عمّال القوارب الزجاجية يواجهون صراع البقاء
يُشكل قطاع القوارب الزجاجية جزءً مهماً من قطاع السياحة في محافظة العقبة، فهو يوفر فرصة عمل لما يُقارب 260 شاب من العقبة، بالإضافة إلى أنه يوفر للسياح فرصة للاستمتاع بجمال خليج العقبة ومشاهدة الشعاب المرجانية متعددة الألوان والكائنات البحرية الأخرى.
فيما، يشكو أصحاب القوارب والعاملون عليها من ارتفاع الرسوم المفروضة عليهم من قبل سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والتي أثرت بشكل كبير على مداخيلهم، وبخاصة أنهم يعملون بالمواسم ويتأثر عملهم بالعوامل الجوية وحركة السياحة الداخلية والخارجية.
وفي الوقت الذي يواجه أصحاب القوارب الزجاجية والعاملين عليها تحديات عديدة تعيق نمو أعمالهم، يشعرون بالقلق إزاء مستقبل عملهم، حيث أن هذه التحديات قد تؤدي إلى توقف العديد من القوارب عن العمل، وبالتالي فقدان فرص عمل للعديد من الأسر.
آمال بتحسين عمله
في قلب خليج العقبة النابض بالحياة، تكمن قصة الشاب علي البيومي، الصياد الذي تحول إلى ملّاح حاملاً معه إرثاً من البحر وأحلاماً مستقبلية بتحسين بيئة عمله والتي بدأت رحلته مع البحر منذ صغره.
ورث البيومي عن أجداده مهنة الصيد، ومع مرور الزمن وتغير الظروف البيئية وتزايد أعداد السياح قرر أن يغامر ويغير مسار حياته، فكانت بداية رحلته للعمل على القوارب الزجاجية، تلك النوافذ الشفافة العطلة على أعماق البحر والتي تكشف عالم البحار الخفي، وتقدم للسياح تجربة لا تُنسى من الكائنات البحرية والشعب المرجانية متعددة الألوان.
يقول البيومي في حديثه لـ"صوت شبابي" إنه رغم حبه لعمله الذي عكس صورة جميلة عن الأردن وتراثها البحري، فقد يواجه العديد من التحديات، فالعمل في مجال السياحة البحري يتأثر بشكل كبير بالحركة السياحية، والتي تتأثر بشكل واضح، وحالياً تأثرت كثيراً بالحرب على قطاع غزّة ولبنان.
ويشير إلى أن أصحاب القوارب الزجاجية يعانون من نقص الدعم الحكومي، وبخاصة بعد توقف الدعم الذي كانت تقدمه سلطة منطقة العقبة الاقتصادية وجمعية القوارب الزجاجية.
ويستدرك بأن جائحة كورونا والعواصف الشديدة مثل عاصفة التنين منذ سنوات تسببت في خسائر فادحة للعديد من أصحاب القوارب والعاملين عليها وخسروا قواربهم وأعمالهم.
ويأمل البيومي أن يشهد قطاع السياحة البحرية في العقبة تطوراً كبيراً، وتدعم الجهات المعنية أصحاب القوارب الزجاجية والعاملين عليها وتضمن لهم توفير بيئة عمل مناسبة.
ويشدد على أهمية التعاون بين أصحاب القوارب والعاملين عليها والمكاتب السياحية، لتقديم باقات سياحية متكاملة تلبي احتياجات السياح، وتطوير البنية التحتية السياحية في العقبة لجذب المزيد من السياح.
رسوم مرتفعة وبيروقراطية
فيما، يقول ممثل أصحاب القوارب الزجاجية إيهاب الهلاوي في حديثه لـ"صوت شبابي" إن عدد العاملين على القوارب الزجاجية يُقارب 240 عامل، وجميع القوارب من الصنع المحلي، والأجور التي يحصل عليها كل عامل تكون باتفاق مع صاحب القارب ضمانة إما يأخذ النصف أو الثلث.
ويوضح أن نظام العمل على القوارب الزجاجية المتبع وفق أوامر صادرة عن جمعية القوارب الزجاجية، وعدد ساعات العمل بفصل الصيف يُقارب 14 ساعة وفي فصل الشتاء يُقارب 12 ساعة. ولا يعملون بشكل يومي وإنما في أيام العطل والمناسبات.
