جمع العمل والدراسة:دعم مادي واعتماد على النفس
ما أن تدق ساعة انتهاء المحاضرات الجامعية حتى تراهم مسرعي الخطى نحو جزء آخر من حياتهم، ليتحولوا من طلبة جامعيين إلى أشخاص قادرين على الاعتماد على أنفسهم وإيفاء متطلباتهم الحياتية بنفسهم،لأسباب عدة قد تكون الحاجة المادية أو التسلية أو الرغبة بالاستقلالية وحب العمل.
الطلاب اختلفوا فيما بينهم في الأسباب التي تدفعهم إلى الجمع بين العمل والدراسة، والآثار التي يتركها هذا الأمر عليهم.
فرماح تحلم بأن تعمل منذ أن كانت صغيرة، لذلك عندما بدأت دراستها الجامعية باختيار التخصص الذي يتوافق مع ميولها ألحت على والدها حتى سمح لها بالعمل بل وساعدها في الحصول على عمل مناسب.
وعن الآثار التي تركها العمل على شخصيتها وحياتها تؤكد رماح أن مداركها تطورت وأصبحت معرفتها أوسع، لكن العمل مع الدراسة اضطرها أن تحد من نشاطاتها الاجتماعية بعض الشيء، وقد يكون أثر على دراستها الجامعية لكن بشكل غير مباشر إذ أصبحت تفوت حضور بعض المحاضرات.
وعن الفائدة التي جنتها من عملها وهي طالبة تنظر رماح إلى الفائدة المعنوية من ذلك مؤكدة أن عملها الحالي سيفتح لها أبواباً كثيرة في المستقبل.
روان الجيوسي بدأت تفكر بالعمل إلى جانب دراستها الجامعية نظراً لوقت الفراغ الكبير الذي توفر لديها بعد البدء في الجامعة، فاختارت مجالاً قريباً من مجال تخصصها الجامعي بحيث أصبح عملها بمثابة تدريب عملي على ما تدرسه من مواد، وأصبح العمل إلى جانب الدراسة جزءاً مهماً من حياتها.
وتؤكد روان أن للجمع بين العمل والدراسة آثاراً ايجابية إذ تجد نفسها أكثر جرأة وقوة، كما أنها اكتسبت خبرة عملية وأكاديمية كونها تعمل في نفس مجال تخصصها، فضلاًَ عن العائد المادي الذي مكنها من أن تكون مستقلة في حياتها مادياً ومعنوياً.
وعن سلبيات الجمع بين العمل والدراسة تؤكد روان أن الأمر كان مرهقاً بعض الشيء، فضلاً عن عدم تمكنها من إنشاء علاقات مع زملائها في الجامعة، نظراً لمغادرتها الجامعة فور انتهاء محاضراتها للحاق بالعمل.
تختلف حالة موسى عن روان ورماح فهو قد دخل مجال العمل وهو لا زال على مقاعد الدراسة نتيجة الحاجة المادية إذ يقول أنه "وجد نفسه غير قادر على متابعة دراسته الجامعية دون أن يعمل، وحيث أنه مدرك لأهمية الشهادة الجامعية قرر أن يجمع بين الاثنين، مؤكدا أنه لو خير بين أن يجمع بين الدراسة والعمل أو أن يتفرغ للدراسة لاختار الدراسة وحدها.
وحول الآثار التي تركها هذا الأمر عليه يؤكد موسى أن العمل إلى جانب الدراسة سبب له تعباً نفسياً وجسدياً، وضغطاً كبيراً ، لكنه من ناحية أخرى مكنه من عمل علاقات مع الكثير من الأشخاص، تاركاً إياه أكثر نضجاً ووعياً وأكثر إدراكاً لقيمة الأشياء، فضلاً عن العائد المادي الجيد الذي يجنيه من العمل.
وعن مجالات العمل المفتوحة أمام الطالب الجامعي، يرى موسى أن المجالات متنوعة وإنما على الإنسان أن يضع هدفه نصب عينيه، مشيراً إلى أن المجال الذي يعمل به ليس بعيداً عن تخصصه إذ أنه يدرس التسويق وإدارة الأعمال ويعمل في أحد الفنادق.
