بعد عام على الحكومة.. ثقه متزايدة رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية

الرابط المختصر

يميل المزاج العام بين المواطنين نحو تفاؤل خذر، وفقا لما أظهره استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بعد عام على تشكيل حكومة الدكتور جعفر حسان، حيث أن نصف الأردنيين تقريبا ٤٨٪‏ يتوقعون تحسن أوضاعهم الاقتصادية خلال العام المقبل.

هذه النسبة من التفاؤل تعد الأعلى منذ سنوات، مقارنة بالاستطلاع السابق الذي أجراه المركز عقب مرور مئة يوم على تشكيل الحكومة، حين بلغت نسبة التفاؤل الاقتصادي ٣٦٪‏ فقط.

ومع ذلك يشير خبراء إلى أن هذا التفاؤل لا يعكس بالضرورة الواقع المعيشي الصعب الذي تواجهه غالبية الأسر، في ظل استمرار ارتفاع معدلات البطالة والفقر والمديونية.

 

تفاؤل مشروط وواقع ضاغط

وأظهر الاستطلاع  أن ٤٨٪‏ من الأردنيين متفائلون بتحسن أوضاعهم الاقتصادية خلال العام المقبل، بارتفاع قدره ١٢ نقطة مئوية مقارنة بالاستطلاع السابق.

في المقابل، يرى ٢٠٪‏ أن أوضاعهم الاقتصادية لن تتحسن، فيما يعتقد ٢٨٪‏ أن الأمور ستبقى كما هي، ما يفتح الباب لتحليل أسباب ارتفاع مؤشرات التفاؤل رغم استمرار الضغوط الاقتصادية والمعيشية.

يرى الخبير الاقتصادي في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري أن ارتفاع نسبة التفاؤل يعود إلى أن بعض المواطنين يربطون بين انتقاد الأداء الحكومي والموقف المعارض، ما يجعلهم يعبرون عن تفاؤل لا يعكس بالضرورة واقعهم الاقتصادي.

ويشير الحموري إلى أن ما بين ٦٠ و٧٠٪‏ من الأسر الأردنية ما تزال تعاني من ضائقة معيشية في ظل استمرار ارتفاع معدلات البطالة والفقر والمديونية.

الاستطلاع  يشير إلى أن ٦١٪‏ من المستطلعة آراؤهم عبروا عن ثقتهم بقدرة الحكومة على تحمل مسؤولياتها خلال عامها الأول، مقارنة بـ ٥٤٪‏ عند التشكيل.

هذا  التفاؤل الحالي  بحسب الحموري يرتبط أيضا بثقة الأردنيين بشخص رئيس الوزراء ذي الخلفية الاقتصادية، إذ يرى ٦٧٪‏ من العينة الوطنية أنه كان قادرا على تحمل مسؤوليات المرحلة خلال العام الأول، مقارنة بـ ٥٥٪‏ عند التشكيل.

ورغم هذا التحسن في المؤشرات، يؤكد الحموري أن الحلول الحكومية الحالية جزئية ومؤقتة، مشبها إياها بمسكن مؤقت لمريض يحتاج علاجا جذريا، مشددا  على ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية تشمل إعادة النظر في النظام الضريبي وترشيد النفقات الجارية، وخاصة نفقات الوزارات والمؤسسات المستقلة والسفارات، موجها الدعوة لتوجيه الموارد نحو الإنفاق الاستثماري الذي يسهم في خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي.

كما يدعو إلى تحسين بيئة الاستثمار ومحاربة الفساد وتقليص تعدد الجهات الرقابية، مشيرا إلى أن الإصلاح الحقيقي لا يتحقق بإنشاء هيئات جديدة، بل بتوحيد المرجعيات ومنح الصلاحيات لجهة واحدة مسؤولة.

 

 

حضور حكومي مقابل غياب نيابي

من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين المحادين أن الحكومة الحالية تمثل امتدادا واضحا للرؤية الملكية للإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، وأن شخصية الرئيس، القادم من الديوان الملكي، أسهمت في تعزيز حضور الحكومة وثقة المواطنين بها.

