ثلاثة أشقاء يفوزون بجوائز بحوث علمية

ثلاثة أشقاء يفوزون بجوائز بحوث علمية
الرابط المختصر

لا يمكنك إلا أن تقف منبهرا أمام الإبداع والطموح، وحينما يأتي التميز من أشقاء من عائلة واحدة في مسابقة بحوث لطلبة الجامعات الأردنية، كلٌ عن بحثه الخاص، تزيد دهشتك وتعلن إعجابك.وهؤلاء الأخوة المتفوقين وهم جمانة وأشجان ومحمد حامد شديفات فازوا في برنامج المسابقة الثامنة لبحوث طلبة الجامعات الأردنية والتي أقامها مركز دراسات الشرق الأوسط، وبالتعاون مع عدة جامعات أردنية.

هذه العائلة المكونة من الأب رجل الأعمال والأم المعلمة المتقاعدة، هي التي تقف وراء طموح وتميز  الأبناء المبدعين، فالثلاثة يحملون درجات علمية عالية، جمانة تحضر لدرجة الدكتوراة وشقيقتها أشجان أنهت دراسة الماجستير وتستعد لدراسة الدكتوراة، وشقيقهما محمد يدرس سنته الأخيرة في الطب.
 
ويقول رئيس اللجنة المشرفة على البحوث في مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد إن والدي الباحثين الثلاثة مثقفين ومتابعين متابعة دقيقة لأبنائهما ويقول " نحن كرمناهم تكريما معنويا وسنكرمهم ماديا لأنهم يستحقون التكريم منا كمجتمع لإنتاجهم ثلاث باحثين قبل تخرجهم من الجامعات، وهذه ميزة خاصة لا تملكها كل أسرة وآمل أن تكون قدوة للأسر الأخرى، فالوالدين اجتهدا جهدا واضحا في اعداد أبنائهم للمستقبل كباحثين متميزين حتى في المقابلة العلمية من قبل هيئة التحكيم كان هناك إعجاب بفهمهم لأبحاثهم بشكل دقيق".
 
جمانة
جمانة حامد الشديفات، طالبة دكتوراه في العلوم التربوية في جامعة عمّان العربية للدراسات العليا، فازت عن بحثٍ متميز تحت عنوان "حوسبة التعليم في ضوء الإصلاح التربوي".
 
وحصولها على الجائزة حفزها أكثر لتتقدم وتنجز، وخاصة وأن بحثها مرتبط بطبيعة عملها كأستاذة جامعية وتقول "الجائزة تشكل لي حافزا للتقدم والإنجاز وخاصة أن مجال الجائزة هو البحوث العلمية والتي تهمني كثيرا في عملي كأستاذة جامعية، وتكسبني خبرة وأنا في طريقي للحصول على الدكتوراه.
 
وعن العلاقة العائلية التي تكمن وراء تميزها وأخوتها تقول "الفضل كله يعود لأبي وأمي فهما بنيا أسرة أساسها التفهم والصراحة، لقد تعبا معنا كثيرا، أمي التي خدمت في التربية والتعليم 28 سنة وحصلت على جائزة المعلم المتميز، وأبي الذي يشجعنا دائما، فهما الاثنين كانا قائمين على الرقابة القريبة البعيدة لنا وكانا دائما متابعين من أجل التصويب والتقويم لبعض الأخطاء التي قد نقع فيها ومن أجل التحفيز بنفس الوقت، فكان أي واحد فينا ينال أي شيء جيد كمجرد علامة جيدة مثلا كان ينال التحفيز والتشجيع من قبلهما ويوعد بتشجيع أكبر إذا نال الدرجة الأعلى، إضافة الى الفرحة التي كنا نراها في عيونهما حينما نحصل على درجة أو جائزة معينة".
 
تربى المبدعون على التواصل وتبادل المعلومات وتكميل بعضهم العض، وتقول جمانة "في البيت لنا عادات معينة فدائما نجلس كعائلة منفتحة على بعضها ونناقش كل الأمور التي تجري من حولنا، ودائما ما يسرد لنا ابي قصصا معينة علمية أو ادبية أو الدينية أو الفكاهية، ونتبادل الحديث ونقوم بعضنا البعض فنشأنا على أن نكون مكملين لبعضنا البعض".
 
 
أشجان
أما شقيقتها أشجان فقد أنهت الماجستير في المناهج والتدريس في جامعة عمان العربية للدراسات العليا، وأخذت جائزة التميز عن بحثها المقدم تحت عنوان "الإصلاح التربوي في ضوء الاقتصاد المعرفي من وجهة نظر طلبة جامعة آل البيت".
وتحضر الآن للبدء بدراسة الدكتوراه وتقول " كنت قد قمت بالبحث بشكل سريع جدا حينما اطلعت على إعلان المسابقة فقدمته، ولم يخطر على بالي أنني قد أحصل على جائزة وشعرت بالفرحة فهي أول جائزة أحصل عليها بالأبحاث فشكلت لي دافعا قوياً لأقوم بعمل بحث آخر والتقدم به بنفس المسابقة".
 
