الواجبات المدرسية: همّ أم ضرورة تعليمية؟

الواجبات المدرسية: همّ أم ضرورة تعليمية؟
الرابط المختصر

يرى كثير من التربويين بضرورة اعطاء الواجبات المنزلية للطلبة بهدف ترسيخ ما يدرسونه في أذهانهم، فيما تنادي فئة أخرى بعدم جدوى هذه الواجبات كونها تمثل عائقاً وعبئاً زائداً على الطلبة، فهل الواجبات المدرسية ذات جدوى؟

 

في الأردن يدرك الكثير من المعلمين أن هذا الأمر يعتبر إحدى الوسائل التعليمية المهمة، ولكنهم يدركون أكثر أن الأجيال تغيرت وصار لزاماً عليهم مراعاة المتغيرات والصعوبات إضافة الى مراعاة الأعباء التي يعانيها الطلبة وأهلهم معهم.

 

الطلبة يؤيدون!

 

أميرة العشي وهي الطالبة بالصف التاسع وجدت أن الأمر محسوم فإذا كانت الواجبات المدرسية خفيفة على الطلبة فلا بأس بها ولا تشعرها بالضيق أو العبأ الثقيل، لكن إذا كانت مثلما يعطي بعض المعلمين واجبات كثيرة فهو أمر مرفوض ولا يحتمله الطلبة.

 

لكن أميرة أكدت أنها وطوال سنين دراستها السابقة لم تتضايق ولم تشعر بأن الواجبات المدرسية عبء عليها وقالت "جيد أن يكون هناك واجبات بيتية، حتى لا ننسى ما أخذناه في الصف".

 

أما أحمد السمور فقد اشتكى أن العديد من الأساتذة كانوا يوكلون لصفّه العديد من الواجبات، والواجب ضخم يحتمل العديد من الأسئلة، وأحيانا لا تكون من ضمن الدروس .

 

وأكد أحمد أن الأسئلة إذا كانت بعيدة وزخمة وصعبة؛ فإن الطالب سيبدأ باستصعاب المادة كلها، وتمنى لو أن الواجب يغطي الدرس كاملاً وأن تكون الأسئلة سهلة ومن الدروس نفسها وليس خارجها.

 

لكن أحمد بذات الوقت لم يؤيد أن تلغى الواجبات من التعليم المدرسي، لأنها "قد تؤدي بالطالب إلى إهماله المواد والدروس، بشرط أن تكون معقولة ومتوسطة ومتنوعة كالبحوث ما بين الطرق التقليدية للواجبات وبين التنويع فيها".

 

وبعكسه فقد أيّد الطالب محمد زياد وجود الواجبات البيتية التقليدية للطلبة، لأنها برأيه "تنشّط الطالب وتجعله متابعاً لما يأخذه في المدرسة من دروس، وترسخها في ذهنه".

 

وما رأي التربوين؟

 

يرى كثير من المدرسين أن من الأفضل أن لا يلجأ المعلّم إلى تكليف الطلبة بواجبات منزلية إلا عند الضرورة، وكلّ ما يمكن حلّه داخل الصف يجب أن يُكلّف به الطلبة داخل الصف، لأنّ الطالب يقوم بالإجابة في بيئة تعليمية تخضع لسيطرة المعلّم ومراقبته، وعندها يستطيع المعلّم أن يراقب الطلبة ويقدّم لهم ما يحتاجونه.

 

وإذا ما وجد المعلّم ضرورة لتكليفهم بواجب منزلي فإنّ عليه أن يراعي أن يكون هذا التكليف مرتبطاً بالدرس الذي تعلّمه داخل الصف، وأن يشجّع على الإبداع، وأن يكون ممتعاً في الوقت نفسه؛ كأن يُطلب منه قراءة قصة قبل النوم مصحوبة بموسيقى هادئة تساعده على التركيز والاحتفاظ بما يقرأ لأطول مدة ممكنة، ولكن لا بدّ من الإشارة هنا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو ضرورة متابعة الطالب في هذا التكليف مباشرة في الدرس التالي.

