تساؤلات بعد تجنب الأوقاف إطلاق "مصلى" على باب الرحمة

الرابط المختصر

أثار تصريح مصدر رسمي أردني قبل أيام بشأن باب الرحمة في المسجد الأقصى، وتجنب وصفه بالمصلى والاكتفاء بلفظ "مبنى"، تساؤلات بشأن السبب وراء هذه التسمية المخالفة لوضع المكان، منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس.

 

وقال المصدر الأردني في تصريح بثته وكالة الأنباء الرسمية "بترا"، لنفي أنباء إسرائيلية تحدثت عن مفاوضات لإغلاق المكان لمدة 6 أشهر: "أكد مصدر مسؤول أن لا صحة لمزاعم صحافية إسرائيلية، بخصوص مبنى باب الرحمة".

 

وأشار المسؤول في إطار التصريح: "أن لا أساس لهذه المزاعم، وأن موقف الأردن الثابت أن باب الرحمة جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى.. الحرم القدسي الشريف"، في تجنب واضح للإشارة إلى تسمية المكان بكونه مصلى.

 

ومنذ افتتاح باب الرحمة وعودة الصلاة إلى المكان، كما كان سابقا بعد إغلاق دام أكثر من 16 عاما بفعل انتهاكات الاحتلال، يصر المقدسيون على رفض المحاولات والمراوغات الإسرائيلية لإعادة إغلاقه، أو حتى تغيير وجهة استخدامه بعيدا عن الصلاة فيه.

 

 

 

إرادة مقدسية

 

من جانبه قال الباحث والمختص بالشأن المقدسي زياد ابحيص: إن هناك "رغبة إسرائيلية ملحة بالتحايل على إرادة المقدسيين، التي لم تكتف بفتح المكان بعد سنوات طويلة من إغلاقه، بل وأعادته لوضعه السابق مكانا للصلاة وأداء العبادات، رغما عن الاحتلال".

 

وأوضح ابحيص لـ"عربي21" أن خسارة الاحتلال للمكان، كان "صفعة قوية واعترافا كبيرا بفشله أمام الأرادة الشعبية في القدس المحتلة، والتي أدركت أن الاحتلال الذي كان يواجه سابقا المقدسيين بالرصاص في هباتهم المختلفة، لم يعد يقوى أمام أرادتهم وتجمعهم على هدف واحد في انتزاع الحقوق داخل المسجد".

 

ورأى أن المشكلة الحقيقية هي في محاولة إعطاء مساحة للاحتلال وإهدائه إنجازا، بعد انكسار إرادته أمام المقدسيين نتيجة الوضع السيئ للعالم العربي، واختلال موازين القوى، بتغيير وجهة استخدام المكان من مصلى إلى أي شيء آخر.

 

 

 

وشدد على أن الجانب الأردني "مطالب بحسم هذا الأمر وبشكل واضح، بتصنيف المكان مصلى كما هو بالفعل، لأن الاحتلال يريد اللعب على وتر الخلاف الداخلي على المكان ،والناس بطبيعة الحال لا تريد صداما داخليا مع الأوقاف".

 

وأعرب ابحيص عن رفضه لإغلاق المكان بأي مبررات، سواء للترميم أو الصيانة وقال: إن أي عملية ترميم "يجب أن تتم والمصلى مفتوح، وتمارس فيه الصلوات بالشكل المناسب، لأن إغلاقه دقيقة واحدة يمنح الاحتلال انتصارا على الإرادة الشعبية في القدس".

 

 

 

مراوحة

 

من جانبه قال استاذ علوم المسجد الأقصى الدكتور عبد الله معروف: إن باب الرحمة كان مصلى منذ العهد الأيوبي أي قرابة 800 عام، وأغلق كبوابة قبل عهد الأيوبيين، لكن الصلاة استمرت فيه منذ تلك الحقبة حتى أغلقه البريطانيون وأهملوه، تمهيدا لسيطرة الإسرائيليين عليه.

 

وقال معروف لـ"عربي21": "المطلوب اليوم هو الرجوع لأصل المكان، وتثبيت هذه الحقيقة دون البحث عن أوصاف جديدة لن تكون سوى خدمة للاحتلال، ونحن لدينا قانون دولي يؤكد على الوضع القائم في الأقصى، وما يجب أن يكون عليه باب الرحمة هو وصف المصلى لا غيره".

 

ولفت إلى أن مصلى باب الرحمة كان مقرا للجنة التراث الإسلامي، التي أغلقت لاحقا، وكان مجهزا بكل التجهيزات الخاصة بالصلاة، والمصلون يؤدون فيه الصلاة في كافة الأوقات، خاصة منطقة باب التوبة أحد شطري مصلى باب الرحمة".

 

وشدد معروف على أن الاحتلال "يسعى لشراء الوقت وتعويض الخسارة الكبيرة، والتي عمل عليها لمدة 16 عاما لابتلاع المكان وتحويله إلى كنيس يهودي، وتجاوز الوضع القائم للمسجد الأقصى".

 

وأكد أن دائرة الأوقاف مطالبة بالتعامل مع المكان بناء على أصله التاريخي، وحسم أي جدل بشأن مسماه ليكون مصلى كما كان سابقا ويستمر مفتوحا، لكسر إرادة الاحتلال وإعلاء أرادة المقدسيين التي أثبتت التجارب أنها انتزعت حقوق المسجد بصمودها، وإصرارها أمام تغول الاحتلال.

 

وقال: إن "المراوحة في هذا الأمر تعطي الاحتلال ذريعة لسحب انتصار المقدسيين، والانقضاض على المكتسبات السابقة وخاصة هبة باب الأسباط، وربما يلجأ لإعادة البوابات الإلكترونية إذا بقينا صامتين".

 

 

 

من جانبه قال عضو لجنة الأوقاف في القدس المحتلة، وزير الاقتصاد الفلسطيني السابق مازن سنقرط: إن الأوقاف الإسلامية والحكومة الأردنية "تعتبر باب الرحمة مصلى رسميا كبقية المصليات، الموجودة في حرم المسجد الأقصى".

 

وأوضح سنقرط لـ"عربي21" أن المكان كان مصلى إبان عمل إحدى الجميعات التي أغلقها الاحتلال سابقا، ونحن نتعامل معه الآن كمصلى مفتوح".

 

ونفى علمه بتصريح المصدر الأردني، والذي لم يرد فيه مصطلح مصلى لباب الرحمة، وقال: "هو مصلى بقرار أردني رسمي ومقدسي إسلامي، بما في ذلك الأوقاف وكل مؤسساتها التي تدير المنطقة كاملة".

 

كما نفى ما أورده إعلام الاحتلال من وجود مفاوضات، وقال: "هناك موازنة جاهزة من طرف الحكومة الأردنية، للبدء بترميم المكان وفرشه بالكامل وتجهيزه للصلاة والعبادة، وممارسة كل الأنشطة الدينية فيه، لكن الاحتلال يرفض التصريح للأوقاف من أجل بدء العمل".