"والدي ووالدتي يقفان وراءنا، والفضل الكبير لهما" هكذا تؤكد أشجان وتتابع "لقد علمانا كيف نعتمد على أنفسنا وهما يشجعانا دائما لنطمح ونتفوق أكثر، ومساحة الحرية والصراحة التي يفتحاها أمامنا وسعت آفاقنا وتطورنا بها، دائما كانا يدعماننا، ويحفزاننا على التفوق والإبداع، ويشترون لنا الكتب ويناقشوننا في كل الأمور وفيما نقوم به ويصححان لنا أخطائنا ويتابعان مسيرتنا الأكاديمية".
 
محمد
وشقيقها محمد حامد الشديفات، طالب بكالوريوس في الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا، فاز أيضا عن بحثه الذي حمل عنوان "الكفايات الحاسوبية لمعلمي اللغة العربية في مدارس مرحلة الثانوية في مديرية التربية والتعليم للواء البادية الغربية في الأردن".
 
ويقول "هذه الجائزة معنوية اكثر منها مادية، واجهت مشكلة في اختيار عنوان البحثـ وما شجعني على اختيار هذا العنوان أن المدارس عندنا ضعف من ناحية المدرسين في استخدام أجهزة الحاسوب وحب الطلاب لاستخدامه اكثر، فحينما بقي الموضوع في بالي دعمت أختاي الفكرة وشجعتاني عليها وساعداني فيها وأكملت البحث بعدها".
نحن قدمنا اكثر من مرة بحوث وفزنا بمسابقات، وكان والداي دعم كبير في هذا، وهذه المرة فزنا نحن الثلاثة، فكان شعور والدي رائع أنهم حصدوا شيئاً هم أنتجوه".
 
المبدعون والدعم المطلوب..
"كنا نأمل أن تقدم لنا المؤسسات الحكومية دعما معنويا بتشجيعنا وتحفيزنا وإرشادنا باستمرار من قبل لجنة معينة تتابع معنا سير عملنا  لتعديل أي خطأ نقوم به من أجل الحصول على جيل متميز بإنتاجه وعطائه" بهذا تجيب جمانة حين سألناها عن الدعم الذي تتوقعه.
 
وتابعت "إضافة الى الدعم المادي مثل مكافأة الباحث، أو دعم مشروعاته البحثية فإقامة هذه المشروعات مرهقة ماديا احيانا وتتسبب في العزوف عن البحث نتيجة الإرهاق المادي من قبل الباحث فلو لاقت هذه المشاريع التي نقوم بها دعما ماديا لوجدنا أن الراغبين بالعمل البحثي كثيرين جداً".
 
وعن طموحاتها تقول "أطمح أن يكون لكل بحث نعمله ترويج في السوق، فالسلعة إذا لاقت رواجا تدفع بالمروج لإنتاج المزيد، فمثلا حينما كتبت في حوسبة التعليم أول ما تبادر الى ذهني أن أفيد فيه وزارة التربية والتعليم والجامعات فقد أخذت آراء الطلبة في الجامعات من ناحية إن كانت حوسبة التعليم جيدة أم لا وما هي المجالات المفتوحة أمامهم وهل تلاقي هذه المجالات رواجا لدى العينة المختارة، الدراسات التي نقوم بها لو بنيت على أساس معين وطبقت وأخذت بالاعتبار لوجدنا فيها نتائج مبهرة في الكثير من المجالات قد تغير وتبدل ومعروف أن الكثير من الأبحاث التي قام بها أكاديميون كانت سبا في تطور المناهج أو الدراسات المختلفة في التربية والتعليم على سبيل  المثال".
 
اما أشجان فترى أن على هذه المؤسسات توفير الدعم المادي أثناء عمل البحوث أيضاً وتقول "أتمنى أن ينشر بحثي حتى يكون دعما لي ولغيري، وأن يوفروا بعض الإمكانات المادية في توزيع الاستبانات والمقابلات وتوفير بعض المراجع أيضا، فقد واجهتني مشكلة كبيرة في الحصول على المراجع المناسبة أثناء قيامي بالبحث الأول، والآن أنا أواجه صعوبة في ايجاد المراجع لبحثي الجديد".
 
