بعد المئوية الأولى ..الأردن بين المُنجز الوطني والتطلعات
لا زالت الدولة الأردنية تعيش ذكرى مئويتها الأولى والتي صادفت يوم الأحد الماضي، ومرور مئة عام على تأسيس إمارة شرق الأردن وتشكيل أول حكومة أردنية في 11 نيسان عام 1921م برئاسة رشيد طليع بعد أن عاد الأمير عبدالله إلى عمّان في 30 آذار عام م1921 من الاجتماع الذي جمعه مع الوزير البريطاني تشرشل ر و هربرت صموئيل المندوب السامي في فلسطين ، وأخذ بوضع الخطط الكفيلة بتنظيم شرقي الأردن ، فشرع في بناء الإدارة المركزية الأولى وتكليف رشيد طليع بتشكيل أول حكومة .
ومنذ ذلك الوقت يتطلع صانعوا القرار في الدولة الأردنية والشعب الأردني الذي قدم التضحيات وساهم بالإنجاز لما هو عليه الأردن اليوم، أن يكون الأردن البلد النموذجي رغم ما تعصف به من تحديات، فكانت التطلعات بحسب ما رصدنا في راديو البلد من مختلف المحافظات إلى ضرورة اجراء اصلاح سياسي و اقتصادي يضمن العدل والمساواة والحياة الكريمة لأبنائه، وبهذه المناسبة فقد ارتفعت أصوات الشباب مطالبين بالإصلاح وأهميته ونحن على أعتاب المئوية الثانية.
تقول سراب من الكرك نحن بحاجة الى تنمية الحياة السياسية بإجراء تعديلات على قانوني الانتخاب والأحزاب انطلاقا من المشاركة الايجابية في العمل العام ، والتركيز على وجود رغبة وطنية صادقة باستحضار الماضي برجاله الأوفياء المخلصين الذين حملوا وزر المسؤولية وتحملوا واجباتهم تجاه الوطن بكل امانة واخلاص، وتتفق مع سراب أماني من مأدبا بقولها مع دخولنا المئوية الثانية نتطلع لإجراء إصلاح سياسي واتخاذ خطوات فعلية تبدأ من العمل على قانون الانتخاب والحفاظ والتمتع أكثر بالحقوق المدنية. والتركيز على الشباب.
ديما من السلط ترى أننا بحاجة إلى مشروع وطني إصلاحي على المستوى السياسي الاقتصادي الاجتماعي، على رأسها اصلاحاً دستوريًا شاملًا، قائماً على مبدأ المواطنة، والدولة المدنية الديمقراطية، والبرلمان القائم على التعددية السياسية، والحكومات البرلمانية، كما ان النموذج الاقتصادي يجب ان يكون متناسب مع الحالة الأردنية وقائم على موارد الطبيعية والبشرية للتناسب مع المستوى الإقليمي والدولي مما يؤمن للأردن أمنه واستقراره ولا يكون ذلك الا بالاعتماد على الذات واستقلالية قراره، بالضرورة اكتساب ثقة المواطنين والمواطنات من جديد ووقوفهم خلف دولتهم، بعد سنوات من فقدان الثقة وفشل مؤسسات وأجهزة الدولة، كل ذلك وأكثر لا يكون الا بتكريس حقوق الانسان والحريات، وسيادة القانون وتقديم ضمانات الفصل بين السلطات الثلاث، وتعزيز الشفافية والعدل. ولم تختلف تطلعات شباب السلط عن شباب محتفظة عجلون.
يقول أسيد من عجلون، نتمنى أن يكون لدينا تفاؤل بعبورنا إلى المئوية الثانية وتجاوز الأخطاء في الأولى، ونتطلع للانتقال من الإنتاج الكمّي إلى النوعي ويجب أن يشعر المواطن الأردني بالفرق على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية، والأهم بحسب أسيد، هو إنهاء وجود منظومة الفساد وهي أولى الطرق للإصلاح ويرافقها الحرية الفكرية وحرية التعبير.