ويوافقه مراد الطرمان الذي التحق بالعمل وهو طالب جامعي نظراً لوضعه المادي وسعيه إلى تسديد أقساط دراسته الجامعية، ويرى مراد أن العمل قد حقق له فوائد مادية ومعنوية، مؤكداً أنه اكتسب الكثير من الخبرات العملية والإنسانية من خلال عمله، فضلاً عن تمكنه من تغطية نفقاته.
سلوى الرمحي ابنتها تعمل منذ حوالي عام ونصف تقول أنها لم تعارض فكرة عمل ابنتها التي كان حلم استكمال دراستها الجامعية يراودها منذ وقت طويل، الأمر الذي تمكنت منه عند بدئها بالعمل، وحول آثار عمل ابنتها على حياتها وشخصيتها ترى سلوى أن العمل جعل من ابنتها إنسانة ذات شخصية أقوى، قادرة على الاعتماد على نفسها، لكنها تستدرك فتقول أن هذا الأمر سبب الإرهاق لابنتها، مؤكدة أنه لا بد أن يؤثر على سير دراستها.
يقول أحمد حنفية مالك أحد المطاعم في شارع الجامعة أن هناك " نسبة لا بأس بها " من الطلاب والطالبات الذين يعملون لديه، وحول طبيعة عمل هؤلاء يشير حنفية أن أغلبهم يعملون بنظام الدوام الجزئي ليتمكنوا من الموافقة بين عملهم ودراستهم.
وعن التخصصات الجامعية التي يدرسها هؤلاء الطلبة يقول حنفية أن أغلبهم يأتون من الكليات الإنسانية وكليات الإقتصاد والإدارة.
ويؤكد حنفية أن إدارة مطعمه تعمل على التعاون مع هؤلاء الطلاب وتحدد أوقات عملهم بناءً على ما يتناسب مع دراستهم الجامعية، لتمكينهم من الجمع بين الدراسة والعمل.
أما عن الأسباب التي تدفع الطلاب للعمل فيرى حنفية من خلال تعامله مع العاملين لديه من الطلاب، أن الحاجة المادية ليست السبب الوحيد وراء العمل، إذ بعضهم يعمل لكي يصقل شخصيته ويعتمد على نفسه، كما يعمل البعض الآخر لتعبئة وقت الفراغ.
الباحث في القضايا الإجتماعية والتنموية د. حسين الخزعي يرى أن ظاهرة جمع الشباب بين العمل والدراسة هي ظاهرة موجودة في المجتمع الأردني بكثرة، إذ يلاحظ هو من خلال موقعه كأستاذ جامعي عدداً كبيراً من الطلاب يعملون وهم على مقاعد الدراسة.
ويرى الخزعي أن الوضع الاقتصادي السيء وكبر حجم الأسر هي أكثر الأسباب التي تدفع الشباب للعمل وهم على مقاعد الدراسة ليخففوا الأعباء الملقاة على عاتق أسرهم.
ويؤكد الخزعي أن العمل من أنبل القيم التي يتميز بها الإنسان مشيراً إلى أن المجتمع ينظر لهؤلاء الشباب نظرة مشجعة، ويحترمهم كونهم يحملون أهدافاً نبيلة ويعتمدون على أنفسهم ليكملوا طموحهم ويحققوا هذه الأهداف.
وعن أثر العمل إلى جانب الدراسة على شخصية الفرد يرى الخزعي أن هذا الأمر يؤدي إلى تكامل الشخصية ونموها وخلق شخصية مرنة تتقبل كافة الظروف وتتعايش معها، مؤكداً أن عمل الشباب في المرحلة الجامعية يفتح أمامهم أبواب العمل والفرص في المستقبل.
يذكر أن المجالات التي يعمل بها الطلبة وهم على مقاعد الدراسة متنوعة لكنها تتركز في العمل في المطاعم، والمقاهي، والفنادق، ومقاهي الإنترنت.
إستمع الآن











































