
بعد انتخاب مجلس جديد .. صحفيون يجددون مطالبهم بتحسين الأوضاع وتسهيل الانتساب للنقابة

مع انتخاب مجلس جديد لنقابة الصحفيين، عادت إلى الواجهة المطالبات بضرورة تحسين بيئة العمل الصحفي، حيث دعا عدد من الصحفيين إلى تحسين الأوضاع المادية، خاصة للعاملين في المحافظات، إلى جانب ضمان الحماية من الفصل التعسفي، وإقرار عقود عمل عادلة تصون حقوقهم وكرامتهم المهنية.
وسط العديد من التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع الإعلام والصحافة، جاء انتخاب طارق المومني نقيبا للصحفيين لدورة عام 2025، بحصوله على 531 صوتا، ليحمل معه الكثير من الآمال بتعزيز دور النقابة والدفاع عن حقوق الصحفيين وتطوير المهنة.
مطالب صحفيين
يرى عدد من الصحفيين أن مفتاح إصلاح الواقع يبدأ من بوابة الانتساب نفسها، إذ يشكل شرط وجود كتاب تعيين ورقم ضمان اجتماعي عائقا أمام مئات الخريجين الجدد، ويهددهم بالتعرض لمساءلة قانونية بتهمة "انتحال صفة صحفي"، مما يستدعي بحسب رأيهم إعادة نظر فورية في هذه الشروط.
وتحذر إحدى الصحفيات من أن استعادة هيبة نقابة الصحفيين كما كانت قبل عقود، يتطلب الانتقال من رفع الشعارات إلى تحقيق خطوات عملية، مثل تطوير صندوق التقاعد، إعادة تفعيل التأمين الصحي، تحسين أوضاع الصحفيين المعيشية، وتوفير دعم حقيقي يتناسب مع المتغيرات القاسية التي تواجهها المهنة.
كما برزت دعوات أخرى لتسهيل انتساب خريجي الصحافة والإعلام إلى النقابة، أسوة بنقابات مهنية أخرى كالمحامين والمهندسين، إلى جانب المطالبة بتوسيع الفرص التدريبية والوظيفية، خاصة لطلبة السنوات الأخيرة، والتصدي لظاهرة "الدخلاء" الذين استباحوا المهنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون تأهيل أكاديمي أو التزام بالمعايير المهنية.
بينما تتزايد التحديات يوما بعد يوم، من تدني الأجور وغياب الأمن الوظيفي إلى تضييق هامش الحريات الإعلامية، ترى أصوات نسائية في القطاع أن اللحظة الراهنة تمثل فرصة تاريخية لإعادة الاعتبار لدور النقابة، كخط الدفاع الأول عن حرية الرأي والتعبير، وكصوت حقيقي للمهنة التي طالما شكلت إحدى ركائز المجتمع المدني.
المومني: المهنة بحاجة لإصلاح تشريعي وتدريبي
بحسب تقديرات النقابة يبلغ عدد الأعضاء المسجلين 1,375 عضوا، منهم 1,075 يحق لهم التصويت، فيما تشير التقديرات إلى وجود نحو 550 صحفيا يمارسون العمل خارج مظلة النقابة، مما يعادل نحو 33% من الجسم الصحفي، وفقا لتقديرات مركز حماية وحرية الصحفيين.
وتبقى شروط الانتساب، ومنها "كتاب التعيين" ورقم الضمان الاجتماعي، سببا رئيسيا في اتساع الفجوة بين النقابة وجزء كبير من الصحفيين الجدد، رغم تعديل قانون النقابة عام 2014 ليشمل العاملين بالمواقع الإلكترونية.
يقول نقيب الصحفيين طارق المومني في حديثه "لعمان نت" إن هناك العديد من القضايا التي تتطلب العمل عليها للنهوض بمهنة الصحافة مجددا، ودعم وسائل الإعلام والعاملين فيها، مشيرا إلى أن التحديات تتوزع بين الجوانب التشريعية والمهنية، خاصة في مجالي التدريب والتأهيل وتمكين الشباب من خلال توفير فرص تدريبية كانت شبه غائبة في المراحل السابقة.
ويؤكد المومني ضرورة مراجعة عدة تشريعات، مثل قانون نقابة الصحفيين وقانون الجرائم الإلكترونية، الذي اعتبره يشكل قيدا على حرية الإعلام بما يتضمنه من عبارات فضفاضة وغرامات مالية مغلظة، موضحا أن الملك كان قد أشار إلى إمكانية مراجعة القانون مستقبلا إذا وجدت فيه ثغرات.
ويضيف أن المشهد الإعلامي بحاجة إلى عمل مكثف في المرحلة المقبلة في ظل وجود كفاءات إعلامية متميزة في مختلف الوسائل الإعلامية، داعيا إلى ضبط الفضاء الإلكتروني بما يخدم المهنة ويحمي حرية الرأي والتعبير، مع التأكيد أن الحرية تقابلها مسؤولية، وأن الصحافة لها اشتراطاتها ومواصفاتها المهنية.