ويتفق استاذ العلوم السياسية الدكتور أيمن الهياجنة مع مطالبات الشباب وتساؤلاتهم وتطلعاتهم بقوله " هي تطلعات وطموحات مشروعة بعد مئة عام من التأسيس والبناء، فلهم الحق في السؤال ماذا أنجزنا وإلى ماذا نتطلع، والتعبير عن تطلعاتهم فهم بناة المستقبل وهم –أي الشباب وتطلعاتهم- اللبنة الأولى في المئوية الثانية، ويجب أن نعترف أن المئوية الأولى شهدت إنجازات عظيمة منذ عام 1921م مرورا بالاستقلال وحتى اليوم، مشيرا إلى أن الإصلاح السياسي والاقتصادي هو أهم محور للدولة التي تريد أن تعبر للمئوية الثالثة والرابعة.
ويرى الهياجنة أن الإصلاح السياسي يجب أن يبدأ من الأعلى وهو ما حدث فعليا في الأردن ففي 2011م بدأ الملك عبدالله الإصلاح السياسي، حيث شكل الملك لجنة للنظر بالدستور الأردني، وكان للملك الحسين النصيب الكبير في الإصلاح السياسي بإعادة الحياة الديمقراطية إلى طبيعتها عام 1989م، وهذا يقودنا إلى أن القيادة منفتحة على الإصلاح السياسي وبدأت به، والمطلوب من القوى السياسية الفاعلة من مواطنين وشباب هو دعم القيادة السياسية والدفاع عن المنجز الوطني وتعزيز قضية الانتماء والولاء. مؤكدا أن هناك تباطؤ في عملية الإصلاح الأردني بسبب الظروف التي مرت على الأردن سياسيا واقتصاديا على المستويين المحلي والإقليمي والدولي.
ويشيد علم الاجتماع السياسي الدكتور بدر الماضي بالمنجز الوطني الذي تحقق منذ حكم الملك طلال بإنجاز الدستور الأردني عام 1952م واعادة ضبط العلاقات الأردنية الدولية، ثم ما استطاع انجازه الملك الباني الحسين، بانطلاق مؤسسات الدولة لتصبح تحاكي نظيراتها من مؤسسات دولية، وصولا إلى عهد الملك عبدالله الثاني حيث انفتاح الرؤى والتوجيهات الملكية نحو التطور التقني والريادة. أما بالنسبة لما يتطلع له الأردنيون وهم في مرحلة الانطلاق الان، بالتزامن مع الملاحظات والأداء الحكومي في السنوات الأخيرة والتي لم ترقى في كثير من الأحيان إلى ما يصبو إليه الملك والشعب.، فالشعب يريد مزيدا من التمكين السياسي والاقتصادي والخدماتي، فالظروف جاهزة فهناك قيادة وشعب مميزين، ولدينا مؤسسات تريد الإصلاح.
وبدوره أكد رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أهمية العبور للمئوية الثانية من عمر الدولة الاردنية بالاعتماد على المبادئ الراسخة التي تأسست عليها الدولة وفي اطار الرؤية الملكية وتوجيهات الملك عبدالله الثاني بتعظيم المنجزات الوطنية والسعي نحو الاعتماد على الذات في مختلف المجالات ترسيخا لمفهوم استقلالنا الوطني بجميع ابعاده.
مضيفا أن من حق الاردن ان يفخر بإنجازاته التي تحققت خلال مئة عام من عمر الدولة وان نمضي قدما بقيادة جلالة الملك بما هو متوارث عنا من قدرة على تحقيق الانجازات ومواجهة التحديات في ظل القيادة الحكيمة والانسان الاردني وبما يكرس هذه المناسبة لولوج المئوية الثانية بحالة من الاعتزاز الوطني وتطلع الاجيال الجديدة الى المستقبل بثقة وفخر واعتزاز.