في ظل الدعوات المستمرة من قبل الجهات المختصة للطلبة باتخاذ مسارات تخصصية تلبي احتياجات سوق العمل والتعليم المهني، ينظم طلبة الثانوية العامة وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي، للتعبير عن رفضهم لقرار تقليص عدد المقاعد المتاحة في الجامعات، وتحديدا في تخصص الطب، الذي شهد تقليص نسبة القبول إلى ما يزيد عن 70%، الأمر الذي يصفونه بالظالم وغير العادل.
وجاء هذا القرار من قبل الوزارة نتيجة لمطالبات النقابات الصحية ونقابة الأطباء بتخفيض أعداد المقبولين في هذا التخصص بسبب وصوله حد الإشباع، وتم دراسة الطاقة الاستيعابية للتخصص بما في ذلك سنوات الدراسة السريرية، وبناء على ذلك تم اتخاذ القرار على أساسها لتحديد عدد القبول من الطلبة.
ويرى خبراء بأنه رغم التشجيع المستمر على توجيه الشباب نحو التعليم المهني لتلافي تفاقم مشكلة البطالة، إلا أنه يبدو أن هناك تفضيلا للمسار الأكاديمي، رغم ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات، بمختلف الدرجات العلمية من الذكور 27%، في حين تجاوزت نسبة 33% بين الإناث، وفقا للإحصاءات الرسمية الأخيرة.
ولمواجهة هذه التحديات وتحفيز الطلبة على إعادة النظر في اختياراتهم التعليمية، والتركيز على التعليم المهني بشكل أكبر، قرر مجلس التعليم العالي بإيقاف القبول الجامعي بـ42 تخصصا في الجامعات الأردنية الرسمية للعام الجامعي 2022-2023 وتخفيض نسب القبول في جميع التخصصات الراكدة والمشبعة، وبنسبة 50%، وذلك لمواجهة نسبة البطالة العالية بين خريجي الجامعات الأردنية.
كما قامت وزارة التربية والتعليم بتوزيع مسارات تعليمية على طلبة الصف التاسع، بحيث تم اختيار المسار الأكاديمي أو المهني وفقا لرغبات الطلبة، و سيتاح لهم فرصة بدء التعليم المهني في هذا العام.
12% نسبة الالتحاق بالتعليم المهني
تبلغ نسبة الانخراط في التعليم المهني حاليا 12%، وقد أعلنت وزارة التعليم عن خطة طموحة لزيادة هذه النسبة إلى 30% بحلول عام 2030 ، بحيث يتم زيادة النسبة بمعدل 5% سنويا، لتصل إلى 20% بحلول عام 2027.
ويعتبر رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة أبو نجمة في حديث لـ "عمان نت" ان الاهتمام بالتدريب المهني ما زال ضعيفا، حيث ان الشباب الذين يتوجهون إلى مؤسسات التدريب جزء منهم لا يستمر في هذا المجال او لا يعمل بعد انتهاء التدريب، وهو أمر غير مجد اقتصاديا ويؤثر سلبا على السوق بشكل عام.
ويرجع أبو نجمة هذا التحدي الى نوعية اختيار التخصصات بطريقة غير فعالة، وضعف إمكانيات التدريب المهني، في ظل عدم وجود التعاون والتنسيق مع القطاع الخاص والذي يعد في ادنى مستوياته، حيث يتطلب التدريب بأن يكون متوافقا مع احتياجات سوق العمل، بالاضافة الى ذلك، يفتقر بعض الخريجين للكفاءات والمهارات اللازمة للعمل بعد انتهاء التدريب المهني.
يشير إلى أهمية تطوير مناهج التعليم النظري والتطبيقي، وتجهيز المدارس بالأجهزة والتسهيلات المناسبة، مع التحديث المستمر لتلبية تطورات سوق العمل. ومع ذلك، يجدد التأكيد على أن تحقيق هذا يتطلب استثمارات مالية كبيرة.
