تبادل الأدوار في سوق بيع الأصوات الانتخابية

الرابط المختصر

لم يعد الحديث عن بيع وشراء الأصوات الانتخابية-رغم عدم قانونيته- أمراً مستهجناً أو غريباً في الشارع الأردني بمختلف مستوياته وخلفياته الاجتماعية، أثناء التحضير للانتخابات النيابية 20 تشرين الثاني المقبل.إذ يعد تبادل القصص حول هذا الموضوع على الأغلب العامل الرئيسي المشترك بين جميع الدوائر الانتخابية أثناء فعاليات الدعاية الانتخابية غير الرسمية التي بدأ بها من يرغبون بترشيح أنفسهم مبكراً كما هو معروف.

صحيح أن بيع وشراء الأصوات أمر بات الحديث عنه اعتيادياً في غالبية دوائر المملكة الانتخابية ولكن جرى على هذا "العرف الانتخابي" تغيير في الشكل والمضمون معاً. رغم اتفاق الجميع على سلبيته وضرورة محاربته.
 
فبعد أن كان الحديث عن مبلغ خمسين ديناراً أمراً شديد الغرابة كبدل يدفعه المرشح للناخب مقابل صوته الانتخابي، تكاد عبارة "صوتك أمانه" تكاد تختفي حتى من اليافطات الإعلانية للمرشحين ناهيك عن تفكيرهم، وعن الممارسة العملة للمواطنين واختلف الأمر تماماً فأصبح الناخبون هم المبادرون لعرض أصواتهم في مزاد انتخابي للأصوات لم يعد يعتمد على المبلغ المالي بل أصبح يعتمد أيضاً على شكل البدل ومقارنته بسوق الأصوات الدارج والذي يشترك في تحديد أسعاره: طمع المرشح للفوز بمقعد انتخابي وطمع الناخب بمكسب مادي سريع، ولكن ألأخير هو المتحكم الفعلي الآن في العرض والطلب في هذا المجال.
ولا ينفي ذلك أن كلاهما يشتركان بتعريض العملية الانتخابية للخطر الحقيقي بإبعادها عن روحها الأصلي بانتخاب مرشحين أكفاء يمثلون ناخبين في أهم مؤسسات صنع القرار ألا وهي البرلمان مؤسسة الرقابة والتشريع.
 
تقول زوجة أحد الأشخاص الذي ينوي ترشيح نفسه عن إحدى دوائر العاصمة عمان وهي تحاول إخفاء مشاعر الصدمة"إن الأمور أصبحت شديدة الغرابة فقد كنا مترددين في عرض بدل مادي للأصوات ولكن عشرات الأشخاص حسموا هذا التردد بمبادرتهم لعرض أصواتهم للبيع ولكن ليس مقابل 20 أو خمسين دينار إنما طلبات عجيبة"
 
وتضيف" طلب دفع إيجار بيت أو فواتير ماء أو كهرباء أو وظيفة هي طلبات اعتدنا عليها في مرات سابقة ولكن أن تطلب منا إحدى السيدات دفع تكاليف عملية طفل أنابيب لعدم قدرتها على الإنجاب، هو أمر غريب فعلاً ناهيك عن طلبات أخرى مثل تخييرنا من أخرى بين شراء شقة أو على الأقل تقديم كفالة بنكية لها لشراء شقة، وأخرى طلبت شراء قرنية لأبنتها ومعالجة يد ابنها التي تعرضت لحرق،  وأخرى تطلب مساعدة للحصول على بيت من إحدى مكرمات الملك عبدالله الذي يقدمها للفقراء ولعل الطلب الأخير كان الأغرب على الإطلاق وهو تعهد إحدى السيدات بالتصويت لزوجها مقابل أن يتعهد هو بتغيير حمام بيتها مسبقاً طبعاً"
 
ورغم التأكيدات الرسمية على مخالفة الاتجار بالصوت الانتخابي للقانون واعتباره جرماً يعاقب عليه بالحبس لا يقل عن سنة وبغرامة مالية لا تقل عن خمسين ديناراً إلا أنه وبحسب أكثر من قانوني ومختص في هذا الشأن بأن تواضع العقوبة في النص القانوني –قانون الانتخابات رقم 34- وسيطرة المصالح الشخصية والمادية على العملية الانتخابية بالإضافة إلى صعوبة الإثبات في حدوث هذا الفعل  هما أهم الأسباب وراء ممارسة هذا الفعل.
   ويذكر أن هناك وحدة للشكاوى الخاصة بجرائم الانتخابات –ومن أهمها بيع وشراء الأصوات- في وزارة الداخلية وتعهد الناطق باسم الوزارة لشؤون الانتخابات  سعد شهاب " بتقديم أي شكوى يقدمها أي مواطن بهذا الخصوص للقضاء لأن تقديم بدل مادي أو هدية مقابل التصويت هو فعل مجرم قانوناً وأهاب بالمواطنين عدم التخوف من المبادرة وتقديم الشكوى لأنه ستتابع بشكل حثيث"
 كما أن التصريحات الرسمية حول الانتخابات بدءً من الملك عبدالله الثاني ومروراً برئيس الوزراء ووزير الداخلية كلها تؤكد على النية الأكيدة على ضمان نزاهة الانتخابات القادمة ولعل أحد المهددات الواضحة لها هو عدم ضمان الحد من هذه الممارسات التي تؤثر تاريخياً على العملية الانتخابية بشكل بالغ. بعيداً عن الدور الأساسي للناخب نفسه بمراعاة القانون أثناء ممارسته لحقه الانتخابي الدستوري.