"بيئة غير آمنة" للنساء من ذوي الإعاقة في العمل ... ولا ضمانات قانونية

الرابط المختصر



"خلال سنوات عملي في أحد مولات العاصمة عمان، كنت أتعرض للتحرش اللفظي من بعض سائقي التكاسي" هكذا تلخص هند أبو شمط تجربتها في الوصول إلى العمل كفتاة من ذوي الإعاقة الحركية.

هند فتاة وقعت ضحية الصور النمطية السائدة حول الفتيات من ذوي الإعاقة، مُجابهة كل المعيقات التي تحد من وصولها للعمل بأمن وسلام، معلّقة "كان موضوع التحرش الذي عانيته في طرق وصولي لعملي في المواصلات العامة، والانعكاس النفسي للتصرفات غير اللائقة من قبل البعض في الشارع العام، أكثر ما يهدد أمني الوظيفي".

تسرد أبو شمط تجربتها في بيئة العمل كفتاة من ذوي الإعاقة الحركية "مكان عملي كان مهيأ بالكامل للأشخاص من ذوي الإعاقة ولأنني أعمل في نفس المكان منذ خمسة عشر عاماً فاعتاد زملائي في العمل تقديم الدعم لي"، تصف تجربة الفتاة من ذوي الإعاقة للتوجه لخوض الواقع العملي "تجربة محفوفة بالمخاطر وينقصها تهيئة أكثر وتوعية للناس بحقوق العامل وحسن التعامل معه، فقد تعرضتٌ مراراً لحالات تنمر وأسئلة من قبل البعض حول وجودي للبيع في مكان عملي عدا عن نظرة الناس للشخص من ذوي الإعاقة بازدراء وتكبر".

التحرش في ذوي الإعاقة تصرف مألوف 

"لم آخذ أي إجراء قضائي بشأن ما حدث لي سابقاً لأن التحرش تصرف يفعله الكثيرين مع الأشخاص من ذوي الإعاقة" تعلّق أبو شمط لماذا لا تقاضي من حاول التحرش فيها مؤكدة أن المجتمع ينظر إلى الفتاة من ذوي الإعاقة على أنها فريسة يسهل النيل منها، وهذا ما أجبر كثير من عائلات وفتيات ذوي الإعاقة عدم التوجه إلى سوق العمل خوفاً من التعرض لمضايقات في بيئة العمل.

تستذكر السيدة الأربعينية من ذوي الإعاقة الحركية سارة "اسم مستعار" تجربتها كمعلمة للصفوف الإعدادية في أحد المدارس الحكومية بنبرة يسودها الأسف والتمييز على واقع المرأة من ذوي الإعاقة في بيئة العمل وتقول "مُنعت مرات عديدة من قِبل مديرة المدرسة من استخدام المرافق الصحية في المدرسة رغم اطلاعها على وضعي الصحي، لأنها كانت متسلطة وتعتبر أن أي معلمة من غير ذوي الإعاقة هي أكثر استحقاقاً مني لهذا المنصب الوظيفي وأن وجودي عائقاً بوجه الطالبات وتأخري عن الحصة لمدة خمس دقائق قد يعرض الطالبات لحالة من التسيب".

وتتابع "تعرضت للإهانة والإقصاء لكثير من الفرص التدريبية من قبل مديرة المدرسة لأنني كنت أتأخر في بعض المرات عن موعد الحصة خمسة دقائق بسبب وضعي الصحي"، مما جعلني أفكر مرات عدة  أن أترك وظيفتي الحكومية، لما لهذه الكلمات من انعكاسات نفسية عديدة على أدائي في العمل.

قصة "سارة" و"هند" ليست أقل ضراوة من مجابهة تقى لإقصاء الفرص والتمييز للفتيات على أساس الإعاقة، فتلفت الدكتورة تقى المجالي من ذوي الإعاقة البصرية تجربتها في سلامة المرأة من ذوي الإعاقة قائلة "تعرضت للتمييز بشكل واضح ورسمي من قبل عدد من الهيئات الحكومية وحتى الخاصة"، وأكثر هذه الوظائف كان لافتاً أن يتم رفضها بها، هو تقدمها لوظيفة في مُسرعات أعمال وريادة وشركات واعدة "تتبنى وتدعي نهج البيئة الدامجة والريادة بما يخص الحقوق".

