تقرير جديد: استمرار الاتجار بالعمال وإضراب آلاف
يستمر إضراب أكثر من ألف عامل وافد في مدينة الضليل احتجاجا على "انتهاك إدارة المصنع لحقوقهم"، وتصدر لجنة العمال الوطنية في الولايات المتحدة يوم السبت، تقريرا يكشف "استمرار الاتجار بالعمال وانتهاك حقوقهم وتعرضهم للضرب والإساءة" في المناطق الصناعية المؤهلة المنشأة ضمن اتفاقية التجارة الحرة بين أمريكا والأردن.
ونقل التقرير عن عمال من بنغلادش، نيبال، سريلانكا والهند، ما يتعرضون له من "ضرب وإساءة" في مصنع ميريديان للألبسة في مدينة الضليل الصناعية المؤهلة الذي يعمل لصالح شركات الألبسة الشهيرة "وال مارت" و"هانز".
وفي معرض ما وصفه التقرير بـ"الاتجار بالبشر"، أن إدارة المصنع صادرت واحتجزت جوازات سفر 60% من العمال الوافدين لديه والبالغ عددهم 1400 عامل. وهو ما يعتبر انتهاكا لحقوق العمال وشكلا من أشكال "الاتجار بالبشر" وفق تعريف الأمم المتحدة.
كما تجبر إدارة المصنع، بحسب التقرير، العمال على العمل لمدة 16 ساعة في مناوبة واحدة: من الساعة 7:30 صباحا وحتى 11:30 ليلا، ولمدة 20 ساعة أيام الخميس: من 7:30 صباحا وحتى 3:00 صباح الجمعة يوم العطلة الأسبوعية. وبذلك تصل ساعات عملهم إلى 99 ساعة أسبوعيا، بدون أجر إضافي.
و تصل ساعات عملهم إلى ضعف عدد ساعات العمل الأساسية المستحقة حسب قانون العمل الأردني، وهي 8 ساعات يوميا و48 ساعة أسبوعيا. وتزيد بمعدل 19 ساعة أسبوعيا عما تسمح به العقود الموقعة بين المصنع والعمال والتي تتيح للمصنع إجبار العامل على ساعتي عمل إضافية يوميا، مع احتساب الأجر الإضافي.
وبالإضافة إلى إجبارهم على العمل لساعات إضافية بلا أجر إضافي، يتقاضي العمال أجورهم الشهرية المستحقة لهم قانونيا منقوصة بنسبة 37%، حيث يتقاضى العامل 32,5 دينار مقابل 80 + الساعات الإضافية أسبوعيا. وبذلك تتقاضى العاملة قرابة 5 قروش على كل بنطلون تخيطه لشركة وال مارت التي تبيعه في أسواقها عبر العالم بمبالغ مرتفعة، بحسب التقرير.
"20 عاملا وعاملة هددوا بالتسفير"، يقول التقرير، واعتدى مدراء المصنع على العاملات بـ"الضرب والاحتجاز في المنطقة الصناعية التي يمنعون من مغادرتها بالقوة لأي سبب كان". وكل من تتجرأ على المطالبة بحقوقها القانونية تتعرض "للتهديد بالسجن والفصل والتسفير الإجباري".
وفي ظل هذه الظروف يستمر إضراب عمال المصنع الـ1400، الذي بدأ في 31 الشهر الماضي. في حين ردت إدارة المصنع على الإضراب بقطع الطعام عن العمال المضربين، وفقا لتقرير اللجنة.
نقيب العاملين في الغزل والنسيج، فتح الله العمراني أكد لعمان نت، استمرار إضراب 1100 عامل بنغالي وسريلانكي وهندي في شركة مريديان في مدينة الضليل لليوم السابع.
وجاء الإضراب العمال، بحسب العمراني، "احتجاجا على المبلغ المقتطع من رواتبهم بدل الطعام وقيمته 25 دينارا، وفقا للاتفاق الموقع بين العمال ووزارة العمل والشركات قبل سنة ونصف. والآن يضربون لإلغاء القيمة المقتطعة من رواتبهم".
ويبرر نقيب العمال موقف الشركات بأن "الكلفة زادت على الشركات ومع ذلك وافق صاحب الشركة الخميس الماضي على تخفيض الاقتطاع إلى 15 دينارا لحل الإضراب وإعادة العمال إلى عملهم، على أن تتحمل الشركة بقية النفقات، لكن العمال لم يعلنوا وقف إضرابهم حتى الآن".
وأشار العمراني إلى أن هناك عدد من العمال "انتهت عقودهم وسيعودون إلى بلادهم قريبا هم الذين يحرضون زملائهم على الاستمرار في الإضراب، بالإضافة إلى وجود 200 عاملة سريلانكية يرغبن بالعودة للعمل لكنهن خائفات من زملائهن المضربين، بل أن إحداهن تعرضت للضرب من العمال بسبب عودتها للعمل".
وكشف العمراني عن أن 195 عاملا بنغاليا في شركة استكس بدأوا إضرابا عن العمل منذ مساء الثلاثاء الماضي، مطالبين بإقالة أو استقالة مدير الشركة، وهو تركي الجنسية عن عمله، بسبب ضغطه على العمال لزيادة الإنتاجية.
وتصدر لجنة العمال الوطنية الأمريكية (NLC) تقاريراً دورية عن أوضاع عمال المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن، تستند على شهادات العمال أنفسهم. وتدفع هذه التقارير الكونغرس الأمريكي لممارسة مزيد من الضغط على الحكومة الأردنية لمعالجة المشكلة.
