بعد 11 زيادة متتالية.. خفض الفائدة لن ينعكس على قروض المواطنين
بعد سلسلة من الزيادات التي نفذها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة بهدف مكافحة التضخم، والتي بلغت 11 زيادة على مدى حوالي عام ونصف، قرر الآن خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس (0.5%)، الأمر الذي قد يسهم في دعم النمو الاقتصادي المحلي وتخفيف الأعباء المالية على الأفراد والشركات.
وأعلن البنك المركزي الأردني عن خفض أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية بمقدار 50 نقطة أساس اعتبارا من اليوم الأحد، وذلك بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
يأتي هذا القرار بعد انتهاء دورة التشدد النقدي التي اعتمدها البنك المركزي الأردني منذ نهاية مارس 2022، كجزء من جهود البنوك المركزية العالمية والإقليمية للحفاظ على الاستقرار النقدي، مع التركيز على حماية جاذبية الدينار الأردني أمام العملات الأخرى والحد من الضغوط التضخمية التي ظهرت خلال مرحلة التعافي من تداعيات جائحة كورونا.
الصحفي الاقتصادي محمد خريسات يوضح أنه على الرغم من أن الفائدة ارتفعت 11 مرة خلال السنوات الماضية، مما يعادل زيادة قدرها 5.5 نقطة مئوية، إلا أن البنوك لم تعكس هذه الزيادة بالكامل على أقساط القروض للمواطنين.
ويرجع ذلك، بحسب خريسات، إلى أن البنوك تأخذ بعين الاعتبار الصورة العامة، فلو كان قسط الموظف مثلا 300 دينار، وهو يشكل 50% من دخله، فإن انعكاس الزيادة الكاملة البالغة 5.5% سيرفع نسبة الدين فوق 55%، وهو الحد الأقصى المسموح به للاقتطاع من الراتب وفقا لتعليمات البنك المركزي.
لذلك، تعتمد البنوك على حسابات محددة لرفع الفائدة بشكل مدروس، بحيث لا تتجاوز نسبة الدين 55% من دخل العميل، ومن جهة أخرى فان الزيادات الأكبر في الفوائد انعكست على الودائع وليس القروض، بحسب خريسات.
ويضيف أن تعديل الفائدة، سواء بالزيادة أو النقصان، لا يتم فوريا، بل وفق شروط العقد الموقع بين العميل والبنك، حيث يتم تعديل الفائدة كل ثلاثة أشهر أو نصف سنة أو حتى سنويا عند تجديد العقد، وعندما تم خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، لم تقم البنوك بتخفيض كامل على القروض، بل قامت بتطبيق نسبة معينة وفقا لحساباتها الخاصة.
ويرى بأن الفوائد لا تزال مرتفعة بعد 11 زيادة، رغم أن البنوك لم تعكس كامل الزيادة على القروض، حيث تسعى للحفاظ على هامش الربح الذي ترى أنها لم تحققه بالكامل خلال الفترات السابقة.
يعتقد خبراء الاقتصاد أن خفض أسعار الفائدة يمكن أن يسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات النمو، فمع انخفاض تكاليف الاقتراض، يرتفع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، مما يدعم النمو الاقتصادي.
كما يؤدي هذا التحفيز إلى زيادة الطلب على القوى العاملة، مما يساعد في تقليل معدلات البطالة، ومع ذلك، فإن هذه الفوائد لا تظهر على الفور، إذ يتطلب تحقيق الأثر الكامل لخفض الفائدة بعض الوقت.
ويرى الكاتب الدكتورعدلي قندح في مقال له ان هذا التخفيض يؤدي إلى تقليل تكلفة الاقتراض بين البنوك، وهو إشارة إلى أن البنك المركزي يسعى إلى تحفيز الاقتصاد من خلال تسهيل الاقتراض.
كما أن تخفيض الفائدة يزيد من المعروض النقدي، حيث تصبح تكلفة الحصول على الأموال أقل، مما يشجع البنوك على تقديم المزيد من القروض والتمويلات، بحسب قندح.
اما فيما يخص المقترضين والمودعين، يشير قندح الى ان المقترضين بأسعار فائدة متغيرة يستفيدون بشكل فوري تقريبا، إذ تنخفض مدفوعاتهم الشهرية للقروض مثل الرهون العقارية والقروض الشخصية، هذا يعني أن تكاليف الاقتراض تنخفض، مما يتيح لهم تخصيص المزيد من أموالهم للإنفاق أو الاستثمار في مجالات أخرى. أما المقترضون بأسعار فائدة ثابتة، فلا يشعرون بأي تغيير في التكاليف، حيث إن سعر الفائدة على قروضهم محدد ولا يتأثر بالسياسات النقدية اللاحقة. ومع ذلك، قد يستفيدون من تخفيض الفائدة عند إعادة تمويل قروضهم أو عند الحصول على قروض جديدة. أما المودعون، فقد يستغرقون بعض الوقت لرؤية التأثير الكامل لتخفيض الفائدة، حيث قد تكون بعض المنتجات المالية مثل شهادات الإيداع أو الحسابات الادخارية ثابتة بأسعار فائدة أعلى لفترات محددة.
بالنسبة لتأثير تخفيض الفائدة على سندات الخزينة والديون العامة، فإن أسعار سندات الخزينة القديمة التي تحمل فوائد أعلى ترتفع عند انخفاض أسعار الفائدة. ومع ذلك، فإن السندات الجديدة ستكون بعوائد أقل، مما يقلل جاذبيتها للمستثمرين. وعلى مستوى الديون الحكومية، يُمكن أن يخفف تخفيض أسعار الفائدة من تكلفة تمويل الديون الحكومية، حيث تتمكن الحكومات من إصدار ديون جديدة بفوائد أقل، مما يقلل الضغط المالي عليهاـ بحسب قندح.
في السنوات الماضية، خفض البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة عدة مرات استجابة لتغيرات السياسة النقدية العالمية، خصوصا في ظل جائحة كورونا، وذلك لدعم الاقتصاد المحلي وتخفيف الأعباء المالية، ومن المتوقع أن يستمر البنك المركزي الأردني في نهج تخفيض أسعار الفائدة إذا واصلت البنوك المركزية العالمية، وخاصة الاحتياطي الفيدرالي، خفض الفائدة، وبما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد المحلي.