بالاضافة الى الجهود الحكومية، يلعب الاهل دورا كبيرا في تشجيع ابنائهم على اختيار التعليم المهني، ويحتاج هذا الى برامج توعوية، حيث يسود اعتقاد خاطيء أن مؤسسات التدريب المهني لا تقدم فرص عمل مجدية.
في الدول المتقدمة يعتمد الاقتصاد بنسبة تصل الى 70% على التعليم المهني، بينما في الأردن تفوق حملة الشهادات الاكاديمية ذلك بكثير، وهذا يستدعي التدابير التي تبدأ من تطوير المؤسسات التعليمية المتخصصة في التدريب المهني وصولا الى تحسين التشريعات والقوانين المنظمة لسوق العمل.
استحداث ما يزيد عن 15 تخصصا حديثا
تسعى مؤسسة التدريب المهني إلى مواكبة سوق العمل من خلال طرح تخصصات جديدة ونوعية قادرة على خلق فرص عمل والمنافسة في سوق العمل والتي تلائم التطور في مختلف المجالات، انطلاقا من استراتيجية المؤسسة التي تهدف إلى تعزيز مهارات الشباب الأردنيين في مختلف المجالات وربطهم بفرص عمل مناسبة.
ويرى الناطق الإعلامي باسم مؤسسة التدريب المهني جميل القاضي أن الجهود التي تبذل لتشجيع التعليم المهني تعتبر خطوة مميزة نحو توفير فرص للطلاب في التعليم المهني، حيث الحصول على الثانوية العامة من خلال التعليم المهني ومن ثم اختيار تخصصات جامعية تتناسب مع تلك المجالات.
ويؤكد القاضي أن هناك تغييرا ايجابيا في الصورة النمطية عن التدريب المهني بين الشباب الأردني، مرجعا ذلك لتزايد أعداد المسجلين في مؤسسات التدريب مقارنة بالأعوام السابقة، مما يشير إلى نجاح هذه الجهود في تغيير وجهة نظر المجتمع.
القاضي يشير إلى أن القطاع السياحي يحظى بأعلى نسبة تشغيل بلغت 90% بين الخريجين، وكذلك القطاع الطاقة الشمسية وصيانة السيارات الهجينة، وهناك تفاؤل بزيادة الفرص في القطاع الزراعي في المستقبل.
وفق تقديرات المؤسسة بلغ عدد الطلبة الذين تلقوا تدريبا في المؤسسة وحصلوا على درجات عليا بلغ 1600 طالب، خلال الفصل الدراسي الماضي، وأكثر من 3 آلاف طالب حازوا على شهادة الثانوية العامة، اما عدد من حصوا على شهادة الدبلوم وصل عددهم حوالي 900 متدرب.
تعمل المؤسسة على مواكبة الثورة الصناعية الرابعة وتطوير المهارات ذات الصلة بالاقتصاد الأخضر والأمن الغذائي والصناعات المختلفة. تهدف المؤسسة إلى توفير تخصصات جديدة تتماشى مع احتياجات سوق العمل وتطورات المجتمع.
وتمثل السنة الحالية استحداث العديد من التخصصات الجديدة، حيث تم تطوير 12 برنامجًا زراعيًا بالتعاون مع القطاع الخاص والجهات الحكومية. وقد تم تنفيذ برامج تدريبية في مجال الزراعة بمختلف تخصصاتها، وتجهيز مشاغل التدريب في عدة محافظات بالمعدات والأجهزة اللازمة.
وقد تم تحويل مركز القويسمة إلى مركز تميز بالتعاون مع القطاع الخاص، حيث يتيح للطلاب فرص التدريب في صيانة المركبات الكهربائية والهجينة، إضافة إلى مجموعة من المراكز المتخصصة في مجالات متنوعة مثل المحكيات والذهب والمجوهرات والصناعات الدوائية.