لا يكتفي أرباب العمل بالرفض بل بالإهانة أيضاً 

"لا تؤول الأمور لدى أرباب العمل إلى الرفض فقط، بل يتم التقليل من قدرة الفتاة ذوي الإعاقة بسؤالها هل أنت متأكدة من كفاءتك للتقديم لهذه الوظيفة؟"، مضيفة أن المرأة من ذوي الإعاقة يمارس عليها التمييز بطريقة مزدوجة في بيئة العمل كفتاة وكشخص من ذوي الإعاقة.

تعتبر قصة تقى وإقصائها على أساس الإعاقة رغم استحقاقها العمل الذي تتقدم له مخالفة للفقرة (أ) من المادة "25" لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم "20" الصادر لعام 2017، والذي ينص على " لا يجوز استبعاد الشخص من العمل أو التدريب على أساس الإعاقة أو بسببها، ولا تعتبر الإعاقة بذاتها مانعاً من الاستمرار فيهما".

وبالرغم من أن الاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية حدّت من الإقصاء والتمييز للأشخاص من ذوي الإعاقة، وكان الأردن من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2008، وكان هناك الكثير من النصوص التي تدين العمل بشكل لا إنساني مع ذوي الإعاقة إلا أن الواقع العملي أكثر وضوحاً مما تخطه الاتفاقيات والتشريعات الدولية، المادة "15" من الاتفاقية "تنص على عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والفقرة "2" من المادة تنص على أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع إخضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع الآخرين، للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".

الناشطة في حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة روان بركات تعدد معاناة ذوي الإعاقة مؤخراً التي باتت تتفاقم في سوق العمل أكثر، وكل هذه التحديات يسودها انتقاص حقوقي واضح، فمثلاً بدل توقيع عقد عمل مع ضمان اجتماعي، تؤخذ عقود مياومة حتى لا يحصل الشخص من ذوي الإعاقة على عقد عمل ثابت ويسهل الاستغناء عن مهامه وفصله في أي وقت.

لذا يتوجه كثير من أرباب العمل لجعل بيئة العمل خالية من الأمان الوظيفي لدى الشخص من ذوي الإعاقة بهدف إقصاؤه وحد الفرص عليه، وهذا تتعرض له النساء والرجال على حد سواء حسب بركات.

فتيات الإعاقات "الذهنية والسمعية" أكثر من يتعرض للتحرش في بيئة العمل   

تذهب بركات في حديثها منوهة إلى السلامة البيئية في عمل الفتاة من ذوي الإعاقة قائلة "أكثر من تتعرض للتحرش في العمل النساء من ذوي الإعاقة الذهنية والتي تجرؤ الناس على إيذائها بحجة أنها فتاة فاقدة للعقل والأهلية، أو على الفتاة من ذوي الإعاقة السمعية والتي تعتبر غير قادرة على التعبير عمّا حدث لها".

تعتبر بركات أن تخوف الكثير من أهالي فتيات ذوي الإعاقة من التحرش أو تعرض بناتهن للمضايقات أحد المعيقات التي تحد وصولهم لبيئة العمل، وترجع أسباب عدم سلامة المرأة من ذوي الإعاقة في بيئة العمل لقصور في السياسات التي تحمي لها حقها في بيئة العمل، ولغياب التدريب المختص للفتيات لمعرفة التحرش وكيفية التصدي له، ولعدم وجود آلية توثيق للشكاوى لحماية حقوق هؤلاء الفتيات من ذوي الإعاقة، وتضيف إنه في الأساس لا يوجد قانون يدين التحرش للنساء من ذوي الإعاقة.

"إن فكرة وجود حالات تحرش في فتيات من ذوي الإعاقة وتوفير بيئة صحية دامجة لهن في العمل، يعود إلى عدة قضايا أهمها مسؤولية الجهات الرسمية لرفع الوعي الحقوقي للعامل لديها، والعمل على رفع الوعي المجتمعي العمالي بأسره، وتوجه الشركات لخط سياسات مخصصة تضمن حماية المرأة من ذوي الإعاقة في بيئة العمل" تواصل بركات حديثها عن آلية خلق بيئة عمل صديقة وداعمة للفتاة من ذوي الإعاقة.