 

ويقول المعلم يحيى الغروز أن الواجب مهم وضروري من أجل تركيز معلومات الطالب التي يحصل عليها خلال يومه الدراسي وتنميه لديه عملية التعلم الذاتي، لكن عدد الأسئلة التي تعطى لابد ان تكون قليلة فلا تستغرق منه وقتاً طويلاً حتى لا يصرف كل طاقته فيها، كما ان لا تكون بشكل يومي ولا تكون مكررة وبنفس النمط ولشكل، ويجب ان يطون في الأسئلة تطوير وإبداع حتى لا تثير ملل الطلبة".

 

ولكن الأستاذ الغروز رفض إلغاء نظام الواجبات المدرسية حيث قال"صعب أن تلغى الواجبات المدرسية، فوقت الحصة لا يسمح للمعلم أن يغطي كل شيء، ويكون بحاجة لإعطاء الطالب مجالاً كي يشجعه ليبحث ويدرس لوحده

 

وتابع "هناك الكثير من الطلبة يلزمهم هذا الشيء لكونهم يحبون المتابعة والتميز، ولهذا نحن كمعلمين لا نتخيل أحياناً كيف يمكن للعملية التعليمية أن تكون بدون واجبات مدرسية ".

 

وتحدث الأستاذ الغروز بكونه أب لأطفال في المدارس حيث قال "وبكوني أب أحب لأبنائي ألا يكون لديهم واجبات كثيرة، تستغرق منهم وقتاً طويلاًً، ولو استغرقت منه واجبات كل اليوم كاملاً ساعتين فلن يكون هناك مانعاً من ذلك".

 

الواجب مضيعة للوقت..

 

وفي الوقت الذي يؤيد فيه هؤلاء وجود الواجبات المنزلية يرى آخرون أن الواجبات لا تزيد من فعالية التعلم ولا تجعل الطلاب أكثر مهارة أو ذكاء، بل إن كثيراً منها تأتي بنتيجة عكسية وعلامات أقل.

 

فتقول المعلمة المتقاعدة فايزة الحمد بأن الأساتذة اليوم يعطون الطلبة مزيداً من الزاجبات، ومزيداً من الطلبات وتضيف "حتى أنهم أصبحوا يحملون كتباً أثقل من اوزانهم، فلا يصدق الطفل متى يعود الى البيت لكي يرتاح، فيتذكر أن لديه واجبات تحتاج منه كل وقته، وهو طفل يحتاج الى اللعب أكثر من الدراسة في كثير من الأحيان".

 

حيث أن الأساتذة في دول متقدمة مثل اليابان والدانمارك يعطون واجبات أقل ويحصل الطلبة على علامات أعلى، بينما في دول أخرى مثل اليونان وإيران وتايلاند يعطي الأساتذة واجبات أكثر مع ذلك لا يحقق الطلبة علامات عالية، فتكون السلبية الأكبر من ازدياد الواجبات هو تدمير رغبة الطلبة في التعلم وتدمير الفضول للمزيد من المعرفة والعلم.

 

ويوصي هؤلاء التربيون بأن علينا أن نعيد النظر في المسلمات التي اعتدناها في تعليمنا، بطرح أسئلة منها: هل يجب أن تكون هناك واجبات؟ وكتب مدرسية؟ وطابور صباحي؟ وهل يجب أن يجلس الطلبة في فصل واحد طوال الوقت؟ ولماذا؟ لأن الكثير مما نراه ونمارسه في التعليم قد مضى عليه وقت طويل دون أن يتغير.

 

وعلى الرغم من المشكلات الكثيرة التي تواجه الطلبة في المدارس من كثرة عدد الكتب الدراسية، وكثافة المناهج الدراسية فيها، إلا أن تنوع الوسائل التربوية يتيح للمعلمين والمعلمات التفكير في الاستمرار والتنويع والتطوير المستمر في الواجبات المدرسية الموكلة.

أضف تعليقك