تقرير يرصد حال معلمي الأردن في يومهم العالمي
يحتفل باليوم العالمي للمعلمين يوم 5 تشرين الأول/أكتوبر سنويا منذ عام 1994، وهو بمثابة إحياء لذكرى توقيع التوصية المشتركة الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1966 والمتعلقة بأوضاع المعلمين، وتحدد هذه التوصية حقوق المعلمين وواجباتهم، والمعايير الدولية لإعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وحشدهم وتوظيفيهم، وظروف التعليم والتعلم، كما تضمن هذه التوصية عدة توصيات تتعلق بمشاركة المعلمين في القرارات التعليمية من خلال الحوار الاجتماعي والتفاوض مع الهيئات المعنية بالتعليم.
من هذا المنطلق تهدف جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان من خلال هذا التقرير إلى تقديم عرض لبيئة وظروف عمل المعلمين/المعلمات في المدارس الخاصة، كما سيخصص جزء للحديث عن أوضاعهم خلال أزمة فيروس كورونا المستجد.
المعلمون في أرقام
يبلغ عدد المعلمين والمعلمات ما يقارب 140248 ألف معلم ومعلمة، يعمل منهم في وزارة التربية والتعليم 90567 ألف معلم ومعلمة، أما العاملون في القطاع الخاص فيبلغ عددهم 43205 معلم ومعلمة، ويبلغ عددهم في وكالة الغوث 4443 ألف معلم ومعلمة، أما المعلمون والمعلمات في المدارس التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الدفاع ووزارة الأوقاف يبلغ عددهم 2033 معلم ومعلمة.
يبلغ دخل المعلم في القطاع الحكومي ممن وصل إلى الدرجة الخاصة، وبعد أكثر من 30 سنة خدمة ما يقارب 700 دينار أردني، ويصل دخل المعلم في بداية الالتحاق بالمهنة إلى ما يقارب 400 دينار أردني، شاملا مختلف العلازات (علاوة فنية، علاوة غلاء معيشة، العلاوة الإشرافية إن وجدت، علاوة العائلة إن وجدت)، بينما يصل دخل المعلمات العاملات والمعلمين في القطاع الخاص إلى 260 دينار في غالبية المدارس، مع الإشارة إلا أن غالبية العاملين في القطاع الخاص لا يحصلون عليه، ذلك مخالفة لقانون العمل الأردني، الذي حدد الحد الأدنى للأجور 260 دينارا أردنيا.
ومن هذا المنطلق سنتناول في هذه الورقة ظروف المعلمين والمعلمات العاملين في القطاع الخاص من حيث ظروف وبيئة العمل.
https://lh4.googleusercontent.com/RSy432sTOWZI3xHVLCs4dcL8oudq4Rh0JaLEe…">
ظروف المعلمين/ات على أرض الواقع
يعاني المعلمون/ات العاملين في المدارس الخاصة من انتهاكات قبل جائحة فيروس كورونا، حيث الأجور المتدنية وأحيانا تقل عن الحد الأدنى للأجور، والفصل التعسفي، وإنهاء عقود العمل كل نهاية فصل حتى لا تتكلف إدارة المدارس الخاصة برواتب العاملين والعاملات خلال فترة العطلة، وحرمانهم من الإجازات السنوية والمرضية، وطول ساعات العمل ودوام يوم السبت دون الحصول بدل عمل إضافي، وإنهاء خدمات المعلمات الحوامل أو رفض تعيينهن أساسا واشتراط عدم نية الإنجاب قبل توقيع العقد، ومع أزمة "كورونا" تعمفت وازادات الانتهاكات الواقعة بحقهم وأصبح الالتفاف على القانون أكثر سهولة بعد إصدار أمر الدفاع (6) وتعديلاته وفقا لرصد فريق عمل تمكين العامل في الميدان.
فيما يتعلق بالأجور رصد فريق تمكين أن غالبيتها يتراوح ما بين 50 و 200 دينار شهريا، وأعداد قليلة منها تتراوح ما بين 300 و 600 دينار، مع الإشارة أن قطاعات واسعة من المعلمات والمعلمين يحصلون على أجور شهرية تقل عن الحد الأدنى لها، وفي هذا الجانب تقوم بعض من إدارات المدارس بإجبار المعلمات والمعلمين على توقيع عقود عمل سنوية برواتب 260 ديناراً، إلا أنهم يتقاضون رواتب أقل من ذلك بكثير، خاصة المعلمات اللاتي يتقاضين رواتب تتراوح حول 50 إلى 100 دينار شهريا، حيث رصد العديد من الحالات في عمان والزرقاء واربد.