وتشرح الأثر النفسي الذي تتركه بيئة العمل غير الدامجة للفتاة من ذوي الإعاقة "إن الضرر النفسي على الفتاة من ذوي الإعاقة كبير وقد يسبب لها هواجس في حياتها الأسرية إذا ما تعرضت للتحرش أو المضايقة أو الإهانة، وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى خسارة أيدي عاملة كفؤة".

وتركز بركات على أن عدد من الجهات الرسمية يقع على عاتقها توعية الشخص من ذوي الإعاقة حقوقياً وعملياً وبيئياً ونفسياً وأبرز هذه الجهات وزارة العمل، والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة، ومؤسسات المجتمع المدني، وأرباب العمل أنفسهم.

الفقرة (أ) من المادة (27) المعنونة بالعمل والعمالة ضمن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تنص على "حظر التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة، ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل، واستمرار العمل، والتقدم الوظيفي، وظروف العمل الآمنة والصحية"، وأيضاً الفقرة (ب) من نفس المادة "حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ظروف عمل عادلة وملائمة، على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك تكافؤ الفرص وتقاضي أجر متساو لقاء القيام بعمل متساوي القيمة، وظروف العمل المأمونة والصحية، بما في ذلك الحماية من التحرش، والانتصاف من المظالم".

مسؤول الاتصال ومختص الحماية الاجتماعية في مؤسسة تمكين خالد جمعة يقول إن قانون العمل ينظم العلاقة بين العمال ذكورًا وإناثًا وأصحاب العمل هم المظلة القانونية لتيسير سوق العمل الأردني، فيما يتعلق بالتشريعات المتعلقة بذوي الإعاقة بحسب قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر لعام 2017، والذي يعتبر حماية شاملة للأشخاص من ذوي الإعاقة في جميع المجالات.

الوعي شريك الرقابة في توفير الحماية للمرأة من ذوي الإعاقة في العمل 

وبما يخص أهمية الوعي الحقوقي لدى الأشخاص من ذوي الإعاقة، فإن المؤسسات الحقوقية والجهات الرسمية والتعليمية جميعها مسؤولة عن رفع وعي العاملين بشكل عام بقانون العمل والحقوق العمالية وأهمية تواجد الأشخاص من ذوي الإعاقة في بيئة العمل، منوهاً إلى أن ما أنف ذكره قد تم التنويه له في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017، كما ذكر في الفقرة "ه" من المادة (25) والتي تنص "مع عدم الإخلال بما يتطلبه العمل أو الوظيفة من مؤهلات علمية أو مهنية، تلتزم الجهات الحكومية وغير الحكومية، التي لا يقل عدد العاملين والموظفين في أي منها عن (25) ولا يزيد على (50) عاملاً وموظفاً، بتشغيل شخص واحد على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن شواغرها، وإذا زاد عدد العاملين والموظفين في أي منها على (50) عاملاً وموظفاً تخصص نسبة تصل إلى (4%) من شواغرها للأشخاص ذوي الإعاقة وفقاً لما تقرره وزارة العمل".

ويضيف جمعة أن نتائج الزيارات التفتيشية لوزارة العمل خلال العام 2018 والبالغة 183 زيارة تفتيشية على مؤسسات القطاع الخاص للتأكد من مدى التزام المؤسسات بالنسبة المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، أظهرت التزام 28 مؤسسة فيما كان عدد المؤسسات المخالفة 13 مؤسسة وبلغ عدد المؤسسات التي لا تنطبق عليها الشروط (142) مؤسسة.

