اسأل في البداية هل حدثت فعلاً أم لا.
وهو أمر معروف أننا اعتدنا سواء في الأردن أو خارجه على مبالغة بعض السائقين أثناء سردهم لقصص ونوادر قد تكون حدثت معهم فعلاً أو ربما سمعوها من غيرهم أو ببساطة في بعض الحالات اختلقوها لكسر جمود الطريق والملل اليومي الذي يستمر معهم وهم في دوامة الطرق وأزمات السير اليومية.
  وقصة اليوم بطلتها سيدة أنجبت لتوها وليداً في أحد المستشفيات وكانت تستقل للصدفة نفس التكسي الذي استقليتها بعدها بساعات، وللمفارقة قال السائق بدهشة وبصوت تطغى عليه ضحكة "أنها نسيت وليدها الذي يبلغ من العمر ساعات فقط  معه في السيارة، وهو لم ينتبه له إلا بعد ما يقارب الساعة بسبب أن المولود  كان نائماً"
ويتابع السائق "لم انتبه لوجود الطفل  إلا عندما سألني الزبون الجديد عن ماذا يفعل هذا المولود في الكرسي الخلفي للسيارة، بصراحة عقدت الدهشة لساني واجتاحني شعور غريب، ويضحك وهو يتساءل غريب هل هو حقيبة أو مجرد شيء ما لكي تنساه"
القصة لفتت نظري وعندما لاحظ أبو أحمد ذلك، استمر بالحديث دون الحاجة لأن يسمع مني أي سؤال خاصة عندما لاحظ أنني شغلت آلة التسجيل بانتباه" قلت للزبون أن يركب ونوصل الطفل لكنه رفض بحجة أنه لا يريد أن يتورط،وعدت وحدي إلى جبل المنارة حيث المكان الذي نزلت منه الأم"
 يقول أبو أحمد الذي تجاوز الخمسين ولكنه يحتفظ بمظهر شاب نوعاً ما لولا بداية صلع خفيفة تغيظه دون أن يعلن ذلك بصراحة "لا أخفي عليك أن بعض الخوف أصابني ولكن منظر الأم وهي تبكي على باب البيت أزال رعشة الخوف الذي تملكتني من احتمال أن تكون هناك مشكلة وراء هذه القصة واحترت أن أذهب للشرطة أم أعود للأم وبعد فترة وجيزة  فضلت الخيار الأخير"
ويشرح أبو أحمد" يبدو أن هذه القصة الغريبة سببت مشكلة بين أم الطفل وأم زوجها التي كانت ترافقها بنفس التكسي وفهمت أن خلافاً نشب بينهما حتى قبل ضياع الطفل بسبب رفض الأم من الأساس السماح لحماتها بحمل الطفل وواضح أن كلاهما اعتمدت على الأخرى لحملة لحظة نزولهما من التكسي"
ويستمر أحمد بسرد تفاصيل اللقاء بوتيرة متسارعه ويصف قبلات الأم لوليدها وأول كلمة قالتها مؤنبة إياه" بدأت بالضياع منذ الآن لسا بكير"  
ورغم وصول القصة لنهايتها واكتفائي من كل التفاصيل الصغيرة المدهشة التي سمعتها منه إلا أنه استمر بالحديث والتعليق الساخر حتى بعد وصولي للمكان المقصود ولم يوقفه إلا إغلاقي للباب خلفي وربما أستمر بعد ذلك بدقائق ....
وقد لا تختلف هذه القصة عن غيرها إلا ببعض التفاصيل عندما اضطر أحد السائقين الاشتباك مع شاب "أزعر" وتحطيم زجاج سيارته دفاعاً عن إحدى الفتيات التي يقلها، أو آخر الذي يروي تفاصيل خدمته كسائق شخصي لأحد الشخصيات المهمة..
هذه القصص وغيرها وجبات خفيفة نتناولها باستمرار في سيارات التكاسي بعضها ننقله لغيرنا والبعض الآخر نكتفي بسماعه فقط وهو لا يريبنا بقدر سماعنا سؤال من سائق ما" شو رأيك بالحكومة"
 

أضف تعليقك