كذلك يتقاضى معلمو ومعلمات هذا القطاع أجورا عن 10 أشهر في السنة، ما يعد مخالفة واضحة للعقد الموحد الخاص بعمل معلمي ومعلمات المدارس الخاصة، الذي يعطي المعلمين والمعلمات الحق في أجور السنة كاملة بدءاً من سنة العمل الثانية، حيث يتم إنهاء خدمات المعلمين/ات خلال عطلة ما بين الفصلين والعطلة الصيفية رغم أن هنالك معلمات يطلب منهم عمل خلال هذه الفترة.
يشار إلى أن العقد الموحد ينظم كافة جوانب عمل المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص، حيث تتضمن بنوده مدة العقد وتثبيت رواتب المعلمين عبر عقود العمل، وفي حال تجديد العقد لفترة ثانية يبدأ من التاريخ السابق، بموافقة الطرفين حفاظا على حقوقهما ومكتسباتهما، كما تضمن نصا صريحا بوجود زيادة سنوية لا تقل عن 3 % من الراتب الأساسي، إضافة الى احتساب بدل إضافي لأي عمل ينجز خارج أوقات الدوام الرسمي، إضافة إلى مزايا أخرى.
أما بالنسبة لشمول المعلمين والمعلمات في مظلة الضمان الاجتماعي، تم رصد مجموعة من الحالات حيث تقوم بعض إدارات بتسجسل جزء من العاملي ولا تسجل البقية، فيما تقتطع اشتراكات الضمان الاجتماعي كاملة من رواتب المعلمات والمعلمين في مدارس أخرى، إلى جانب قيام إدارات مدارس بخصم اقتطاعات الضمان الاجتماعي من رواتب المعلمات والمعلمين، دون أن تقوم بإشراكهم أصلا في الضمان الاجتماعي.
ومن الانتهاكات أيضا أن غالبية إدارات المدارس الخاصة تقوم بحرمان المعلمين والمعلمات من حق الإجازة السنوية والمرضية. وإذا ما اضطرت المعلمة أو المعلم للغياب لأسباب مرضية، تقوم الإدارة باقتطاع أجور أيام الغياب من رواتبهم الشهرية أو على المعلمة على سبيل المثال لا الحصر أن تحضر بديلة عنها وتعطى أجر هذا اليوم من راتب المعلمة الأساسية، إلى جانب ذلك هنالك غياب الاستقرار الوظيفي لغالبية المعلمين/ات حيث يغيب شعور الاستقرار والأمان عنهم بسبب ممارسات بعض الادارات، إلى جانب أن إنهاء عقودهم مرتبط بقرار إدارة المدرسة التي قد تنهي عملهم دون مبرر.
مهام غير تعليمية
في هذا الجانب رصد فريق تمكين العديد من الحالات المتعلقة بالمهام التي يؤديها المعلمون والمعلمات، حيث يتم إجبارهم على أداء بعض المهام التي ليست لها علاقة بوظيفتهم ، فالبعض منهم يقوم بأعمال المحاسبة، والبعض الآخر يعمل في تنظيف الغرف الإدارية وتقديم الضيافة، فيما تقوم بعض المعلمات بأعمال السكرتاريا.
ظروف المعلمين/ات خلال جائحة كورونا
رصد فريق تمكين العامل في الميدان شكاوى عدة لمعلمات ومعلمين عاملين في المدارس الخاصة خلال جائحة كورونا مثل إجراء حسومات كبيرة على رواتبهم أو دفع الأجر بالتقسيط أو حرمانهم منها، وزيادة ساعات العمل، وإنهاء خدمات عدد منهم، فيما تم إجبار معلمات على تقديم استقالات جماعية، إلى جانب ذلك تم رصد قيام بعض المدارس بمساومة المعلمات والمعلمين على التنازل عن شهري 7و8 من العام 2020 والعام 2021 شرط تجديد العقود للسنة الدراسية الجديدة، فيما أنهت ادارات مدارس عقود معلمين بشهر ٦ من العامين 2020 و2021 وتجديدها بشهر ٩ لحرمانهم من أجور شهور العطلة الصيفية مما يعني توقف الاشتراك في مظلة الضمان الاجتماعي، فيما أجبرت إدارات مدارس العاملين فيها على توقيع إجازات غير مدفوعة.
