تراجع القطاع الزراعي يزيد محنة الأمن الغذائي في الأردن

تراجع القطاع الزراعي يزيد محنة الأمن الغذائي في الأردن
الرابط المختصر

يُصادف السادس عشر من تشرين الأول موعد اليوم العالمي للأغذية الذي يترافق هذا العام مع ظهور معالم أزمات غذائية مرتقبة.

وستسهم أزمة الجفاف التي ضربت محاصيل الحبوب في روسيا وأوكرانيا وتأثر مساحات شاسعة من الأراضي نتيجة الفيضانات التي تسببت في إجهاض رقعة زراعية واسعة في الباكستان، في تعميق تلك التحديات.

كما يترافق هذا التاريخ مع تأثر النتاج الزراعي في مناطق عربية من موجة حرارة غير اعتيادية تصادفت في شهري آب وأيلول، تسببت في إنضاج منتجات زراعية أساسية قبل أوانها، وتلا ذلك انحسار المعروض منها، ما أدى لتضاعف أسعارها.

وفي هذا العام، تم تبني شعار يوم الأغذية العالمي "معاً لمكافحة الجوع" إقراراً بالجهود المبذولة لمكافحة الجوع في العالم على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ويحمل الشعار في طياته إشارات تدعو للتكاتف الدولي لوقف ومحاصرة ظاهرة الجوع التي استشرت خلال فترة الأزمة المالية العالمية.

وتدعو منظمة الأغذية والزراعة العالمية "فاو" على هامش الاحتفال بيوم الأغذية العالمي لعام 2010 لحمل راية الإرادة والشجاعة والمثابرة بهدف إنتاج كميات أكبر من الأغذية وبقدر أكبر من الاستدامة وتوصيل تلك الأغذية إلى أفواه من هم بأمسّ الحاجة إليها.

وفي هذا الصدد، دعا سفير النوايا الحسنة والمدير الإقليمي لمنظمة "أمسام" المراقب الدائم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة الدكتور نصير شاهر الحمود لتبني سياسات وطنية وأهلية بالتعاون مع المؤسسات الدولية لدرء المخاطر التي قد تعيد العالم مجددا لأحضان أزمة الغذاء في عام 2008 والتي أفضت لتجاوز عدد الجوعى حاجز المليار نسمة حول المعمورة.

وأكد الحمود على أهمية حث الخطى لتدارك المخاطر المحتمل أن تتواكب مع عودة النمو الاقتصادي وزيادة الطلب على السلع والخدمات بالتزامن مع النمو الديمغرافي، حيث بات المعروض من المنتجات الغذائية غير كافي لتلبية النمو السكاني وتحديدا في القارة الآسيوية التي تضرب نموذجاً واضحا في القفزات السكانية والاقتصادية وتحديدا الهند والصين.

بيد أن الحمود يرى أن الفرصة قائمة في تدارك تلك التحديات في المستقبل حال وضع سياسات قابلة للتطبيق، حيث أن دولاً افريقية من بينها غانا نجحت في تحقيق تقدم واضح على صعيد تحقيق الأهداف الإنمائية التي حددتها الأمم المتحدة قبل عقد من الزمن.

وعلى الصعيد الأردني، يعتقد الحمود أن سياسات اقتصادية وأخرى زراعية بات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى لتدارك الآثار الجانبية المواكبة لتطبيق سياسات مختلفة على مدار السنوات الماضية.

ويرى الحمود أن الحكومات المتعاقبة لم تبذل ما يكفي من الجهد لتبني سياسة زراعية رصينة قادرة على لجوء المستثمرين لهذا القطاع أو تمسك المزارعين بمهنتهم الأساسية، حيث اضطروا للانتقال لمدن أخرى أو إلى مراكز المدن للعمل في التجارة والخدمات مخلفين ورائهم فجوة في الإنتاج الزراعي والغذائي.

ودعا الحمود في بيان صحافي لإعادة رسم السياسة الزراعية وإيجاد حاضنة من شأنها الارتقاء بالقدرات والتكنولوجيا وتوفير التمويل الرخيص لشريحة المزارعين فضلا عن أهمية الارتقاء بدور مؤسسة التسويق الزراعي لضمان توجيه المنتجات لأسواق غير تقليدية.