فيرى أن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها الفتيات ذوي الإعاقة في سوق العمل هي عدم توفر فرص العمل وارتفاع نسب البطالة بينهم وبحسب ورقة صادرة عن مركز بيت العمال بلغت نسبة الأردنيين من ذوي الإعاقة 11،2% من مجمل السكان الأردنيين ممن أعمارهم خمس سنوات فأكثر، إلا أن نسبة المشتغلين منهم تقل عن 1% من مجموع العاملين في سوق العمل في القطاعين العام والخاص، ما يزيد احتمالية وقوعهم في إطار البطالة بشكل أكبر بسبب تدني حظوظهم بالحصول على وظائف وغياب مظلات الحماية الاجتماعية عنهم، إضافة إلى فقدان سوق العمل لإمكانياتهم وقدراتهم في تطوير العملية الإنتاجية بسبب الصور النمطية السلبية والتمييز الذي يتعرضون له.    

البيئة غير مهيئة للحفاظ على سلامة المرأة في بيئة العمل 

ويعدد أسباب غياب السلامة البيئية للنساء من ذوي الإعاقة قائلاً "يؤدي عدم تهيئة البنية التحتية للمؤسسات إلى معضلة تواجه ذوي الإعاقة حيث أن الغالبية العظمى من مركبات النقل العام لا تستوعبهم، ومعظم الحافلات غير مجهزة بمصاعد الكراسي المتحركة، أو المنحدرات، أو المقاعد ذات الأولوية للركاب ذوي الإعاقة، أو أنظمة تنبيه سمعية وبصرية للأشخاص الذين يعانون من إعاقات سمعية أو بصرية".

التربية والتمكين الحقوقي أساس لتفادي الإقصاء على ذوي الإعاقة 

وعن طرق للحد من ظاهرة التمييز أو التحرش ومضايقة الفتيات من ذوي الإعاقة في بيئة العمل يلفت جمعة إلى أهمية رفع الوعي المجتمعي بقضايا حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة عبر الإعلام، تضمين قضايا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المنظومة التعليمية، وتمكين أهالي الفتيات ذوي الإعاقة في تحفيزهم على المطالبة بحقوقهم منذ الطفولة بحيث أن نشأة الطفل في بيئية حقوقية تعزز قدرته على المطالبة بحقوقه ورفضه للتهميش أو الإقصاء على أساس الإعاقة.

ويواصل جمعة حديثه حول طرق الحد من التحرش كظاهرة مضيفاً إن "الرقابة تضمن بيئة عمل صديقة للفتيات من ذوي الإعاقة وتساهم في فهم أكبر للمعضلات والمشاكل التي يعاني منها الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، ومن خلال الرقابة تتمكن المؤسسات من الحصول على إحصائيات وأرقام حول معاناة الفتيات من ذوي الإعاقة وتكوين صورة حول مدى التزام المؤسسات بتطبيق قانون حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة".

رئيس مركز بيت العمال الأردني حمادة أبو نجمة يعرض القصور التشريعي قضايا خصوصية المرأة من ذوي الإعاقة في بيئة العمل، ويقول "لا يوجد في القانون ما يعطي خصوصية للمرأة فيما يتعلق في شروط السلامة والصحة المهنية، إلا بشأن ما يسمى بالعمل الليلي وبعض المهن التي يمنع تشغيل النساء فيها وهذا يسري على الجميع من ذوي الإعاقة ومن غير ذوي الإعاقة، ولم تعطى النساء حماية بغير هاتين الحالتين وحتى لم يميز بينها وبين الذكور إلا في هذه الجزئية".

ويبين أن قانون العمل لم يتحدث عن بالإجراءات التيسيرية للوصول إلى سوق العمل للأشخاص من ذوي الإعاقة، بل ترك هذا الشأن لقانون حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة الصادر لعام 2017، مؤكداً أن قانون ذوي الإعاقة أدان التمييز في بيئة العمل للأشخاص من ذوي الإعاقة.

ويضيف أبو نجمة أن معايير العمل الدولية يوجد بها اتفاقيات واضحة تتحدث عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وإن اتفاقية العمل العربية الصادرة عن منظمة العمل العربية، عرضت ضمن الاتفاقية رقم (17) لعام 1993 بشأن تشغيل وتأهيل المعوقين في المادة 7 "أن تتخذ كل دولة الإجراءات التي تكفل قيام أصحاب الأعمال، باتخاذ التدابير الخاصة بالأمن الصناعي والسلامة المهنية، وكذلك إجراء التحويرات اللازمة في معدات وأدوات الإنتاج التي يعمل عليها المعوقون، بما يؤمن حياتهم، ويسهل عليهم أداء عملهم". 

