تعديلات جديدة على قانون العمل.. ماذا يجب أن نرى؟ (شاهد)

قبل أسبوعين، أعلنت الحكومة برنامج أولويات عملها الاقتصاديّ وتضمن تعديلات على قانون العمل بين عامي 2021 – 2023 في إشارة إلى تعديل جديد غير الذي نراه اليوم في أروقة مجلس النواب، والذي أحدث جدلاً كبيراً لعدم استجابته لمطالبات المجتمع المدني. 

التعديل المرتقب ينضوي تحت محور تعزيز المنافسة وتحفيز التشغيل، وبخاصة بعد بلوغ نسبة البطالة 25% وفقاً لتقديرات حكومية.

التسريبات الاولية الصادرة من أروقة مجلس الوزراء، تكشف نية الحكومة سحب مشروع القانون المعدل القابع في مجلس النواب منذ كانون ثاني عام 2020 الذي رغم إقراره من قبل لجنة العمل النيابية، إلا أن مجلس النواب لم يناقشه خلال الدورة الاستثنائية.

كل المؤشرات تشي باستجابة الحكومة لمطالب المجتمع المدني وقطاعات عمالية بتعديل القانون لجهة ضمان معايير العمل الدولية والتنظيم النقابي، وسط تساؤلات عن شكل التعديلات التي ستجريها الحكومة على القانون بناءً على برنامج أولويات عملها الاقتصادي.

ووفقاً لذلك، يؤكد مختصون ومراقبون في القطاع العمّالي أنّ الحكومة مطالبة اليوم بقيادة حوار اجتماعي مع ممثلي العمّال وأصحاب العمل والمجتمع المدني المختص بسوق العمل، قبل صياغة التعديلات وإرسالها إلى مجلس النواب.

يقول عماد المالحي منسق حملة الدفاع عن عمال الأردن (صوت العمّال) إنّ القانون الواجب إنجازه أن ينحاز للعمال وينصفهم دون التعدي على حقوق أصحاب العمل، فضلاً عن ضرورة وجود النظرة الشمولية إلى المهن الحديثة كافة وانعكاساتها على سوق العمل.

ويبين المالحي لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ القانون القادم يجب أنّ يشمل تنظيم أعمال أكثر كمكاتب التوظيف التي يستغل العديد منها العمّال والباحثين عن عمل بكلف واقتطاعات مالية مرتفعة.

كما يشير إلى أنّ الوظائف الحديثة التي تتعلق بتكنولوجيا المعلومات كالتطوير والتحديث مثلاً، صار تنظيمها أكثر أهمية وبخاصة مع التوسع في نظام العمل عن بعد.

ودعا إلى ضرورة أن يعيد القانون النظر بحق المفاوضة الجماعية وفتحه لجميع العمال، إذ يحرم العديد منهم من ذلك، فالقانون يقصر المفاوضة الجماعية على النقابات للمنشآت التي يزيد عدد العاملين فيها عن 25، في وقت يقدر عدد العاملين والعاملات غير الممثلين نقابياً بنحو 80% من إجمالي القوى العاملة.

أما حاتم قطيش، ناشر موقع الراصد النقابي لعمّال الأردن، فيرى أنّ الحكومة مطالبة بتشكيل حوار اجتماعي شبيه بحوارات اللجنة الملكية لتعديل المنظومة السياسية، من خلال عقد مشاورات مفتوحة وواسعة مع كل الأطراف تصل إلى قانون عمل يضمن الحقوق والمعايير المنصوص عليها وفقأً لمنظومة العمل الدولية.

 

ويقول قطيش لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنّ الأفضل اليوم إخراج مسائل العمل النقابي من مظلة قانون العمل، وصياغة قانون خاص بالتنظيم النقابي يوسع نطاق العمّال ويضمن التعددية النقابية، فضلاً عن توفير الحرية بإنشاء النقابات والانتساب لها.

ويعبر عن عدم نفاؤله بالخطوة الحكومية، رغم الوصول إلى هذه النقطة بعد ضغط المجتمع المدني لسحب المشروع المعدل لقانون العمل من مجلس النواب، ويشير إلى أنّ الحكومة تقوم بذلك دون الاستماع إلى ما يطالب به المجتمع المدني لصالح العمال وأصحاب العمل في الوقت ذاته.

من جهته، يرجح المحامي المختص بقانون العمل حماده أبو نجمة أنّ أبرز الملفات التي قد تتضمنها التعديلات المزمعة، تتعلق بملف العمالة المهاجرة، من خلال تخفيض أعدادها في بعض القطاعات، إضافة إلى ـمور تتعلق بالتشغيل والتدريب من قبل الحكومة أو المكاتب الخاصة.

ويبين أبو نجمة لـ"المرصد العمّالي الأردني" أن الحكومة يجب أن تخرج من قالب التفرد في صياغة التعديلات، أو المشاورات الشكلية الصورية فقط، دون بروز أثار اجتماعاتها مع المجتمع المدني على النصوص القانونية.

وينبه إلى أنّ الصعوبة في تعديلات قانون العمل تكمن في كيفية تمثيل مصلحة العمال الحقيقية، فمثلاً تذهب العديد من التعديلات إلى صالح أصحاب العمل.

ودعا الحكومة إلى فتح ملف جائحة كورونا وما أحدثته من تغييرات في سوق العمل، والحقوق الأساسية التي يجب أن يتضمنها القانون كقضايا المساواة وعدم التمييز بين الأجور وساعات العمل، فضلاً عن ضرورة إعادة ترتيب مسائل التنظيم النقابي باتجاه الحرية النقابية والتعددية، التي تعد مبادىء أساسية في قوانين العمل.

وشدد على ضرورة إعادة النظر بمسائل النزاعات العمالية الجماعية والفردية، وما يتطلبه اليوم هو دراسة معمقة لمتطلبات سوق العمل وقيادة حوار اجتماعي واسع ولا مانع من امتداده لمدة عام أو اثنين في سبيل الوصول إلى قانون مستقر شامل يقود سوق العمل باتجاه الأمان لصالح العمال وأصحاب العمل.

وأعلنت الحكومة قبل أسبوعين عن برنامج أولويات عملها الاقتصادي بين 2021 -2023 وقد تضمن تعديلات على قانون العمل، في وقت تشير فيها تسريبات حكومية إلى سحب المشروع المعدل لقانون العمل القابع بمجلس النواب.

وطالب المجتمع المدني على مدار الأشهر الماضية بسحب مشروع القانون وفتح حوار اجتماعي شامل وواسع في سبيل تعديل كافة التشوهات الحاصلة على قانون العمل خلال السنوات الماضية بعد إجراء 12 تعديلاً منذ إقرار القانون عام 1996.

وأطلق مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع جمعية تمكين للمساعدة القانونية وبيت العمال للدراسات، حملة لسحب مشروع القانون المعدل وإعادة النظر في القانون بالمجمل بما يتوافق مع معايير العمل الدولية.

أضف تعليقك