تصاعد خطاب الكراهية بين التحديات القانونية والاجتماعية

الرابط المختصر

منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، زادت ظاهرة خطاب الكراهية بشكل ملحوظ عبر شبكات التواصل الاجتماعي، باعتبارها وسيلة لتبادل الآراء ومشاركة الأفكار في العديد من القضايا، وسط تجاوز البعض لحدود حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور، دون مراعاة للقوانين والأنظمة.

القوانين المعمول بها في المملكة تكفل حقوق الأفراد في التعبير عن أنفسهم وآرائهم بحرية بمختلف الوسائل المتاحة،  لكن  يعتبر تجاوز هذه الحرية جريمة يعاقب عليها بموجب القانون.

رصدت تقارير إخبارية انتشار حسابات وهمية تثير خطاب الكراهية والعنف اللفظي عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية،  وتركز على نشر أفكار متطرفة تثير التشكيك حول المساعدات الإغاثية التي قدمتها الاردن لأهالي القطاع مؤخرا، بالاضافة إلى تشبيه البعض لحركة حماس بتنظيم داعش،  مما يعزز لدى البعض الصورة السلبية المرتبطة بالعنف والإرهاب.

تقديرات وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام تبين أن عدد قضايا الجرائم الإلكترونية ارتفع بنحو ستة أضعاف على مدار 8 سنوات بين العام 2015 وحتى العام 2022، مما يدلل على استغلال الكثيرين للمساحة الرقمية للتعبير عن آرائهم، دون الاكتراث بالتبعات القانونية.


 

تهديدات خطاب الكراهية

متخصص في القانون الجزائي الدكتور أشرف الراعي يعتبر أن شبكات التواصل الاجتماعي تعد مساحة حرة للتعبير عن الآراء  ومشاركة الأفكار، مع ذلك، هناك تزايد استخدام هذه المنصات لترويج خطاب الكراهية مما يشكل تهديدا خطيرا للسلامة العامة والتعايش الاجتماعي. 

ويرجع الراعي انتشار الحسابات الوهمية بهدف نشر خطابات الكراهية، إلى عدة عوامل، منها الحرب على قطاع غزة، والتفاعل حولها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى عدم فعالية تطبيق القانون في بعض الحالات. 

ويوضح أنه بإمكان أي فرد تقديم شكوى بشكل مباشر دون شروط محددة وفقا للقانون، خصوصا فيما يتعلق بإثارة النعرات والعنصرية وخطاب الكراهية نظرا لتأثيرها على السلم المجتمعي، مؤكدا على أهمية التعديلات التي جرت على قوانين العقوبات والجرائم الإلكترونية في السنوات الأخيرة، والتي تعزز ضرورة أن يكون الخطاب بين أفراد المجتمع خاليا من الكراهية والتحقير والتمييز.

بموجب قانون الجرائم الإلكترونية، يحق لأي فرد  في حال تعرض لأي نوع من أنواع الجرائم الإلكترونية ، يمكن التوجه إلى أقرب مركز أمني، حيث يقوم المركز بتحويل الشكوى إلى "وحدة مكافحة الجرائم الالكترونية"، بالاضافة الى ذلك يمكن التوجه إلى المدعي العام، أو يمكن الاتصال برقم الوحدة عن طريق  تطبيق الواتساب.

وفيما يتعلق بقانون العقوبات، فقد تم تشديد التعديلات التي أجريت عليه في عام 2017 ، بالإضافة إلى كافة التعديلات التي جرت على قانون الجرائم الإلكترونية الأخيرة، تشدد على ضرورة ان يكون الخطاب بين أفراد المجتمع بعيدا عن مفهوم الكراهية والذم، والقدح، والتحقير، والإساءات، والتخوين.


 

البحث عن المصادر الموثوقة

للحد من خطاب الكراهية، يشدد خبراء على ضرورة تقصي الحقائق والبحث عن المعلومات من مصادر موثوقة، وتجنب الانخراط في نقاشات وحوارات لا تثمر عن نتائج بناءة، وقد تؤدي إلى اثارة الفتنة ونشر خطاب الكراهية.

ويشدد الراعي على أهمية استقاء المعلومات من وسائل إعلام مهنية وموثوقة، بعيدا عن تصديق الأخبار المنتشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ضرورة التوعية القانونية حول كيفية التفاعل مع وسائل الإعلام.

على صعيد آخر، يرصد فريق "مسبار"، العديد من الأخبار ومقاطع الفيديو غير الحقيقية، عبر حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يدفع البعض إلى تبادل التشكيك ونشر الانتقادات التي تؤدي إلى تصاعد النعرات وخطاب الكراهية.

وتوضح الباحثة والمحررة في منصة "مسبار" بيان حمدان، أن هناك آثارا سلبية قد تنعكس على المتابعين بسبب انتشار الأخبار المضللة، مما يدفعهم إلى التشكيك وزيادة انتشار خطاب الكراهية.

وتعتبر حمدان أن دور الجهات المعنية في مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي أمرا هاما وضروريا لضبط انتشار هذه السلوكيات التي قد تنعكس على المجتمع إذا لم يتم الحد منها.

 

دور "الجرائم الإلكترونية"

تقوم وحدة الجرائم الإلكترونية بتتبع حسابات تبث خطاب الكراهية، وتحض على التخريب والاعتداء على أجهزة إنفاذ القانون والممتلكات العامة والخاصة، من خلال تحديد هوية مستخدميها (الحسابات) وملاحقتهم دون وجود شكوى أو ادعاء بالحق الشخصي.

قالت وحدة الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام الجمعة، إنّ منصّة "تيك توك" لم تتعاملْ مع إساءة استخدام المنصّة من قبل مستخدميها سواء بتمجيد ونشر أعمال العنف أو دعوات الفوضى، بل وفي ترويج فيديوهات من خارج المملكة وتزويرها للتأثير على مشاعر المواطنين، وبذلك فقد تمّ إيقاف خدماتها في المملكة مؤقتا.

وتؤكد الوحدة أن حصر عدد الحسابات التي جرى رصدها صعبا لأن القضايا تحت التحقيق، مشيرة إلى أن بعض الحسابات من داخل الأردن وخارجه، وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة معها.

كما جرى تحديد هوية بعض مستخدمي الحسابات التي تبث خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم مخاطبة إدارة الشرطة العربية والدولية بخصوص الحسابات التي تبث من خارج المملكة، بحسب الوحدة.