يواجه العمال في الأردن تحديات كثيرة، حيث بلغت معدلات البطالة الى مستويات مرتفعة، مما دفع الجهات العمالية إلى إصدار العديد من البيانات التي تشدد على ضرورة معالجة هذا الملف، وإيجاد حلول لتوليد فرص عمل وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
ورغم حصول العمال على العديد من المكاسب، إلا أنهم لا يزالون يواجهون تحديات كثيرة، مثل ضعف الحد الأدنى للأجور وعدم شمول البعض بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وتعرضهم للإصابة، والمخاطر المختلفة أثناء العمل، إلى جانب النقص في تدابير السلامة والصحة المهنية في مواقع العمل.
وتعد إصابات العمل من بين أبرز التحديات التي تواجه العمال، إذ تسجل مؤسسة الضمان الاجتماعي يوميا سقوط 1.9 عامل، كما يتعرض عامل لإصابة عمل كل 25 دقيقة.
ويشير ارتفاع معدلات البطالة إلى ارتفاع في نسبة الشباب الباحثين عن فرص عمل، حيث تصل إلى 24% وتتجاوز 50% بين حملة الشهادات الجامعية.
لذلك، تطالب بعض الأطراف بضرورة تحسين النظام التشريعي وتوفير بيئة عمل آمنة، مما يؤثر إيجابا على العملية الإنتاجية.
معدلات بطالة غير عادية
في الأول من شهر ايار من كل عام يحتفل العالم بيوم العمال العالمي، وتصدر العديد من المنظمات العمالية بيانات تتناول مشاكل العمال والتحديات التي يواجهونها، وتقدم حلولا للحد من مختلف أنواع الانتهاكات التي يتعرضون لها، كما تستعرض هذه البيانات الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة قضايا العمال.
وأصدر "بيت العمال"، المركز الأردني لحقوق العمل، تقريره السنوي الذي يشير إلى التحديات غير المسبوقة التي تواجه سوق العمل في الأردن، والإنحسار الملموس في فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة في السنوات الأخيرة.
على الرغم من التحسن النسبي في معدلات البطالة في الأردن، إذ انخفضت قليلا لتصل إلى 22.9% في نهاية عام 2022، بعد أن وصلت إلى 25% خلال عام 2020، إلا أن ارتفاع تكلفة المعيشة وانخفاض مستوى الدخل أثر على فئات واسعة من العمال، مما يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعمال والمواطنين في المملكة.
ويرجع رئيس مركز "بيت العمال" المحامي حمادة ابو نجمة السبب الرئيسي لارتفاع نسب البطالة في الأردن هو الخلل في المنظومة التعليمية، حيث يجب إعادة النظر بالنظام التعليمي عبر تخفيف أعداد الطلبة الأكاديميين ورفع أعداد الطلاب المهنيين لتحقيق توازن لا يوجد فيه أعداد كبيرة من الخريجين الأكاديميين الذين لا يجدون فرص عمل.
ومن جانبه يشير تقرير صادر عن مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية حول موضوع الاختلالات التي يعاني منها سوق العمل الأردني، لم يعد موضوعا يتعلق بالانتهاكات العمالية وأنها تخالف المعايير الدولية فحسب، بل أصبحت تشكل معوقا أساسا من معوقات تعزيز مسيرة الاقتصاد الوطني، الذي يدور في حلقة مغلقة من التمنيات والأحلام والسياسات التي تعيق تقدم أي اقتصاد.
ويبين انه عندما تكون لدينا معدلات بطالة تقارب 23 بالمائة، وبين الشباب تقارب 47 بالمائة، وبين النساء تقارب 31 بالمائة، هذه ليست أرقاما عادية، وأي مراقب موضوعي يستطيع الإحساس بخطورة هذه الأوضاع بدون مؤشرات رقمية، لأن مؤشرات البطالة تعتبر خلاصة لمجمل السياسات الاقتصادية ومدى فاعليتها ونجاحها.
واقع المرأة في سوق العمل
سجلت المرأة العديد من الإنجازات في مجال العمل لتحقيق تحدياتها في الاندماج في سوق العمل، وآخر هذه الإنجازات كانت التعديلات الأخيرة على قانون العمل، والتي تضمنت إلغاء النص الذي كان يحظر على وزير العمل إصدار قرار بحظر تشغيل المرأة في أعمال وأوقات معينة.
