قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الاثنين إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعلن في الساعات القادمة إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة واشنطن.
ونقلت الصحيفة في تقريرها عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية لم تسمهم قولهم إن الإعلان يأتي في إطار "الضغوط على السلطة للانخراط في جهود تحرك عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط".
ونشرت اقتباسات من مسودة البيان الذي سيلقيه مستشار الأمن القومي جون بولتون، جاء فيه أن الولايات المتحدة "ستقف دائما إلى جانب حليفتها إسرائيل، وأن قرار إغلاق المكتب جاء بسبب رفض الفلسطينيين الانخراط في مفاوضات ذات مغزى معها".
ويتضمن البيان أيضا أن إدارة الرئيس ترامب "لن تبقي المكتب مفتوحا في ظل رفض الفلسطينيين اتخاذ خطوات مباشرة وذات مغزى لبدء مفاوضات مع إسرائيل".
وتذكّر الصحيفة أن "هذه ليست هي المرة الأولى التي يكون فيها مكتب منظمة التحرير محلا للتركيز، ففي العام الماضي حذرت الإدارة من أنها ستغلقه يعدما دعت السلطة الفلسطينية المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع المسؤولين الإسرائيليين، ورد في حينه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بأن خطوة كهذه ستقوض فرص السلام.
"المحكمة الجنائية"
وتشير الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية تخطط لفرض عقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية إذا تحركت في تحقيقات ضد إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تضمن الخطاب الذي سيتلوه بولتون أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا لاحقت المحكمة الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أيا من حلفائنا".
وينوه التقرير إلى أنه يدخل ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع المسؤولين في ميانمار ممن تورطوا في عمليات الإبادة للمسلمين الروهينغبا، بالإضافة إلى أنها حققت في جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة ورواندا وإقليم دارفور في السودان، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وروسيا ليستا عضوتين في المحكمة، التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، التي أنشئت ضمن معاهدة دولية، فيما "تخطط الفلبين للخروج منها".
وبحسب الصحيفة، فإن اليمين الأمريكي المتطرف يعارض المحكمة، خاصة بولتون، الذي يرى أنها متحيزة ضد إسرائيل، وخطر على السيادة الأمريكية، لافتة إلى أن من القضايا التي تثير مخاوف الأمريكيين هي دعوة قدمت في العام الماضي لمحاكمة عاملين في القيادة المركزية الأمريكية وجنود خدموا في أفغانستان، بتهم تتعلق بانتهاكات ارتكبت ضد المعتقلين وجرائم حرب محتملة.
ويشير التقرير إلى أن بولتون سيهاجم في تعليقات مكتوبة الجنائية الدولية، وسيقدم عرضا مفصلا حول الانتهاكات التي قامت بها، وسيتعهد قائلا إن أمريكا "ستستخدم الوسائل الضرورية كلها"؛ لحماية المواطنين الأمريكيين والدول الحليفة من المثول أمام المحكمة.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن المحكمة لو قررت تقديم امريكيين أو مواطني دول حليفة، فإن واشنطن ستعقد اتفاقيات تمنع هذه الدول من تسليم مواطنيها للجنائية الدولية، وستفقد الدول التي تتعاون في تحقيقاتها الدعم الأمريكي، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية على المحكمة ذاتها لتقييد سلطتها.
الرد الفلسطيني
من جهته، أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات القرار الأمريكي، ووصف الخطوة بـ"الهجمة الأمريكية التصعيدية التي سيكون لها عواقب سياسية وخيمة في تخريب النظام الدولي برمته من أجل حماية منظومة الاحتلال وجرائمه".
وفي بيان صادر عنه قال عريقات: "تم إعلامنا رسمياً بأن الإدارة الأمريكية ستقوم بإغلاق سفارتنا في واشنطن عقاباً على مواصلة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب الإسرائيلية".
وأضاف أن الإدارة الأمريكية: "ستقوم بإنزال علم فلسطين في واشنطن العاصمة مما يعني أكثر بكثير من صفعة جديدة من إدارة ترامب ضد السلام والعدالة".
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية "تقوم بابتزاز المحكمة الجنائية الدولية وتهدد مثل هذا المنبر القانوني الجنائي العالمي الذي يعمل من اجل تحقيق العدالة الدولية".
وأضاف:"بإمكان الإدارة الأمريكية القيام باتخاذ قرارات متفردة وأحادية خدمة لليمين الإسرائيلي المتطرف، وبإمكانها إغلاق سفارتنا في واشنطن، وقطع الأموال عن الشعب الفلسطيني، وقف المساعدات بما فيها التعليم والصحة، لكنها لا يمكن أن تبتز إرادة شعبنا ومواصلة مسارنا القانوني والسياسي وخاصة في المحكمة الجنائية الدولية".
وختم بالقول: "سنقوم باتخاذ التدابير الكفيلة لحماية مواطنينا الذين يعيشون في الولايات المتحدة في الوصول إلى خدماتهم القنصلية، ولن نستسلم للتهديدات والبلطجة الأمريكية وسنواصل نضالنا المشروع من أجل الحرية والاستقلال".