من جهتها، أصدرت وحدة مكافحة ورصد الاتجار في البشر في وزارة الخارجية الأميركية تقريرها الأخير في حزيران الماضي، وبين أن معظم الانتهاكات في المناطق الصناعية المؤهلة. "تتراوح ما بين الاستغلال الجسدي والجنسي للعمال وتهديدهم، وعدم دفع الأجور، وفرض قيود على حركتهم، والاحتجاز غير الشرعي لجوازات سفرهم"، وهي أمور اعتبر التقرير أنها "تدخل في باب الاتجار بالبشر".
وأظهر التقرير تراجع الأردن من الفئة (2) التي ثبت عليها في عامي 2006 و2007 إلى قائمة مراقبة في الفئة (2) في 2008. وتعد قائمة مراقبة الفئة (2) الأقرب إلى الفئة (3) التي تشمل الدول التي "لا تلتزم حكوماتها كليا بالمعايير الدنيا التي ينص عليها قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولا تبذل جهودا ذات أهمية في هذا الاتجاه"، وتكون مرشحة للخضوع لعقوبات أميركية ضدها.
وتشمل العقوبات توقيف الحكومة الأميركية للمساعدات، باستثناء المساعدات الإنسانية والمتعلقة بالتجارة، وحرمان مسؤولي الدول المعاقبة وموظفيها من برامج التبادل التعليمي والثقافي الأميركي. وقد تواجه هذه الحكومات معارضة الولايات المتحدة لتقديم المساعدات من مؤسسات مالية دولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، باستثناء المساعدات الإنسانية والتجارة والتنمية).
لكن الحكومة الأردنية اعترضت على ما جاء في التقرير وأكدت على جهودها لحل المشكلة. وآخرها كان تصريح وزير العمل باسم السالم بأن الحكومة قررت تشكيل لجنة وزارية لإعداد مشروع قانون لمكافحة الاتجار البشر، برئاسة وزير الداخلية عيد الفايز وعضوية وزراء العمل والصناعة والتجارة والصحة والتنمية الاجتماعية.
ويهدف القانون، بحسب السالم، إلى "معالجة الاختلالات المحتمل حدوثها في القطاعات الإنتاجية المشغلة للعمالة". لكنه يؤكد أن "إعداد مشروع قانون لا يعني على الإطلاق اعترافا بوجود هذا النوع من الانتهاكات الحقوقية للعمال في المملكة".
"الحكومة حريصة على إيجاد التشريعات القانونية التي تتواءم مع تطور سوق العمل والمتغيرات الحديثة التي طرأت عليه بسبب زيادة الاستثمارات وارتفاع معدلاتها في الاقتصاد الوطني وان مشروع القانون يشكل نظاما لحماية العملية الإنتاجية من توغل بعض السلوكيات المخالفة للمعايير الإنسانية"، يقول السالم.
وتحدد الوزارة مظاهر الاتجار حسب تقاريرها بإجبار العمال على العمل القسري في بيئات غير صحية والاتجار بالتصاريح.
وكانت وزارة العمل أعلنت في وقت سابق عن نيتها إنشاء مديرية تعنى برصد ومكافحة الاتجار بالبشر. ويأتي تصريح الوزير بعد سنوات من رفض الحكومة الأردنية للتوقيع على بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة المتجرين بالأشخاص، الذي يلزم الدول المصادقة بتفعيل أو تعديل قوانينها المحلية بحيث تجرم الاتجار بالبشر. كما يلزمها باتخاذ إجراءات لحماية ومساعدة المتجر بهم بأن يتمتعوا بسرية وحماية من الجناة عموما، وحمايتهم كشهود في حالة تطبيق القانون، وبتوفير خدمات اجتماعية كالمسكن والعلاج الطبي والمشورة القانونية، إلى حين عودتهم إلى بلادهم.
ويوجد في الأردن قرابة 37 ألف عامل وعاملة وافدين -منهم 24 ألف بنغالي- يتوزعون على 98 مصنعا في ستة مناطق صناعية مؤهلة. وتعمل وزارة العمل ونقابة عمال الغزل والنسيج على تحسين أوضاع عمال هذه المناطق عبر المفاوضات المستمرة مع أصحاب ومدراء الشركات والمصانع. هذا بالإضافة إلى وجود أكثر من 150 ألف عاملة منزلية وافدة في الأردن، أفادت تقارير الخارجية الأمريكية بتعرض بعضهن لانتهاكات "تدخل في باب الاتجار بالبشر".
وفي الأثناء، وافقت وزارة العمل على إنشاء "مأوى للعاملات لضحايا الاتجار بالبشر والعاملات الهاربات بدلا من لجوئهن إلى سفارات بلادهن"، وفقا لأمين عام وزارة العمل غازي شبيكات.
وأعدت الوزارة، بحسب شبيكات، خطة تمويل لإنشاء المأوى إضافة إلى تنظيم سجلات خاصة بالاتجار بالبشر في الوزارة للحالات التي تضبطها الوزارة. "اللجنة الوزارية التي شكلتها الحكومة انبثق عنها عدد من اللجان تدرس إحداها إعداد مسودة مشروع قانون للاتجار بالبشر، إضافة إلى دراسة القضايا المتعلقة بالاتجار بالبشر وتدريب القضاة ومفتشي العمل على التعامل مع هذه القضايا واستقبال أية شكاوى تتعلق بالعمالة الأجنبية مثل التعذيب والخطف وغيرها، ومتابعة الحالات وتسجيلها للوصول إلى نتائج بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة".
وتعاملت الوزارة مع عدد من قضايا الاعتداء وأحالت إحداها إلى القضاء قبل أيام، حيث تقدمت إحدى عاملات المنازل من الجنسية السريلانكية بشكوى ضد مخدومها بتهمة الاعتداء عليها بمكوى وإصابتها بحروق في وجهها.











































