ثلاثة الاف دينار لكل نائب
قامت الدنيا ، ولم تقعد على زيادة النواب بخمسمائة دينار شهريا ، وزيادة مخصصاتهم ، على اصعدة السكن والضيافة والاتصالات.
قد لايعرف كثيرون سرا يتعلق بأن النواب ذاتهم غير راضين ابدا ، على زيادتهم ، فهم طلبوا من رئيس الوزراء - وهذه معلومة مؤكدة - ان تتم زيادة رواتبهم ثلاثة الاف دينار شهريا ، دفعة واحدة ، من اجل ان يصبح راتب النائب الاجمالي اربعة الاف ونصف ، منها الف وخمسمائة دينار الراتب المعروف بالاضافة الى الثلاثة الاف الزيادة الجديدة ، ولم يقبل رئيس الحكومة ان تتم زيادة النواب ، الى هذا المبلغ المرتفع جدا ، برغم انهم راجعوه مرارا ، تحت مسمى انهم يتعرضون لضغوط ومطالب ، وانهم يصحون من الرابعة فجرا ، وهناك من يطرق بابهم مراجعا او طالبا مساعدة مالية ، ومنهم من يأتي من خارج المحافظات ، ولايمتلك حتى اجرة العودة ، مما يجبر النائب على منحه عشرة دنانير او عشرين دينارا.
شبعنا نقدا للنواب ، ولما يفعلون ، ودعونا نناقش الموضوع بهدوء شديد ، فهل النائب حين وصل الى موقعه ، كان مجبرا ، وهل راينا الجماهير تحاصر منزل اي شخص لاجباره على الترشح ، وهل شهدنا اي مسيرات او مظاهرات جماهيرية ، من اجل اقناع اي شخص على الترشح... لم نشهد اي مشهد من هذه المشاهد ، وكنا دوما نقول ان لدينا فائضا في عدد المرشحين ، وصل قرابة الالف ، والعمل النيابي ، هو عمل طوعي وتطوعي ، يأتي الفقير والغني ويترشحان لخدمة الناس ، ويترشحان بمحض ارادتهما ، لا... تحت وطأة الضغوط الشعبية ، وعمل طوعي وتطوعي من هذا القبيل ، لايجوز ان يدفع الاردني ودافع الضريبة ، ثمنه من جيبه ، وحين ترشح اي شخص ، كان يعرف مسبقا ، ان راتب النائب هو الف وخمسمائة دينار ، وكان يعرف الى اين هو ذاهب ، وماهي المسؤوليات التي تنتظره ، وقد كان بالامكان ان يختصر الطريق منذ اليوم الاول ، فلا يترشح للنيابة ، لكنهم يفعلون العكس ، فالمرشح الفقير يريد تحسين احواله على حسابنا ، ويريد تسديد ديون حملته الانتخابية ، عبر اموالنا التي سندفعها لرفع راتبه ، والمرشح الغني ، يريد ان يخفف خسائره التي هدرها على بطون الناخبين الفقراء ، عبر المناسف والاف الامتار المربعة من الكنافة وانهار السكر والقهوة التي سالت على ارض الاردن ، بل يحملنا المرشح الغني الجميلة تلو الجميلة انه قبل وتواضع ان يترك مصالحه ويتفرغ للعمل النيابي من اجل الناس فقط ، والناس ، فقط.
اصدقاء كثر من اعضاء مجلس النواب ، يقولون لي ان المبلغ الذي كان النواب يطمحون اليه ، لايسدد احتياجاتهم الشتى ، فالناخبون يطرقون ابوابهم ، على العيد وقبل رمضان ، وعند دفع رسوم المدارس والجامعات ، والفقراء والايتام والمؤلفة قلوبهم ، كلهم يطرقون ابوابهم ، وراتب النائب لايغطي بنزين سيارته ، ويقول هؤلاء"انتم تتجنون على مجلس النواب وتلطخون سمعته ، واذا اردتم نائبا للتشريع والخدمات فقط وليس دفع العشرات والعشرينات ، فأرسلوا لنا ناخبا ، يؤمن بدور النائب التشريعي والرقابي ، لا..طلب العشرات والعشرينات ، وبقج المساعدات الغذائية ، وغير ذلك".
في كل الاحوال ، الناس لم تعد تحتمل اي خبر ، فمجموع الزيادات التي حصل عليها النواب ، تصل قرابة الالف دينار ، غير راتبه الاصلي وبدل الاسكان ، وبقية الامتيازات ، واذا كان النواب يناقشون فيما ينفقون ، وماعليهم من التزامات ، فالاولى ان يتذكر هؤلاء جميعا ، اننا لم نجبر احدا على الترشح ، ومن ترشح ، كان يعرف ان موقعه الجديد ، طوعي وتطوعي ، ولايجوز ان يتحول النواب من مدافعين عن حقوق الناس ، الى شركاء في مال الضريبة التي يدفعها الناس ، فنعمل هكذا لاجلهم بدلا من ان يعملوا لاجلنا.
*نقلا عن الدستور الاردنية