وخلال جائحة كورونا ورغم مواصلة العديد من المعلمين عملية التعليم عن بعد خلال فترة الحجر، إلا أن بعد المدارس قامت بخصم رواتب المعلمات والمعلمين بحجة تدهور أوضاعها الاقتصادية نظرا لعدم تسديد الأهالي للأقساط المدرسية.
كذلك تم رصد خلال قيام مؤسسة الضمان الاجتماعي في تقديم يد المساعدة للمدارس بدفع أجور المعلمات عبر برنامج استدامة، إلا أن العديد من المدارس قامت بالضغط على المعلمين/ات وهددتهم بالفصل وانهاء الخدمات في حال عدم إعادة فرق ما يتقاضونه من الضمان الاجتماعي إلى المدرسة، في هذا السياق يقول الناطق باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي شامان المجالي وصول شكاوى لهم بخصوص برنامج استدامة والمشاكل التي يواجهونها في منح المعلمات أجورهنّ، حيث يعمل الضمان على مطالبة المدارس بالمبالغ الماليّة التي دفعها الضمان ووقف البرنامج عنهم إلى حين تعديل أمورهم وفي حال لم يقومو بالتصحيح يضطر الضمان إلى تحويلهم للمدعي العام، ويتابع أنَّ العديد من الشكاوى وصلتهم غير أنَّ من الصعوبة إثباتها خاصةً مع امتناع العديد من المعلمات للشهادة عند الضمان فيما يتعلق بأوضاعهن، "المعلمات اللي قدموا شكوى ما تراجعوا وصاحب العمل أنكر"، مُؤكدا ضرورة تقديم المعلمات والعاملين في المنشآت الذي لم يتم شملهم بالضمان على حملة "اشمل نفسك"، والتي أعلنتها المؤسسة لشمولهم، حيث يتم التعامل معها بشكلف سري.
وخلال فترة الجائحة وتحول التعليم عن بعد تعرض المعلمين/مات في القطاع الخاص لانتهاكات مضاعفة منها طول ساعات العمل لتصل لأكثر من ثمان ساعات بحيث يستمر الأهالي في التواصل مع المعلمات حتى وقت متأخر، فيما واجه المعلمين/ات بعض المعلمين مشاكل في مسألة التنكولوجيا إذا جرى التحول للتعليم الإلكتروني دفعة واحدة ودون أي عملية تنظيم سابقة أو تعليم المعلمين خاصة كبار السن منهم على برامج الدراسة، إلى جانب معاناة المعلمين من عبء إثبات عدد ساعات العمل بسبب غياب آلية واضحة وفعالة لإثبات ساعات العمل التي من المفترض أن تقع على صاحب العمل.
كذلك واجهت المعلمات الأمهات على وجه التحديد صعوبات مضاعفة حيث زادت أعبائها بين تدريس طلبتها، بالتزامن مع رعاية أسرتها والقيام بتنفيذ متطلباتهم واحتياجاتهم، إلى جانب زيادة الخلافات الزوجية لعدم قدرتهن على التوفيق بين العمل ورغبات أفراد الأسرة.
يجدر الإشارة هنا أن تعليمات وزارة العمل لتنظيم العمل المرن عن بعد بموجب أمر الدفاع رقم 6، فإن العامل يستحق أجره كاملاً، إذا عمل عن بعد بشكل كلي (ثماني ساعات عمل)، ويستحق أجره وفق ساعات العمل الفعلية إذا عمل جزئياً، وبما لا يقل عن الحد الأدنى المحدد للساعة الواحدة، أو لا يقل عن 50% من أجره المعتاد أيهما أعلى، على ألّا يقل عن الحد الأدنى للأجور، كما يستحق أجراً إضافياً إذا كلف بمهام إضافية.
بعد عرض ظروف المعلمين/ات في التعليم الخاص قبل وأثناء الجائحة نوصي بـ:
- زيادة أعداد مفتشي العمل وتطوير قدراتهم لمتابعة ظروف العاملين/ات في المدارس الخاصة.
- تغليظ العقوبة بحق المخالفين من أصحاب المدارس.
- توثيق تجربة العمل عن بعد وإيجاد آليات للعمل خلال الأزمات.
- تدريب المعلمين/ات وتأهيلهم للتعامل مع التكولوجيا الحديثة واستخدامها في التعليم.
- تحديد ساعات العمل، وإيجاد آليات متابعة.