وفيما يخص بيئات العمل الصديقة للمرأة من ذوي الإعاقة "يؤكد أن معظم بيئات العمل هي ليست صديقة لذوي الإعاقة ولا تتناسب مع أوضاعهم الصحية، وأن مواقع العمل في الغالب لا تتوفر فيها أي ممكنات لاستقرار العامل في مكان عمله"، مضيفاً أن صعوبات النقل العام لوصول الفتيات لذوي الإعاقة لعملهم تعد أبرز المعيقات التي تواجه ذوي الإعاقة.

فروقات مقصودة للحد من فرص التدريب والترقية لفتيات ذوي الإعاقة 

"هناك فروقات مقصودة لكي لا يستفيد الفتيات من ذوي الإعاقة من فرص التدريب أو الترقي أحياناً رغم أنها ممكنات مهمة للحصول على فرص عمل أفضل، لذلك أغلب الفتيات من ذوي الإعاقة غالباً يكونوا في أدنى مرتبات السلم الوظيفي وحتى في مقدار الأجور الأمر الذي يجعل من بيئة العمل مكان غير مهني وغير داعم للأشخاص من ذوي الإعاقة" يشرح أبو نجمة واقع توظيف وترقي الفتيات من ذوي الإعاقة، في صدد ذكر المعيقات التي تواجه الفتيات من ذوي الإعاقة في بيئة العمل يشدد أن مشاكل الفتيات أكثر من الذكور في العمل ومعاناتهم مضاعفة لأنها مرأة ولأنها من ذوي الإعاقة.

ويطرح خطط معالجة التمييز الممارس على النساء من ذوي الإعاقة في سوق العمل "بإمكاننا معالجة هذه القضايا من خلال الرقابة على الأنظمة الداخلية للمؤسسات بحيث تتضمن قواعد واضحة تساعد المرأة من ذوي الإعاقة بشكل خاص لتمارس حقوقها المشروعة بما يتناسب مع بيئة عملها، وعلى الحكومة أن تشرف وتراقب على ذلك، بحيث تضمن المرأة الحصول على معاملة خاصة وبيئة صديقة لها، وأيضاً تطوير قواعد قانون العمل بحيث تضمن نصوص خاصة بحماية هذه الفئة وكيفية التعامل معها، وخلق أنظمة داخلية في كل شركة تراقب على موظفيها وعلى سلامة البيئة على أن تراقب عليها وزارة العمل والحكومة والجهات الرقابية وأصحاب العمل أنفسهم يكونوا المعنيين أخلاقياً بالتعامل مع هذه الفئة، لذا يقع التقصير على الحكومة من حيث إيجاد التشريع اللازم والرقابة على تنفيذ هذه التشريعات".

لجنة تكافؤ الفرص مسؤولة عن السلامة في بيئة عمل ذوي الإعاقة 

مديرة وحدة تكافؤ الفرص في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ريزان الكردي، تذكر أن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017 تحدث في بنوده عن أهمية دمج الأشخاص من ذوي الإعاقة في تساوي جميع الحقوق الموجودة في الصحة والتعليم والعمل، وأن القانون كان مع دمج النساء من ذوي الإعاقة من جميع الأعمار وجميع الإعاقات في بيئة العمل، وذكر في نصوصه أهمية تهيئة جميع المباني لتخدم الأشخاص من ذوي الإعاقة.

"خطة عشرية تعمل على تهيئة المباني لتسهيل الوصول لذوي الإعاقة لبيئات العمل، تلفت الكردي إلى عمل المجلس إلى جانب التشريعات المنصوص عليها في القانون والجهات المعنية، التي تسهل وصول الأشخاص من ذوي الإعاقة لأماكن العمل. 



