توتر العلاقة بين عمّان وتل أبيب.. قطيعة محتملة أم زوبعة ستمر؟

توتر العلاقة بين عمّان وتل أبيب.. قطيعة محتملة أم زوبعة ستمر؟
الرابط المختصر

مع استمرار حالة التوتر الحاصلة بين الأردن و"إسرائيل"، والتي لم تؤثر بعد على العلاقة الاستراتيجية بينهما، توقع خبراء سياسيون أن يجري التوصل لصيغة "شكلية" تنهي تلك "الزوبعة"، لتمر سحابة الصيف تلك بما يحفظ للأردن كرامته، مع عدم المس بالحارس الإسرائيلي القاتل.

 

فكفكة الأزمة

 

وتسبب مقتل مواطنيْن أردنييْن على يد حارس أمن إسرائيلي بالسفارة الإسرائيلية في قلب عمان، في توتر العلاقة بين الجانبين، وزاد هذا التوتر استهتار "تل أبيب" بالمطالبة الأردنية بمحاكمة الحارس، واستقباله بحفاوة من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بعدما سمحت عمان بمغادرة طاقم السفارة بمن فيهم الحارس، وهو ما اعتبر استفزازا لمشاعر الأردنيين وإهانة لحكومتهم وملكهم.

 

وكشف الإعلام الإسرائيلي الجمعة الماضي، عن قيام منسق عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اللواء يوآف مردخاي، بزيارة لعمان لفكفكة الأزمة وإعادة فتح السفارة الإسرائيلية في عمان، وفق ما ذكرته "هيئة البث الإسرائيلية".

 

 

وألمحت تقارير إسرائيلية، إلى فشل مردخاي في زيارته، حيث أعلن وزير الإعلام الأردني محمد المومني، أنه "لن يصار إلى فتح السفارة الإسرائيلية في عمان إلا بعد أن تتم تحقيقات جدية ومحاكمة القاتل زيف".

 

وأكد المحلل العسكري الإسرائيلي لدى صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هرئيل، أن "الأزمة الإسرائيلية مع الأردن، مستمرة في التعقيد"، موضحا أن "عمان غاضبة، ولا تريد أن تعيد السفيرة التي شاركت في الاحتفالات التي نظمها نتنياهو، للحارس عند عودته إلى إسرائيل".
 

وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، إبراهيم أبو جابر، أن "العلاقات المتوترة بين عمان وتل أبيب، لم تعد بعد لسابق عهدها، ولكنها في ذات الوقت لن تصل لحد القطيعة الكاملة بين الجانبين".

صيغة توافقية

 

ورجح في حديثه لـ"عربي21"، "دخول واشنطن على الخط وربما معها القاهرة، للبحث عن صيغة توافقية بين عمان وتل أبيب، تساهم في تليين الموقف الأردني".

 

ولفت أبو جابر، إلى إمكانية "تقديم الحارس الإسرائيلي لمحاكمة صورية في إسرائيل وغلق الملف بعدها، مع إمكانية تغيير السفيرة الإسرائيلية الحالية"، مضيفا أن "هذا الأمر إن حدث فربما يلطف من الرأي العام الأردني الغاضب مما حدث، والمطالب بملاحقة الحارس الإسرائيلي".

 

ورغم هذا التوتر الحاصل، فقد أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن "العلاقات الأمنية الإسرائيلية الأردنية متينة وقوية جدا ومتواصلة"، موضحا أن "هناك تنسيقا أمنيا بين الأردن وإسرائيل، كما هو الحال بين القاهرة ودول الخليج والسعودية مع تل أبيب".
 

وأضاف: "لا أظن أن الجانب الأمني سيتأثر أبدا"، لافتا إلى أن "الأردن من الناحية التجارية، أصبح ممرا للشاحنات التجارية بين إسرائيل ودول الخليج".

 

ونوه أبو جابر، إلى أن "الأردن يستفيد ماديا وأمنيا بشكل كبير جراء تطبيع علاقاته مع إسرائيل"، مشيرا إلى أن "الطرف الذي سيفزع لعمان في حال مهاجمتها من أي جماعة (متطرفة) هو إسرائيل، وذلك لأن الدعم الإسرائيلي للأردن، يعزز من الأمن القومي الإسرائيلي".

من جانبه، أوضح الخبير السياسي الأردني، صبري سميرة، أن "العلاقة الأردنية الإسرائيلية على المستوى الاستراتيجي، قائمة لم يتغير عليها الشيئ الكثير، وذلك لارتباطها بمعادلات ثنائية وداخلية وإقليمية ودولية، وخاصة المعادلة الرئيسية التي تسير عليها أمريكا".

أمور كبيرة

 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "اليوم نتحدث عن بعض المحطات التي تشهد اهتزازات أو إشكاليات نتيجة حادثة هنا أو هناك، ومنها حادثة السفارة، وقبلها قتل جنود إسرائيليين للقاضي الأردني رائد زعيتر، وقتل سائح أردني في مدينة القدس المحتلة".

ولفت سميرة، إلى أن "الموقف الأردني الرسمي معني بحل هذه الإشكالية بشكل صحيح، كي تحفظ كرامة الأردن وسيادته وصورة الحكومة الأردنية أمام الشعب الأردني"، مؤكدا أن "سمعة الحكومة الأردنية في حال تنازلها عن بعض الأمور ستتضرر بشكل كبير، وهو ما سيدفع كثيرا من القوى الأردنية إلى المطالبة بإنهاء العلاقة وإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل".

وتساءل الخبير السياسي: "هذه الزوبعة؛ هل يمكن حلها وتصبح تلك الحادثة زوبعة في فنجان أو سحابة صيف؟"، مضيفا أن "هذا الأمر بكل تأكيد يعتمد على الاحتلال الإسرائيلي وتعاطيه مع الموضوع".

ورجح إمكانية "التوصل لبعض التفاهمات التي ترضي الطرفين؛ ويتم بموجبها تنفيذ بعض الأمور الشكلية بشأن الحارس القاتل"، موضحا أن "الضمانة الحقيقية لن تكون بهذه الأمور، وإنما: هل حقا ستحفظ إسرائيل للأردن سيادته وكرامته وتنفذ الأمور بشكل حقيقي، أم إنها متكئة على تصور لديها بأن عمان لن تستطيع الخروج عن المعادلات الكبرى، ولا عن حاجة الأردن لدعم واشنطن؟".

وتابع: "الموضع باختصار؛ ماذا تريد أمريكا وإسرائيل والأردن في الوقت القريب؟ وهل هناك أمور كبيرة ستطرح؟ وعليه فإنه يجب تلطيف الأجواء بحيث لا يكون من المستنكر لقاء الأردنيين والإسرائيليين".

وقال: "إذا كانت هناك أمور كبيرة قادمة؛ فسيتم التعجيل، وفي حال لم تكن هناك مثل تلك الأمور فليس هناك طرف مستعجل، لا الأردن ولا إسرائيل"، مؤكدا أن "تل أبيب لا تشعر بخطر قادم من عمان أو أن هناك ردة فعل من الممكن أن تؤذي مصالحها، وبالتالي فستلجأ إسرائيل لهذه العنجهية والغطرسة وشعار إسرائيل أولا".

عربي21