بعد تصريحات إسرائيلية مضادة.. مخرجات قمة العقبة ستبقى عالقة في أرض الجنوب
لم تكن توقعات محللين سياسيين قبيل عقد قمة العقبة أمس الأحد بعيدة عن ما انتهى به هذا الاجتماع من مخرجات لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، وهذا ما تؤكده عدد من تصريحات مسؤولين إسرائيليين التي تشير إلى أنه لن يكون هناك تجميد للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
وتضمن البيان الختامي للاجتماع بأن إسرائيل تلتزم بوقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر، ووقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، كما توصل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي إلى التزام الطرفين بوقف الإجراءات الأحادية من 3 إلى 6 أشهر، بالإضافة إلى أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكدا التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم.
ويشير ذات البيان إلى أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس وعلى الوصاية الهاشمية والدور الأردني الخاص في المدينة.
رفض إسرائيلي تجميد الاستيطان
الرد الإسرائيلي جاء عقب الانتهاء من هذا الاجتماع، بتصريح من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بقوله "أنه لن يكون هناك أي تجميد للاستيطان في الضفة الغربية، والبناء وشرعنة الاستيطان ستستمر كما هو مخطط.
وهو ما يؤكده رئيس وفد إسرائيل لاجتماع العقبة أنه لن يكون هناك تجميد للبناء في المستوطنات ولا قيود على عمليات الجيش في الضفة.
كما يقول وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، أنه "ليس لدي فكرة عما يجري نقاشه في الأردن، سمعت من الإعلام عن هذا المؤتمر الفائض عن الحاجة، لكن ما أعلمه يقينا أنه لن يكون هناك تجميد للاستيطان، ولا حتى ليوم واحد، فأنا المسؤول عن هذا القرار".
وبدوره قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير "إن ما حدث في الأردن يبقى في الأردن."
في الوقت الذي كان فيه الاجتماع منعقدا في العقبة وقعت عملية في نابلس قرب حوارة ، أدت إلى قتل إسرائيليين اثنين، وذلك ردا على مجزرة نابلس التي راح ضحيتها 11 شهيدا قبل أيام .
تصريحات اليمين الإسرائيلي شعبوية
المحلل السياسي بسام بدارين يقول إن مختلف التصريحات الصادرة من الجانب الإسرائيلي هي مضادة لمخرجات قمة العقبة وتوصياتها المعلنة، واصفا إياها بـ الشعبوية لمخاطبة جماهير الأحزاب المتطرفة وهم "بلطجية اليمين الإسرائيلي" على حد قوله.
ويشير بدارين إلى أن حكومة نتنياهو لا تعترف بالأصل بالأردن ولا بالإدارة الأمريكية والسلطة الفلسطينية ومصر، من حيث البعد العقائدي الذي تحمله هذه الحكومة وتمارسه على أرض الواقع.
تكمن مشكلة قمة العقبة الأساسية، هي أن الأطراف التي شاركت بالاجتماع ليسوا من أصحاب القرار في الميدان سواء من الجانب الفلسطيني أو الاسرائيلي، كما يبدو أن النشاط الدبلوماسي الأردني الذي احتضن هذا النوع من اللقاءات لا يقرأ الواقع الذي يؤكد أن السلطة الفلسطينية خارج التغطية، وأن الطرف الحقيقي الفاعل على الأرض هم الشباب الفلسطيني الذين قرروا الاشتباك والمواجهة، بالإضافة إلى فصائل المقاومة والتنظيمات الجديدة التي قررت الاشتباك بما يحدث في نابلس وجنين مؤخرا بحسب بدارين.
بيان الأردن: ما تحقق في العقبة خطوة سياسية مهمة
في بيان لوزير الخارجية أيمن الصفدي يبين من خلاله أن اجتماع العقبة احتوى على التزامات مهمة ستؤدي إن طبقت إلى خفض التصعيد والتقدم نحو انخراط سياسي أشمل.
ويضيف أن ما تحقق في العقبة يعد خطوة سياسية مهمة على طريق طويلة وصعبة لوقف التدهور، وأن تطبيق التعهدات على الأرض، هو ما سيحدد مآلات الأوضاع، موضحا أن الاجتماع المذكور يعد أول انخراط سياسي من نوعه منذ سنوات، مؤكدا التزاما فلسطينيا إسرائيليا باحترام جميع الاتفاقيات السابقة والعمل على خفض التصعيد، والعمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل، على حد وصفه.
المحلل السياسي ماهر أبو طير في مقال له يوضح أن الأردن يضع في حساباته أخطارا كثيرة، أولها انفجار الظروف داخل القدس، والضفة الغربية، وحدوث فوضى عارمة، قد تصل حد انهيار سلطة أوسلو، بما يعنيه ذلك على وضع الفلسطينيين، ودول جوار فلسطين، في أسوأ السيناريوهات، في ظل التركيبة الإسرائيلية الحالية.
ويعتبر أبو طير أن السيطرة اليوم هي للفريق الإسرائيلي المتطرف جدا، الذي قد لا يتراجع أمام حسابات واشنطن، ولا حسابات المنطقة، ولا أي حسابات سياسية، وهذا يعني في المحصلة، أن الأردن يحاول ألا يصل الفلسطينيون إلى أسوأ سيناريو، وهو سيناريو فيه حسابات مختلفة من انهيار سلطة اوسلو كما أشرت، إلى ضم الضفة الغربية مجددا الى الاحتلال، او حدوث عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين، وتهديد المسجد الاقصى خلال شهر رمضان.
هذا وتضمن البيان الختامي للمؤتمر، اتفاق المشاركون في الاجتماع على عقد اجتماع آخر في شرم الشيخ في شهر آذار المقبل، لتحقيق الأهداف التي تم تحديدها في العقبة.