ملف الانتساب للنقابة
فيما يتعلق بملف الشباب والانتساب للنقابة، يوضح المومني أن القانون الحالي يحتاج إلى مراجعة، خصوصا مع الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بالوضع عند تعديل القانون عام 2014، مشددا على أهمية إيجاد نصوص قانونية أكثر وضوحا تنظم مسار خريجي الإعلام نحو عضوية النقابة بشكل تدريجي، بما يضمن ممارسة مهنية حقيقية.
ويشير المومني إلى أن نقابة الصحفيين تختلف عن النقابات المهنية الأخرى، كونها تضم خريجي تخصصات متنوعة، وهو ما يتطلب مراجعة ضوابط الانتساب لتحقيق الغاية الأساسية وهي الارتقاء بالمهنة.
كما يشدد على أهمية تحسين ظروف العمل للصحفيين، وحمايتهم من الفصل التعسفي، موضحا أن النقابة خلال فترات سابقة ساهمت في تحسين الأوضاع المعيشية للصحفيين، وإدراج الصحافة كمهنة معترف بها ضمن نظام الخدمة المدنية، مؤكدا أن جزءا من عمل المجلس المقبل سيكون استعادة هيبة النقابة وتحسين صورتها وخدماتها، بما يشمل العمل على إعادة تفعيل نظام التقاعد وتوسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل الصحفيين وعائلاتهم دون تمييز.
وحول ملف الدخلاء على المهنة، يؤكد المومني أن معالجة هذه الظاهرة مسؤولية مشتركة، داعيا إلى دعم جهود النقابة في حماية مهنة الصحافة والحفاظ على قدسيتها، بعيدا عن المساس بحرية الإعلام أو التضييق عليها.
مشاركة محدودة للنساء في النقابة
رغم مرور أكثر من خمسة عقود على تأسيس النقابة، لا تزال تشهد تمثيلا محدودا للنساء في مواقعها القيادية، فمنذ تأسيس النقابة، لم تتجاوز نسبة عضوية النساء 22% من إجمالي الأعضاء، ولم تحظ أي امرأة حتى اليوم بمنصب نقيب، سواء في نقابة الصحفيين أو غيرها من النقابات المهنية في الأردن.
وفي هذا السياق، تؤكد مديرة المندوبين في صحيفة "الرأي" والمتخصصة في قضايا المرأة والمجتمع المدني سمر حدادين في حديثها لعمان نت، أن ضعف التمثيل النسائي لا يقتصر على نقابة الصحفيين وحدها، بل يمتد إلى غالبية النقابات المهنية والعمالية، موضحة أن في بعض النقابات، قد نجد امرأة واحدة أو اثنتين فقط في عضوية المجلس، وفي كثير من الأحيان، تغيب المرأة تماما عن مجالس الإدارة.
وتستذكر حدادين تجربتها كعضو سابق في مجلس نقابة الصحفيين، بقولها إن حضور النساء في العمل النقابي بدأ فعليا مع بداية الألفية الجديدة، تزامنا مع جهود وطنية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة، غير أن هذه التجربة لا تزال محدودة مقارنة بتجربة الرجال الذين راكموا خبراتهم النقابية منذ تأسيس النقابة في خمسينيات القرن الماضي.
وتضيف حدادين أن الصحفية فلحة بريزات، التي خاضت الانتخابات الأخيرة مرشحة لمنصب نقيب الصحفيين، شكلت حالة لافتة بكسرها الصورة النمطية لترشح الرجال فقط، لكنها، كما تقول حدادين "لم تطرح نفسها كمرشحة نسوية بل كممثلة لكافة الصحفيين، ولهذا حصلت على دعم من زملاء وزميلات دون تمييز".
وتعتقد حدادين أن غياب طرح قضايا النساء بوضوح في الحملات الانتخابية قد يكون سببا في عدم استثارة الصوت النسائي بالشكل الكافي، مضيفة أنه عندما كنت عضوا في المجلس، تمكنت من انتزاع حق مهم للزميلات بتوسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل أسرهن أسوة بالزملاء الرجال، لكن هذا البند ألغي لاحقا للأسف.
وتشير حدادين إلى أن التحديات الثقافية والاجتماعية لا تزال تشكل عائقا أمام النساء للترشح لمواقع قيادية، موضحة أن المرأة غالبا تخوض الانتخابات على استحياء، وتحتاج إلى دعم مباشر من الوسط الصحفي لتقوية حضورها.
كما تدعو حدادين إلى البدء مبكرا بالتحضير لدعم صحفيات قادرات على خوض انتخابات مجلس النقابة المقبلة، مع التركيز على بناء خبراتهن من خلال التمثيل في اللجان النقابية، مشيرة إلى أن اللجان تشكل فرصة مهمة للصحفيات لاكتساب الخبرة النقابية، مطالبة بأن يحرص مجلس النقابة على تحقيق توازن جندري في تشكيل هذه اللجان.