ويشير المحادين إلى أن استطلاع الرأي عكس هذا الحضور، حيث يظهر أن ٧٠٪‏ من الأردنيين "من العينة الوطنية وقادة الرأي"  يثقون بالحكومة الحالية، منهم ٢٣٪‏ بدرجة كبيرة و٤٧٪‏ بدرجة متوسطة، كما أن ٨٥٪‏ من قادة الرأي و٤٩٪‏ من العينة الوطنية يتابعون أداء الحكومة بشكل مباشر.

ويضيف أن الحكومة تميزت بالثنائية بين تنوع الاختصاص وتكامل الأداء، حيث ساهمت الزيارات الميدانية التي حظيت برضا ٦٥٪‏ من المواطنين في إعادة بناء الثقة بين المواطن والحكومة.

الاستطلاع  يبين أن 73% من العينة الوطنية و60% من عينة قادة الرأي يرون أن الحكومة تفعل كل ما بوسعها لتزويد المواطنين بجميع الخدمات.

ويربط المحادين بين ارتفاع الثقة بالحكومة وبين ضعف أداء مجلس النواب وهشاشة الأحزاب السياسية، حيث يرى أن غياب الدور الرقابي والتشريعي الفاعل جعل الحكومة أكثر حضورا في المشهد العام، كما أن تراجع دعم مؤسسات المجتمع المدني ساهم بدوره في تعزيز هذا الحضور الرسمي.

فيما يتعلق بمستقبل المجالس البلدية ومجالس المحافظات، كشف الاستطلاع أن 55% من الأردنيين و50% من قادة الرأي يؤيدون مقترح تعيين رؤساء البلديات بدل انتخابهم مقارنة مع 38% من العينة الوطنية و48% من عينة قادة الرأي لا يؤيدون ذلك.

 

 

 

 

مواقف ترفع الرصيد الشعبي

في الجانب الإقليمي، بين الاستطلاع أن ٨٧٪‏ من الأردنيين راضون عن موقف الدولة تجاه الحرب على غزة، فيما يرى ٧١٪‏ أن هذه الحرب قوّت العلاقات الأردنية الفلسطينية.

كما قيم نحو ٩٠٪‏ من المستطلعين العلاقات الأردنية السورية بأنها جيدة جدا أو جيدة، ما يعكس ثقة المواطن بأداء السياسة الخارجية الأردنية.

ويشير المحادين إلى أن هذا الموقف الرسمي المتوازن تجاه القضية الفلسطينية شكل معادلا وجدانيا،  يعزز من ارتباط المواطن بالدولة، وساهم في رفع نسبة من يرون أن الأمور تسير في الاتجاه الإيجابي إلى ٥٧٪‏ مقارنة بـ ٤٧٪‏ في استطلاع الـ١٠٠ يوم. 

وفيما يخص بعض القرارات الداخلية، أظهر الاستطلاع أن ٩٥٪‏ من الأردنيين يؤيدون إعادة خدمة العلم، معتبرين أنها تعزز الانتماء والانضباط، في حين أبدى ٧٦٪‏ رضاهم عن تعليمات تركيب سارية العلم الأردني أمام المنازل.

أما بالنسبة للتعديل الوزاري الأخير، فقد أيّده ٥٦٪‏ من العينة الوطنية و٣٧٪‏ من قادة الرأي، ما يعكس تباينا في تقييم النخب والرأي العام.

كما كشف الاستطلاع أن ٥٦٪‏ من قادة الرأي و٤٤٪‏ من العينة الوطنية متفائلون بقدرة الحكومة على تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، فيما عبر ٦١٪‏ من قادة الرأي و٤٦٪‏ من المواطنين عن تفاؤلهم بخطة تحديث القطاع العام، و٦٠٪‏ من قادة الرأي و٤٨٪‏ من المواطنين بتعزيز الإصلاحات السياسية.

هذا ويؤكد الخبيران الحموري والمحادين أن استمرار ارتفاع مؤشرات الثقة والتفاؤل مرهون بترجمة الخطط الحكومية إلى نتائج ملموسة تمس حياة المواطنين اليومية.