ويلفت الهلاوي وهو أيضاً مالك أحد القوارب الزجاجية وعامل عليه أن سلطة العقبة فرضت موخراً رسوم مقدارها 180 ديناراً سنوياً (15 ديناراً شهرياً) على كل قارب بدل اصطفاف، بالإضافة إلى رسوم أخرى للترخيص والتأمين مقدارها 35 ديناراً سنوياً، مما زاد من الأعباء المادية على العاملين.
ويكشف أن سلطة العقبة أجبرت أصحاب القوارب والعاملين عليها على توقيع عقود إيجار لقطعتي أرض في منطقة بعيدة عن الشاطئ، لاستخدامها في صيانة القوارب رغم ارتفاع تكلفة الإيجار، وتصل كلف الصيانة السنوية للقارب الواحد 700 دينارا وأربعة دنانير بدل مكان صيانة.
ويشير إلى أن هذه الإجراءات أثرت وتؤثر بشكل كبير على سبل عيش العاملين في هذا القطاع، حيث أن معظمهم لا يجدون فرص عمل أخرى، وأن هذا العمل هو مصدر رزقهم الوحيد.
ويطالب الهلاوي بالتراجع عن الرسوم المفروضة مؤخراً وتخفيف الأعباء المالية عليهم وتوفير بيئة عمل مناسبة وتسهيل الإجراءات الروتينية للعاملين على القوارب، وتقديم الدعم اللازم لهذا القطاع الذي يُسهم في تنشيط السياحة في العقبة.
مطالب بتطوير العمل
من جهته، يقول رئيس جمعية القوارب الزجاجية أحمد عايش في حديثه إلى "صوت شبابي" إن عدد القوارب المسجلة في الجمعية 98 قارب، والعاملين عليها قد يتعرضون لمخاطر عديدة، أبرزها خطر تحطم القوارب في الظروف الجوية بسبب العواصف الشديدة، بالإضافة إلى عدم وجود تأمين صحي أو ضمان اجتماعي للعاملين في هذا القطاع.
ويؤكد أن أصحاب القوارب الزجاجية والعاملين عليها يواجهون تحديات عديدة تعيق نمو أعمالهم، حيث طالبوا سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بتقديم المزيد من التسهيلات لتطوير هذا القطاع السياحي المهم.
ويشير إلى أهمية السماح لجميع الفنادق الشاطئية بتحميل وتنزيل الركاب من القوارب، وتوسيع المناطق المسموح فيها بإرساء القوارب لتكون عشرة أماكن بدلاً من ثلاثة أماكن فقط، وذلك لزيادة فرص السياح لتجربة هذا النشاط السياحي المميز.
ويلفت إلى أن جائحة كورونا والحرب الإقليمية الحالية أثرت بشكل كبير على قطاع السياحة في الأردن، مما أدى إلى تراجع عدد السياح وتأثير سلبي على مداخيل أصحاب القوارب.
ويأمل أن تستجيب سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لمطالبهم، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لدعم هذا القطاع وتطويره، ما يُسهم في تنشيط السياحة في المنطقة وزيادة مداخيل العاملين وأسرهم.
ويطالب بتوفير مظلات وأكشاك على الشاطئ لتسهيل عملية تنظيم الدور، وزيادة اعداد المواقف للقوارب في أماكن قريبة من المناطق الشاطئية، وتخفيض رسوم استئجار الأرصفة، وتسهيل إجراءات الصيانة والإصلاح، وتبسيط الإجراءات وحصول أصحاب القوارب الزجاجية على التراخيص والموافقات اللازمة لممارسة أعمالهم.
سلطة العقبة لا تُجيب.. ونائب يؤكد
فيما، حاول "صوت شبابي" الإتصال مراراً وتكراراً بسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، لمعرفة ما إذا كان لديها خطط بالتراجع عن الرسوم التي فرضتها وتقديم الدعم للعاملين على القوارب الزجاجية، إلا أنه لم يتلق أي رد.
بدوره، يؤكد النائب حسن الرياطي في حديثه لـ"صوت شبابي" إن الرسوم المفروضة مؤخراً على القوارب الزجاجية في ظل تأثر قطاع السياحة في الحرب الإقليمية يجب التراجع عنها.
ويطالب بتقديم الدعم اللازم من قبل الجهات المعنية للقطاع السياحي في العقبة، في وقت تشهد فيه الحركة السياحية ركود، وبخاصة العاملين على القوارب الزجاجية.