وبذلك، تم إلغاء القيود على عمل المرأة، وهذا يعد أحد الإنجازات الهامة التي يتم تحقيقها في مسيرة المرأة في العمل، ويمثل تطورا تشريعيا تاريخيا يؤكد حق المرأة في اختيار العمل الذي تريده.
يعد هذا التعديل خطوة مهمة في السعي لفتح المجالات الاقتصادية للمرأة بصورة أكبر، ويشير خبراء في مجال حقوق المراة إلى ضرورة مواصلة العمل في هذا الاتجاه.
وفيما يتعلق بالتعديلات الأخرى التي تم إجراؤها في المادة 29، فإنها تضمنت لأول مرة موضوع التحرش في العمل، وهو يمثل خطوة مهمة نحو الحد من هذه المشكلة، ولكن التعريف الذي تم استخدامه لم يراعِ تعريفات الأمم المتحدة، ولم ينص التعديل على دور صاحب العمل في توفير بيئة عمل آمنة للعاملين، وهذا يعد نقطة ضعف في التعديل. وبالتالي، يجب على المشرعين العمل على مواصلة التحسينات في هذا الصدد، لتحقيق الحماية الكاملة للعاملين، خاصة النساء.
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة في عام 2021 تشير إلى أن نسبة مشاركة النساء في سوق العمل الأردني تبلغ 14.9%، وهي نسبة منخفضة بالمقارنة مع نسبة المشاركة للرجال التي تبلغ 53.5%.
ويصل انسحاب النساء المتزوجات من سوق العمل إلى 78.0%، ويوجد ثلثهن متزوجات منذ فترة قصيرة (أقل من سنتين)، وتشكل النساء اللواتي ينسحبن من سوق العمل بسبب الظروف العائلية وتربية الأولاد حوالي 45.0% من إجمالي المنسحبات.
ترجع الدكتورة في علم الاجتماع والناشطة في حقوق المرأة، هيفاء حيدر، انسحاب المرأة من سوق العمل إلى التقاليد الاجتماعية وتنميط دور المرأة، ويتم التعامل مع عمل المرأة على أنه ليس مجرد مدخل رئيسي للدخل الوطني، بل مكمل للاقتصاد المنزلي.
تشدد حيدر على أهمية إعادة النظر في سياسات الأجور في سوق العمل لتخفيض نسبة البطالة، بالإضافة إلى النظر في سياسات الحكومة التشريعية والاقتصادية.
كما تدعو إلى أهمية إنشاء إطار نقابي يمثل النساء العاملات للدفاع عن حقوقهن والعمل على إيجاد حلول للحد من نسب البطالة بينهن وانسحابهن من سوق العمل.
حرية العمل النقابي
تجددت دعوات العديد من المنظمات والجهات المدافعة عن حقوق العمال لإعادة فتح قانون العمل الذي تم إقراره مؤخرا، وذلك للنظر في المزيد من بنوده مع ضمان تحقيق العدالة للعمال، وحماية حقهم في التمثيل النقابي.
يوضح رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة، المهندس عزام الصمادي بانه لا يوجد حتى اللحظة نقابات عمالية تمثل العمال بشكل حقيقي، نظرا لعدم توفر حرية العمل النقابي.
ولتعزيز دور النقابات يجب ايجاد قانون ينظم العمل النقابات العمالية بشكل ديمقراطي، الامر الذي يحقق العدالة ما بين كافة العمال، وقد يساهم بتخفيض نسب معدلات البطالة بحسب الصمادي.
ويشكك الصمادي، في المنهجية المستخدمة لحساب نسبة البطالة، حيث يشير إلى وجود العديد من الأشخاص المحبطين الذين فقدوا فرص العمل، والذين يمثلون نسبة كبيرة تتراوح بين 10-15٪ من القوى العاملة مرجعا ذلك الى عدم توفر فرص العمل في سوق العمل إلى الحاجة إلى استثمارات لتوليد فرص عمل جديدة.
هذا وكان قد نظم اتحاد النقابات المستقلة قبل يوم العمال، وقفة أمام وزارة العمل لتذكير الحكومة بضرورة السماح بحرية العمل النقابي، وفقا للنص الدستوري والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الأردن.
ويشير الاتحاد إلى أن الأردن يصنف كواحدة من الدول التي لا تسمح بحرية العمل النقابي بسبب التشريعات التي تعيق تنظيم النقابات المهنية.