برنامج من عمان بصراحة: سوء الإعداد والتقديم تخرج الحلقة عن موضوعها

الرابط المختصر

اختار معد ومقدم برنامج "من عمان بصراحة" (الناجي الوحيد بين البرامج الحوارية السياسية في الدورة الجديدة للتلفزيون الأردني)، محاور عمل مؤتمر "الإعلام والحاكمية الرشيدة" موضوعا لحلقة الاثنين 14 شباط. إلا أن مقدم البرنامج إبراهيم شاهزادة آثر تغيير الموضوع مع بداية النقاش الدائر على الهواء مباشرة ليصبح حول "مساهمة الإعلام في نشر الإرهاب".ويبدو هذا التغيير ناجما عن عدم التحضير الكافي للحلقة، وهذه ملاحظة تسجل على اغلب حلقات البرنامج، حيث يبدو مقدم البرنامج معتمدا على الارتجال والنقاش الدائر في الحلقة، تاركا المجال للمحاورين والمتصلين ان يخطفوا البرنامج الى اتجاهات متعددة تخرج أحيانا عن الإطار المعد للحلقة. وقد يكون تغيير موضوع البرنامج أيضا جزء من جهود حكومية، والتلفزيون الأردني من ضمنها، لتحسين صورة الإسلام وتبرئته من "الإرهاب".



وقد بدا في الحلقة المشار اليها اقل تحضيرا تاركا للضيوف والمشاركين عبر الهاتف مهمة توجيه النقاش إلى حيث شاؤوا، طالما لا يمسون "محاذير" التلفزيون الأردني.



تعاون معد البرنامج ومخرجه على "إسكات" متصل اتهم سوريا باغتيال الحريري، بمحاولات المعد مقاطعتهما وقرار المخرج بقطع الاتصال. وبرر المقدم قائلا: "لسنا بصدد من عليه اللوم في هذا الحادث"، مغفلا أنه اتهم الإرهاب بالحادث وجعله موضوع الحلقة. في حين ترك متصلين آخرين يتحدثون طويلا، دون مقاطعة، معزين الشعب اللبناني بمصابهم الأليم ومدينين "الإرهاب" على "الجريمة البشعة".



وردا على متصل آخر سأل الضيفين عن سبب إلغاء برامج سياسية حوارية في التلفزيون الأردني، أغدق شاهزادة على التلفزيون الأردني إطراء مشيدا بتنوع "برامجه الحوارية والثقافية والاجتماعية والتحقيقية والخدماتية والاتصال مع الجماهير.. تنوع لا يمكن حصره في ساعة أو مدة زمنية واحدة متاحة لجميع المشاهدين". وقد اعتاد معد البرنامج على كيل المديح لادارة التلفزيون والإشادة به كلما تقدم مشارك او متصل بانتقاد ما في الحلقة.



وعند إشارة ضيف الحلقة، علي الصاوي أستاذ علوم سياسية في جامعة القاهرة، إلى وجود قنوات تلفزيونية تعنى بنقل جلسات برلمانات دولها، كاملة على الهواء مباشرة، بادر المقدم للقول بأن "التلفزيون الأردني يقوم بذلك، وهناك قرار رسمي بذلك". متناسيا أن التلفزيون يكتفي بنقل بعض جلسات النواب الرئيسية، مثل مناقشة الموازنة العامة للدولة ومنح الثقة للحكومة، إضافة إلى لقطات صغيرة جدا من جلسات أخرى وفي ساعات متأخرة من الليل.



في حين لم يصحح معد البرنامج إشارة الصاوي إلى "عدم وجود استطلاعات رأي حول شعبية الفضائيات مقارنة بالتلفزيونات المحلية". علما أن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية يعد استطلاع رأي سنوي حول ثقة المشاهدين بأخبار التلفزيون الأردني مقارنة بفضائيات كـ"الجزيرة" و"العربية".



وظهر حرص المقدم، خلال الحلقة، على الدفاع عن رأي الحكومة عندما أشار ضيف الحلقة، داود كتاب مدير إذاعة "عمان نت" (قدم أيضا ورقة عمل في المؤتمر)، إلى مسؤولية الحكومة عن تنمية الإعلام. فرد شاهزادة مذكرا بما قاله مندوب الملك عبدالله في المؤتمر، الوزير مروان المعشر، حول "النية في تشريع قانون حق الصحفي في الوصول إلى المعلومات وقانون مطبوعات ونشر جديد"، والإشارة إلى وجود "خيط رفيع بين الجرأة والتجني" و"المصلحة العليا للدولة".



ورغم أن الحلقة مخصصة لمؤتمر "الإعلام والحاكمية الرشيدة" إلا أن المشاهدين لم يلتقطوا الموضوع بسبب عدم التزام المقدم بموضوع الحلقة منذ البداية، وقد علق أحد المتصلين على مصطلح "الحاكمية الرشيدة" الذي يذكره، على حد قوله، "بعهد الخلفاء الراشدين"، فسارع معد البرنامج لتوضيح عنوان المؤتمر الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين (وكانت هذه هي الإشارة الأولى إلى المركز المنظم للمؤتمر، موضوع الحلقة، وقد كان البرنامج في منتصفه). وأضاف "بأسلوب دفاعي" أن مؤتمرا سابقا نظم برعاية ملكية وحكومية تحت عنوان "مبادرة الإدارة الرشيدة لخدمة التنمية في الدول العربية" (وهو موضوع الحلقة السابقة من البرنامج).



وفي إحدى محاولات كتاب للعودة إلى محاور المؤتمر، لفت إلى أهمية الإعلام المحلي "الأقاليمي"، وهو أحد أبرز القضايا التي يواجهها الإعلام الأردني المتمركز في العاصمة، تدخل شاهزادة "مدافعا" بأن بث التلفزيون الأردني يغطي جميع الأراضي الأردنية.



استهل المعد والمقدم حلقته بخبر اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري، وحمل "الإرهاب" مسؤولية الحدث. ومنه انطلق للحديث عن "دور الإعلام في ظاهرة الإرهاب"، وهو موضوع رغم محدودية علاقته بمحاور المؤتمر إلا أن شاهزادة أولاه نصيب الأسد من النقاش. كما حاول طوال نصف الساعة، أي ثلث مدة البرنامج، التي أفردت لموضوعة الإرهاب حصر النقاش في "دور وسائل الإعلام في الإساءة للإسلام من خلال ربطه بالجماعات الإرهابية"، وهي فكرة كررها مرارا وأقحمها في الحوار. بعدها أعلن شاهزادة العودة "للخوض في محاور المؤتمر العتيد".



استمر البرنامج لمدة ساعة ونصف متواصلة، دون أي فاصل، وبنفس الإيقاع الذي يعتمد على حوار هادئ لا يوجه فيه سؤال إلى أحد بعينه ولا يقاطع فيه أحد الآخر، مع بعض المتصلين الذين قد يتحدثون طويلا خارج الموضوع. وهو ما يجهد المشاهد الذي يفقد التركيز والاهتمام بالبرنامج بعد نصف الساعة الأولى على أكثر تقدير.



مراقبة هذه الحلقة تكشف مرة أخرى عن سوء التخطيط للدورة البرامجية الجديدة في التلفزيون الأردني، حيث ألغيت برامج حوارية سياسية أخرى كانت أكثر غنى في نقاش قضايا محلية وإقليمية ساخنة مقابل هذا البرنامج الذي يفتقد الكثير من مقومات البرنامج الحواري الناجح.

أضف تعليقك