مع اقتراب الإعلان عن نتائج امتحان الثانوية العامة، واستعداد الطلبة لتقديم طلبات الالتحاق بالجامعات الرسمية لمختلف التخصصات، يطالب ديوان الخدمة المدنية بضرورة تحديد خياراتهم بحكمة، والابتعاد عن التخصصات المشبعة والراكدة، والتقدم إلى التخصصات المطلوبة التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل.
وعلى الرغم من اهتمام الديوان بإعداد دراسات سنوية لتوفير المؤشرات والمعلومات التي تساعد خريجي الثانوية العامة وأولياء أمورهم في اختيار التخصص المناسب وفق احتياجات سوق العمل، يظل البعض مصمما على الالتزام بتحقيق أحلامهم وتحديد التخصصات التي تلهمهم بغض النظر عن مدى إشباعها.
وتقول هديل المقابلة طالبة في جامعة اليرموك تدرس تخصص علم النفس، بأنها واجهت ضغوطا من عائلتها لدراسة هذا التخصص، رغم معرفتها بأنه من ضمن التخصصات المشبعة.
كما اختار أحمد تخصص الفيزياء رغم ركوده في سوق العمل بسبب عدم توفر الخيارات الأخرى أمامه، رغم أنه من التخصصات الراكدة في سوق العمل مقابل التخصصات التقنية والتكنولوجية، في حين اختار خليل تخصص المحاماة بناء على رغبة أهله، على الرغم من وعيه بفرص الاختصاصات التقنية والمستحدثة.
ومن ناحية أخرى، تؤكد ملك طالبة اللغة العربية في جامعة اليرموك، بأنها اختارت التخصص الذي ترغب فيه ودريت سوق العمل قبل اتخاذها هذا القرار، دون تأثرها بأية ضغوط عائلية، وتعتزم ملك تطوير مهاراتها لتحصل على فرصة عمل تناسب تخصصها.
وشملت دراسة قام بإعدادها الديوان حول التخصصات الخاصة بالكليات الجامعية المتوسطة والتي أصبحت هذا العام ضمن قائمة القبول الموحد وفق قرار وزارة التعليم العالي، مستندا في هذا القرار إلى أحكام المادة 40 في نظام الخدمة المدنية رقم 9 لعام 2020، التي تلتزم بإصدار قائمة بالتخصصات الراكدة في الربع الأول من كل سنة، وعدم قبول طلبات التوظيف في هذه التخصصات بناء على الكشف التنافسي.
بهذا الإجراء، يسعى الديوان لتمكين خريجي الثانوية العامة من اختيار التخصصات الأكثر فائدة وتوافقا مع احتياجات سوق العمل، وتمكينهم من الانخراط السريع في العمل وتحقيق نجاحات مهنية.
40 تخصصا مصنفة بالراكدة والمشبعة
عضو المكتب التنفيذي لاتحاد النقابات عمال الأردن بشرى السلمان تقول ل "عمان نت"، إن توجه الطلاب نحو التخصصات التقليدية والأكاديمية، بسبب الاعتقاد السائد بأن التعليم التقني ليس له قيمة.
وتعتبر السلمان أن هذه المشكلة تعد سببا للجوء الطلاب نحو التعليم الجامعي، مما يؤدي إلى زيادة عدد الخريجين الذين يتجهون إلى سوق العمل، ويتسبب في تضخم الأعداد بشكل واضح في برامج التخصصات الأكاديمية غير المهنية، وبالتالي يعاني سوق العمل من نقص كبير في المهنيين والفنيين.
رئيس ديوان الخدمة المدنية، سامح الناصر، أعلن أن هناك عملية تحليل جانب العرض للتخصصات العلمية التي يتقدم بها الطلاب للديوان، وتزداد بمعدل يتراوح بين 40 إلى 35 ألف طلب توظيف جديد سنويا، مما يشكل حوالي 50٪ من إجمالي مخرجات التعليم السنوي.
ومن بين هذه التخصصات حوالي 40 تخصصا مصنفة بالراكدة والمشبعة، تلك التخصصات التي تلقى إقبالا كبيرا من قبل الطلاب بحيث تكفي احتياجات سوق العمل المحلي للسنوات العشر إلى الخمسة عشر المقبلة.
بناء على ذلك ترى السلمان بأنه من الضروري التوجه نحو التعليم التقني وتحقيق التوافق بين الاحتياجات الوطنية ومخرجات العملية التعليمية، معتبرة التعليم التقني هام لتطوير وتحسين ورفع كفاءة الموارد البشرية.
هذا الأمر يتطلب توعية الطلبة بالتخصصات الجامعية الراكدة التي تلبي احتياجات سوق العمل وتوجيههم نحو التخصصات التي يتطلبها سوق العمل، خاصة مع عجز القطاعين الخاص والعام عن استيعاب العدد المتزايد من الخريجين سنويا بحسب السلمان.
واستنادا إلى بيانات دائرة الإحصاءات العامة تظهر أن نسبة البطالة تتركز بشكل أساسي بين حملة المؤهلات الجامعية وحملة الثانوية العامة فما دون، حيث يتجه 70 % و80 % من خريجي الثانوية العامة في الأردن.
من جانبه يشير الناصر إلى أن التخصصات التقنية والفنية التي تدرس في الكليات الجامعية المتوسطة في الأردن، كونها توفر للخريجين سرعة الانخراط بسوق العمل، وهي من تدر دخلا جيدا مقارنة بالمهن الجامعية في التخصصات الإنسانية، إضافة للحاجة إليها في سوق العمل الإقليمي وحتى العالمي، وخصوصا دبلوم كلية المجتمع التقني الذي مدت الدراسة فيه ثلاث سنوات.
ربط التخصصات بطلب القبول الموحد
ولتعزيز الأهداف التوعوية والإرشادية للدراسة، فقد تم وبالتعاون مع وحدة القبول الموحد في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إدراج جميع بيانات الدراسة الخاصة بالتخصصات وربطها بعملية تقديم طلب القبول الموحد بحيث تظهر حالة التخصص مباشرة أمام مقدم الطلب وتصنيفها كمطلوبة ومشبعة وراكدة.
وعندما يقوم الطالب باختيار التخصص، تظهر حالته سواء كان مطلوبا باللون الأخضر أو مشبعا باللون الأصفر أو راكدا باللون الأحمر، كما يمكنه معرفة مجموعة من المعلومات التي تساهم في مساعدته على اختيار التخصص المناسب، كالحد الأدنى للمعدل، ووصف مختصر للتعريف بالتخصص ومجالات العمل التي تتصل به.
كما يمكنه الاطلاع على الإحصائيات المحدثة حول أعداد الطلبة الملتحقين حاليا على مقاعد الدراسة في الجامعات وكليات المجتمع لكل تخصص، وذلك بالرجوع إلى بيانات هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، بحيث يستطيع الطالب التعرف بيسر وسهولة على الحجم المتوقع للخريجين خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي يوفر للطلبة وذويهم صورة متكاملة لواقع التخصصات المطروحة للتسجيل، وبالتالي الابتعاد عن التخصصات غير المطلوبة.