وتؤكد أن عملية توظيف الأشخاص من ذوي الإعاقة تتم حسب مؤهلاتهم فعندما يمنع أهالي الفتيات من ذوي الإعاقة بناتهم من الدراسة خوفاً من التحرش أو البيئة غير الدامجة، بالتالي لن تسنح بيئة العمل لوجود الفتاة من ذوي الإعاقة في منصب وظيفي جيّد، لذا أغلبهم يعملن على الطابعة أو في إدخال البيانات أو في قسم الاستقبال.

وعن ورود شكاوي للمجلس تتعلق بعدم سلامة النساء في بيئة العمل وتعرضهن لانتهاكات، تؤكد الكردي أن هناك قضية واحدة تحرش سجلت في اللجنة لكنها لم تثبت، وقضية لم تسلم منصب وظيفي أو إشرافي، وقضايا عن التنمر في بيئة العمل، أو أن المكان غير مناسب وغير مهيأ أو أن الأجور غير قليلة، وعملت لجنة تكافؤ الفرص على تسويتها وحلها.

وتضيف أن المادة 14 الواردة في قانون "20" لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017، فإنه "بموجب المجلس تتشكل لجنة تكافؤ الفرص، المكونة من خارج المجلس "من المركز الوطني لحقوق الإنسان وممثلين عن وزارة العمل، وديوان الخدمة المدنية وغرفة صناعة الأردن وغرفة تجارة الأردن، بالإضافة لأصحاب خبرة من ذوي الإعاقة وثلاثة أشخاص من القطاع الخاص ويرأسها أمين عام المجلس"، وإن مهمتها تتركز في متابعة جميع الانتهاكات والشكاوي التي يتعرض لها الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، وإصدار تقارير فنية تحدد ما هي المتطلبات التي يجب أن توفرها أي جهة تشغل أشخاص من ذوي الإعاقة، القطاع الخاص لضمان رفع الوعي في تغيير اتجاهات أصحاب العمل في تشغيل ذوي الإعاقة.



كل المواطنين سواسية تحت مظلة قانون العمل 

الناطق باسم وزارة العمل جميل القاضي ينوه إلى أن الوزارة دورها في بيئة العمل للأشخاص من ذوي الإعاقة يركز على الرقابة والتفتيش، وأن لدى وزارة العمل مديرية التشغيل قسم خاص بتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، معنية بمتابعة العاملين أو الباحثين عن العمل من الأشخاص ذوي الإعاقة إلا أن أمر تفتيش على الشكاوى والمخالفات مناط بمديرية التفتيش في وزارة العمل باعتبار أن كافة العاملين سواسية تحت مظلة قانون العمل الأردني.

ويضيف يوجد في وزارة العمل مديرية لشؤون المرأة وأخرى قسم تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة ومديريات تفتيش قانونية كلها تعمل تحت مظلة قانون العمل، والجميع أمام القانون سواء، إذ تعامل المرأة الأردنية العاملة سواء الطبيعية أو ذات الإعاقة معاملة مساوية وتكفل لها أي حقوق وواجبات منصوص عليها في قانون العمل الأردني.

يلفت القاضي إلى أن مديرية التشغيل الخاصة بالأشخاص من ذوي الإعاقة لم يردها أي شكاوى لحالات انتهاك داخل العمل، وبما يخص الاستراتيجيات التي تعمل عليها وزارة العمل لتطوير حماية المرأة من ذوي الإعاقة في بيئة العمل يقول إن لدى قسم تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة خطة عمل سنوية واستراتيجية عمل شاملة تكفل حقوق العاملين والباحثين عن العمل من ذوي الإعاقة وهي تساوي بين الجنسين.

وبهذا يخلص رأي أغلبية الأطراف التي ترتبط بموضع صنع القرار بما يخص بيئة عمل النساء من ذوي الإعاقة، إلا أن القصور التشريعي بما يجرّم الاعتداء على المرأة من ذوي الإعاقة غير واضح قانونياً، ولا يوجد سياسات داخلية للشركات لتراقب على السلامة البيئية للمرأة من ذوي الإعاقة في مكان عملها، لذا تبقى سلامتها في العمل تجربة مملوءة بالمعيقات التي لا ضمان قانوني يجرّمها.