وعن كيفية التعامل مع بحوثهما القيمة تقول أشجان "لما لا تستفيد المؤسسات الحكومية من البحث المقدم، فنحن خرجنا بمجموعة من التوصيات فلما لا تطلع على هذه التوصيات وتحاول أن تطبقها في كل المجالات مثل مجال التربية والتعليم وتحاول أن تشجع الجيل وتتبناهم أكاديميا وعلميا وماديا وتستفيد في توظيف هذه الطاقات الإبداعية التي لدينا، وتدعمنا معنويا لنكمل المسيرة العلمية".
 
أما محمد فيقول "ما نطمحه من المؤسسات الحكومية أن تحفظ للباحث حقوقه، فكثير من البحوث يستفيد منها ناس آخرين ولا يحفظوا للباحث حقه فيما قام به وليس لهم فيها حق، وحتى يستطيع الباحث أن يثبت بحثه فنحن بعثنا بأبحاثنا الى لشام حتى نثبتها هناك ولأنه صعب تثبيتها في الأردن قليلا، أما بالنسبة للدعم المادي فهي شيء رمزي ويساعده بذات الوقت".
 
لا دعم...
المؤسسات الوطنية سواء الحكومية أو الخاصة لا تقوم بدعم المبدعين في المجالات العلمية والبحثية بشكل كاف، يقول رئيس اللجنة جواد الحمد حول هذا ويتابع "نحن نحاول أن نوجه الباحثين الى الجهات المناسبة للعمل فيها وحتى الآن هناك البنك العربي الإسلامي الدولي الذي يستقطب بعض هؤلاء المبدعين، وهناك مؤسسات أخرى تقابل بعضهم لتشغيله بحكم مجال التخصص، حاولنا أن نشجع الفائزين الارتباط بمراكز بحوث مثل مركزنا وغيرها من المراكز من أجل العمل وتطوير الإمكانات البحثية، لكن المشكلة التي يواجهها الطالب أو الطالبة أنهم وبعد التخرج يبحثون عن وظيفة مكتبية بدخل معين أكثر من اهتمامهم بالبحوث العلمية، فهم بحاجة لتبني حقيقي من قبل الجهات الابداعية".
 
ويتابع "حتى الآن ليس هناك مؤسسات لا قطاع خاص ولا حكومي تتبنى هؤلاء المبدعين لإعدادهم قادة فكر وإبداع، أو توظيفهم في أماكن تتناسب مع ميولهم البحثية والعلمية، نحن خاطبنا جهات وما زلنا نسمع وعود وليس هناك أي استجابة".
 
أما فيما يخص الكيفية التي سيتعامل المركز فيها مع البحوث الفائزة قال الحمد "سوف يتم نشر ملخص عن البحوث التي فازت أو نشرها كلها إن أمكن في مجلة المركز أو على الموقع وفي مجلات بعض الجامعات المشاركة في المسابقة، أما البحوث الأخرى تبقى بدون استفادة إلا إذا طورت وتقدمت لمسابقات لاحقة".
 
ليس هناك مجالا كافيا لاستيعاب كل التخصصات البحثية المبدعة، ودور المركز يتلخص في التشجيع ومحاولة تشغيل الباحثين في بعض الأعمال البحثية والعلمية، ويشرح الحمد "هذا يستلزم التعاون معهم على فترات متباعدة، لكن التوظيف بمعنى التوظيف ليس هناك مجال كفيل بتوظيف كافة التخصصات، فبعضها لا علاقة لنا بها كمركز أبحاث مثل موضوع المصارف الإسلامية مثلا أو موضوع الإعلام والشباب، هناك مؤسسسات ثقافية أخرى يفترض أن تهتم بهؤلاء الشباب مثل مؤسسات الإعلام ووزارة الثقافة فيجب أن تستقطب هؤلاء الباحثين كخبراء لديهم، ونحن حتى الآن لم نجد الحماسة من قبل المؤسسات لا الخاصة ولا الحكومية".
 
يذكر أن عدد الطلبة المسجلين في المسابقة الثامنة كان 236 طالباً وطالبة من مختلف الجامعات الأردنية، قدم منهم 26 طالباً وطالبة خططهم العلمية، فيما وصل إلى المرحلة النهائية من المسابقة 17 مشاركاً، قدموا بحوثهم خلال الفترة المحددة التي انتهت في شهر تشرين الثاني من العام الماضي 2005.
 
وفاز بالمركز الأول الطالب محمد عبد اللطيف سليمان الشريفات، دكتوراه جغرافية سياسية بالجامعة الأردنية، وقد حصل على جائزة مالية مقدارها 700 دينار، عن بحثه المقدم تحت عنوان "دور الإعلام في تفعيل المشاركة السياسية لدى الشباب الأردني"، فيما حجبت الجائزة الثانية والثالثة، وقدمت الجوائز التشجيعية للبحوث المتميزة لخمس من المتقدمين كانت جمانة وأشجان ومحمد حامد شديفات من بينهم.

أضف تعليقك