وحث الحمود على تأسيس شركة مختلطة بين القطاعين برأسمال لا يقل عن مليار دولار يقوم نظامها الأساسي على توجيه الاستثمار الزراعي المحلي أو الخارجي " السودان مثلا"، كما يمكن درج أسهمها في بورصة عمان أو أسواق مالية أخرى لضمان نجاحها في الحصول على التمويل اللازم وفق الحاجة.

وقال "يمكن للحكومة تغطية 40% من أسهم تلك الشركة من خلال تحويل مخصصات ضريبية أو تلك الناتجة عن المنح السنوية لتغطية النسبة المذكورة من رأس المال، على أن يفتح الباقي لعموم المواطنين الراغبين بتوظيف مدخراتهم في مشروع وطني مستقبلي ريادي".

وذكر أن تلك الشركة قادرة على إحياء فكرة التوسع الاستثماري الزراعي في السودان التي فتحت زراعيها للاستثمارات العربية والخليجية التي باتت تقدر بمليارات الدولارات".

ولفت الحمود أن اعتماد الأردن على إنتاجها الزراعي سيقلص من عجز ميزان المدفوعات وخسارة العملة الصعبة نتيجة عجز الميزان التجاري الذي تعاني منه المملكة منذ سنوات.

وقال " كانت الأردن تاريخيا قادرة على تلبية كامل احتياجاتها الزراعية، بيد أن سياسة اقتصادية سمحت للبناء في الأراضي الزراعية الخصبة في محيط العاصمة والزرقاء وبقية المناطق أتت على تلك الأراضي بل أن الزرقاء باتت تعاني مشاكل التصحر في ظل تراكم السياسات الزراعية الخاطئة".

ويراهن الحمود على دور الشركة الوطنية للأمن الغذائي في ضبط ايقاع أسعار السلع الأساسية في السوق المحلية، في ظل توقع ارتفاع كلفة السلع المستوردة نتيجة تراجع الدولار بشكل حاد.

ويرتبط سعر صرف الدينار بالعملة الأميركية التي تراجعت بحدة مع صعود الذهب والنفط.

وفي سياق مواز، ذكّر الحمود بأهمية إيجاد علاج لأزمة تراجع حصة المواطن من المعدلات الغذائية المطلوبة ليتمكن من المساهمة في تنمية بلاده، إذ تسبب ارتفاع أسعار السلع وتراجع النتاج المحلي وغياب الوظائف الجديدة في تراجع مداخيل أبناء الوطن وبالتالي قدرتهم على الحصول على حصتهم الطبيعية من الغذاء".

ويشكل الفقراء في المملكة نحو 13% من عدد السكان، وبذات النسبة يوجد آخرون متعطلون عن العمل.

ارتباط بمنظمة "فاو"

تقول منظمة الأغذية والزراعة العالمية إنّ العمل الجماعي لمكافحة الجوع يصبح حقيقة على أرض الواقع عندما تعمل المنظمات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ضمن شراكة على المستويات كافة للتغلّب على الجوع والفقر المدقع وسوء التغذية.

في عام 2009، تمّ بلوغ الحدّ الحرج للجوع في العالم بعدما وصل عدد الجياع إلى المليار نسمة، ويُعزى هذا في جزء منه إلى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وإلى الأزمة المالية وهو "حدث مأساوي في أيامنا هذه" على حد قول الدكتور جاك ضيوف، المدير العام للمنظمة الأغذية والزراعة.

وكان الدكتور ضيوف قد عمد، عشيّة "مؤتمر القمة لمكافحة الجوع" في نيويورك الشهر الماضي، إلى إطلاق عريضة على شبكة الإنترنت مباشرة تجسّد السخط الأخلاقي إزاء الوضع القائم. وإنّ "مشروع المليار جائع" يتواصل مع الناس من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية المتاحة على الإنترنت لدعوتهم إلى التوقيع على العريضة التي تطالب بوضع حد للجوع من خلال العنوان التالي: www.1billionhungry.org

أضف تعليقك