بيت "فاطمة الزعبي".. إلهام امرأة سلطية ومثابرتها

يعد بيتها والذي يحمل اسم "بيت فاطمة الزعبي" من أبرز المعالم في السلط، والذي يزوره السياح والأردنيون ليتناولوا الأطباق التراثية، ويرتدوا "الخلقة" السلطية، ويستمتعوا بمقتنيات البيت التراثية كذلك. بعد أن وضعت "فاطمة الزعبي" نصب عينيها هدفاً يتمحور حول تحويل عدد حبات "كيلو" العدس البالغة سبعين ألف حبة إلى رأس مال لتطوير مشروعها السياحي الإنتاجي الذي بدأته بتنظيف العدس، والأرز، ولف الدوالي، وتحضير الأطباق التراثية، قصة مشروع الزعبي بدأت قبل عشرين عاماً عندما واجهت فاطمة ظروفاً اجتماعية اضطرت بسببها لأن تكون مسؤولة عن بيت، وخمسة أطفال أكبرهم في الصف العاشر، وأصغرهم في الصف الأول، فكان لا بد لها من مواجهة الحياة لوحدها.

 

تقول الزعبي لشبكة نساء النهضة: "لا أملك شهادة جامعية لأشتغل بها ولا أي خبرة في مجال العمل، ما اضطرني إلى أن أذهب إلى إحدى الجمعيات لطلب المساعدة، ولكن جواب رئيس الجمعية كان أن نظر إلي قائلاً: "تستطيعين العمل فأنت لا تحتاجين لمساعدة"". تتابع الزعبي قائلة "شعرت بالحزن وقتها وقلة الحيلة فأخبرت جارتي التي أشارت عليّ بأن أقوم بلف ورق الدوالي مقابل مبلغ مالي، أو أن أنظف البقوليات كالعدس، والأرز، والفريكة، والبرغل لأهل الحي وهكذا كان؛ وحصلت على أول أجر كان مقداره ديناراً ونصف متحدية بذلك ثقافة العيب والعادات والتقاليد، فكنت أول سيدة في السلط تقوم بهذا العمل".

وبحسب الزعبي،  فقد بدأت المعلمات والموظفات في المنطقة يطلبن منها تجهيز الطعام لهن، ولم تكن وقتها فكرة المطابخ الإنتاجية منتشرة كما هي الآن، ما دفع الزعبي لبذل قصارى جهدها لتجهيز الطعام للسيدات الأمر الذي استمر مدة سبع سنوات. "وبعد سبع سنوات من العمل طلبت مني إحدى الجهات الأهلية وهي "تجمع لجان المرأة" بأن أقوم بإعداد مجموعة من الأطباق لزوجات السفراء العرب والأجانب في الأردن ممن سيزرن السلط، فقمت بتجهيز تسعة أصناف من الأطعمة التقليدية، والسلطات، وقدمتها في أحد الأماكن السياحية والتراثية المعروفة في المنطقة "متحف أبو جابر"، وبعدها عملت في أحد المطاعم السياحية بالإضافة لإحدى الجمعيات الخيرية كطاهية تجهيز أطعمة". تضيف الزعبي.

 

ولكن التغيير الجذري حدث عندما زار وفد من وزارة السياحة قبل ثلاثة عشر عامًا الزعبي، ليخبرها بأن بيتها يقع ضمن المسار السياحي في مدينة السلط، عارضين عليها فكرة استقبال المجموعات السياحية لتقديم الطعام التراثي كالإفطار البلدي والأطباق التراثية، بالإضافة لتقديم بعض من المنتوجات التراثية كالأزياء ومنها "الخلقة السلطية" -الزي التراثي لأهل السلط- تحديداً، وذلك مقابل مبلغ من المال.

 

وتشرح الزعبي الصعوبة التي واجهتها عندما عرضت الفكرة على أولادها الذين رفضوها جملة وتفصيلاً بقولهم "كيف الأجانب يزورنا واحنا ما بنعرفهم؟!". إلا أنها أقنعت أولادها بالفكرة، كما أخبرت جيرانها عن المشروع، طالبة منهم النصيحة والمشورة بما يتناسب مع عادات المنطقة وتقاليدها، فقاموا بتشجيعها ومساندتها حتى صارت تحظى بمساعدة بعض السيدات في الطهي مقابل أجر مادي.

وبالعودة إلى ذكرياتها، توضح الزعبي بأن أول وفد زارها كان من اليابان واصفة شعورها في ذلك الوقت: "لم أنم في تلك الليلة مطلقاً؛ حيث بدأت بإعداد الطعام والتجهيز للزيارة، وتقاضيت وقتها مئة وعشرون ديناراً، وكان هذا المبلغ بالنسبة لي ثروة كبيرة في حينها إذ كان أول مبلغ كبير أتقاضاه". 

 

وحظي مشروع الزعبي الذي أصبح يشار له كمعلم سياحي بالبنان في مدينة السلط بزيارة الملكة رانيا العبد الله الداعمة الأولى دوماً للمشاريع الإنتاجية، بالإضافة إلى زيارة من ملكة هولندا، والعديد من الشخصيات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والدولية. كما تفخر الزعبي بحصول منتجاتها من السمنة، والجبنة، والسمن البلدي، والمقدوس، والمخللات على شهادة الجودة من الجمعية العلمية الملكية.

 

وتطمح الزعبي لأن تطور من مشروعها، فبحسبها "كل امرأة تستطيع أن تتحدى الصعاب عندما يكون لديها إرادة وتصميم، فمهما كانت ظروفها فهي تستطيع أن تصنع لها كياناً مستقلاً وتتحلى بالثقة بالنفس".

 

يشار إلى أن "شبكة نساء النهضة" والتي تعمل تحت مظلة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، تعمل على تسليط الضوء على قصص نجاح السيدات، في مختلف مواقعهن، وكيف تغلبن على التحديات التي واجهتهن ضمن سلسلة من القصص التي سيتم نشرها تباعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تأتي هذه المدونة ضمن سلسلة من القصص التي يتم انتاجها في إطار مشروع "لأجلهن وبإرادتهن" والذي تنفذه منظمة النهضة (أرض) بالشراكة مع مؤسسة هاينريش بول

أضف تعليقك