بأي حال عدت يا عيد؟
تشهد الأسواق المحلية مع قرب الأعياد نوعا من الركود خلافا لما اعتدنا عليه في السنوات السابقة، فلا حديث هذه الأيام في الأوساط الشعبية إلا عن موجة غلاء الأسعار،برغم أن مجمل المواد تشهد استقرارا نسبيا في الأسعار، بحسب ما قاله بعض التجار.
بعض المواطنين يعزون أسباب ذلك العزوف إلى الغلاء المعيشي الذي بات المواطن يتلمسه في كافة جوانب حياته، منهم من يعتقد أنهم أصبحوا فريسة لجشع التجار في غياب الرقابة الحكومية أو تغاضيها عن صغار التجار الذين يشعلون الأسواق بالأسعار المبالغ فيها خاصة في مناسبات الأعياد أو خلال شهر رمضان.
الغلاء دفع بعض المواطنين إلى إيجاد أسواق بديلة كمحلات الملابس المستعملة أو "البالة"، إذ يجدون فيها ما يناسب دخولهم وتوفر لهم ما يحتاجونه من ملابس وبأسعار مناسبة.
ذبحتونا!
كان لنا جولة بين المواطنين..الذين تساءل اغلبهم خلال حديثنا معهم كيف سيكون حال هذا العيد؟ وسط رغبة في إدخال الفرحة في نفوس أبنائهم إلا أن ضيق الحال سيمنع بعضهم شراء احتياجات العيد بسبب الغلاء "الفاحش" كما اعتبره البعض.
مريم في العشرين من عمرها، وبعد جولة لها في الأسواق، قررت عدم شرائها ملابس العيد وتعلل ذلك: "وجدت أن إمكانياتي لا تسمح بشراء ملابس العيد، لأن هناك أوليات أهم بالنسبة لي، ومع هذا الغلاء لم اقدر على شراء الملابس، وقررت أن اشتري بعد العيد، لعل الأسعار تكون اقل من ذلك بكثير وتناسبني".
وتلحظ مها أن ارتفاع أسعار الملابس لهذا العام كبير جدا ويختلف كليا عن السنوات الماضية: "كنت اشتري لأطفالي قطعتين وثلاثة في العيد وكانت بأسعار مناسبة ومقبولة، ولكن هذا العام اضطررت لاختصارها إلى قطعة واحدة لكل طفل".
حسن الرنتيسي قدر كلفة ملابس العيد لأطفال بحوالي 50 دينارا لكن زوجته رأت أن 50 دينارا لم تعد تكفي في ظل الغلاء. يقول حسن: "لا استطيع استثناء أطفالي من شراء ملابس العيد فهذا عيدهم، ولكن إذا لم استطع أن أوفر الـ50 دينار فأنني لن اشتري لهم".
ويلوم الرنتيسي التجار الذين يستغلون هذا الشهر والعيد بغلاء الأسعار ويقول: "لو عزف الكل عن الشراء في موسم العيد فان التجار سوف يخفضون السعر إجباريا".
التجار: الغلاء اثر علينا!
من جهة أخرى، فالتجار ينتظرون موسم العيد من السنة للسنة، واستعدوا جيدا لاستقبال الزبائن، إلا أن هذا العام لم يكن الإقبال قويا على شراء بضاعتهم رغم لجوء بعضهم إلى تخفيض أسعار الملابس واحتياجات العيد إلى النصف لزيادة القوة الشرائية، ولكن جميع المحاولات اتسمت بالضعف، فالغلاء توغل في كل مكان بشكل أرهق المواطن وأصبح غولا يطارد المستهلك.
احمد صوان صاحب محل أحذية في وسط البلد وجد ان الاقبال هذه السنة مختلف عن السنوات الماضية وقال: ارتفاع أسعار مختلف المنتجات تدريجيا ادى الى تراجع الزبائن، فضلا على أن الحكومة قامت برفع قيمة تكلفة الأحذية المصنوعة من الجلد إلى أربع دنانير، مما أرغمنا هذا الأمر على رفع أسعارنا".
ويرى احمد أن في كل عام يزداد الأمر سوء، "إذ كان العام الماضي أفضل بكثير من حيث الإقبال على المشتريات، والأسعار ترتفع باستمرار ولا تنخفض، وهذا ساهم وبشكل كبير على عزوف البعض عن التسوق في فترة الأعياد".
"زبون الأيام الماضية ليس كزبون هذه الأيام" هذا ما أشار إليه نجيب حداد صاحب محل لبيع الملابس" الزبون دائم التذمر ويبحث فقط عن الملابس الباهظة الثمن، دون النظر إلى الجودة ، فضلا على أن القوة الشرائية قلت هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية".
وبحسب ما يتوقع نجيب أن الأسباب تعود" لمجيء شهر رمضان بغير موسم البيع فما زال الطقس صيفا، مما عمل هذا الأمر نوعا من الحيرة لدى الزبون في اختيار شراء الملابس صيفية أم شتوية".
صلاح صاحب إحدى محلات لبيع الملابس في وسط البلد، كان جالسا يتبادل الحديث مع الزبون الوحيد في محله، يقول لنا انه "بخلاف ما كانت عليه الأمور في الأعوام الماضية، لم يكن المحل هذا العام عشية رمضان يعج بالزبائن الذين كانوا يتدافعون لشراء ملابس العيد لأولادهم".
ويؤكد صلاح بأنه" لا يوجد إلا قلة قليلة منهم تشتري، فمعظم الذين يمرون من أمام محلات السوق لا يشترون وإنما يكتفون بالنظر فقط، ومن أصل كل عشرة يدخلون على المحل يقومون بالاستفسار عن الأسعار، ولا يشتري في النهاية إلا اثنان فقط ".
وعلى الرغم من مجيء شهر رمضان في السنوات الماضية في فصل الشتاء إلا انه، وبحسب ما يقول صلاح، "كان هناك حركة قوية على شراء الملابس، وتشد من اليوم العاشر من رمضان، ونحن نقارب على انتهاء الشهر والحركة تكاد معدومة، علما بان أسعار الملابس ثابت لم تتغير على الإطلاق".
المشهد في شوارع عمان واحد، سواء بالنسبة للمواطنين الذين يشكون الغلاء ورفع الأسعار أو لأصحاب محلات البيع الذين باتوا يفتقدون الزبائن.
فجاءت مكرمة الملك عبد الله الثاني لتساعد من نالها على قضاء احتياجات العيد، لعله يكون عيدا سعيدا على الجميع.
إستمع الآن











































