النقل العام.. حصرية المشغلين وغياب الرقابة عن الدعم المالي
شككت نقابة العاملين بالنقل البري بالقدرة على الوفاء من كبرى شركات النقل العام في العاصمة بالتزاماتها تجاه رفع سوية النقل العام جراء عدم توافر شواهد ملموسة بحسب مستخدمي وسائط النقل العام، بالإضافة لما تشهده بعض المناطق من اكتظاظ للركاب وسياسة غير معلنة لتخفيف كلف التشغيل وبما نراه على الطرقات من تحميل ركاب يزيد عن عدد المقاعد المحددة، ويدلل ذلك على أنه لا يتم تشغيل العدد الكافي من الحافلات والملتزم به أمام الجهات المشرفة على النقل وهو ما يرتب ازدحاما للركاب ومضاعفة فترات انتظارهم على نقاط التحميل ويؤدي لعدم التزام بأوقات انطلاق ووصول الحافلات ولا يعطي أي مؤشر لمظهر من مظاهر التحسن في الأداء ... إلا على الورق ... كخطط قدمت للجهات المشرفة على النقل والتي يجب أن تكون عناصر رئيسية تسهم في تغيير الصورة التي رسخت في ذهن المواطن عن وسائط النقل العام وإعادة الثقة بهذه الوسيلة.
فقد تم توفير دعم مالي، على أساس تلك الخطط والالتزامات، للشركة للمساهمة في دعم القطاع وتلك الشركة تحديدا بما تقدمه من خدمة من المفترض أن تكون على درجة عالية من الاهتمام بتوفير عدد كاف من الحافلات على مختلف الخطوط التي تشغل عليها حافلاتها ، والتي حظيت بحقوق الاستثمار عليها ، بالإضافة للالتزام بمواعيد انطلاق ووصول للنقاط المحددة على مسارات خطوطه، وهو الأمر الذي لم تقترب من تحقيقه بعد.
وفي اتجاه آخر قالت النقابة إن الشركة لم تف بالتزامات وتعهدات بتحسين مستوى العاملين لديها وما زالت رواتب السائقين تراوح مكانها ولم يتم عليها أي تعديل بعكس ما تعهدت به الشركة أمام الجهات الرسمية ، لدى تقديمها لخطط النهوض بالنقل العام بالعاصمة ، وعلى أساسه تم توفير دعم مالي بقيمة "سبعة عشر مليون" دينار "لهذه الشركة" دون غيرها والتي تحظى بتشغيل حافلات على غالبية الخطوط الداخلية وإلى المحافظات، هذا بالإضافة إلى إلزام السائقين بالعمل لفترات طويلة دون استراحات، كما تمنح حوافز للسائق الذي يستمر في عمله ولا يأخذ إجازات سنوية أو حتى مرضية ويعمل ساعات أطول يوميا ، وهو إخلال واضح بمواد قانون العمل فيما يخص ساعات العمل المقررة للعامل يوميا، وهو ما يفسر عزوف الكثير من السائقين المؤهلين عن العمل.
ومن واقع المتابعة اليومية فإن بعض الثغرات في قطاع نقل الركاب الشركة المشغلة لهذه الخطوط من بينها تخفيض عدد الحافلات العاملة على كل وحدة استثمارية إلى الحد الأدنى والذي رتب عدم ثقة المواطن بوسائط النقل العام بالنظر لعدم التزامها بالوقت المحدد للانطلاق والوصول وزيادة مدة الانتظار على المواقف في ظروف جوية سواء الصيف الحار أو الشتاء الماطر وهو ينطبق إلى حد بعيد على الكثير من شركات النقل العام في المملكة.
وأضافت النقابة، "إننا في النقابة نطالب الجهات المشرفة على النقل إعادة النظر باستراتجيات دعم شركة محددة دون سواها بالرغم من عدم وفائها بالالتزامات المترتبة عليها، ونطالب أيضا بأن يتم محاسبتها عن أي تجاوز أو تقصير عن القيام بمهامها وكذلك توفير الدعم لمختلف الشركات العاملة في نقل الركاب بشكل متساو لأن عدم قيامها بذلك سوف يحدث فجوة بين الشركات العاملة ويخدم شركة محددة لتكون قادرة على الاستحواذ على حقوق الشركات الأخرى وشرائها نتيجة عدم توفر الدعم الذي تحظى به شركة بعينها".
كما لابد من الإشارة والأخذ بالاعتبار أن نوعية مستخدمي وسائط النقل العام هم من فئة ذوي الدخل المحدود من العمال والطلبة وصغار الموظفين وبالتالي فإن الدعم المالي المقدم للشركة لابد أن ينعكس على تعرفة الأجرة المقررة لتكون بمتناول هذه الفئات، ومن جهة أخرى لا يمكن أن يكون مقبولا أن تقوم تلك الشركة بتحديد خيارات مستخدمي وسائطها بالنسبة لتسديد تعرفة النقل بشراء بطاقة الدفع الذكية التي تتمتع الشركة ذاتها بحصرية بيعها وإعادة شحنها وتوزيعها وهو أمر يرتب أعباء إضافية على الراكب الذي لا يستخدم تلك الحافلة إلا لمرات محدودة جدا مما يجعلها عبئا إضافيا عليه.
ونتيجة لكل ذلك فإن قطاع نقل الركاب وخاصة بالعاصمة لا يزال يراوح مكانه في ظل هذه التصرفات التي تمارسها كبرى شركات النقل العام في العاصمة وعدم تجاوبها المؤثر مع متطلبات الهيئات المشرفة على النقل التي تعمل دون كلل لتوفير عناصر النجاح والتطوير للقطاع، وهو الأمر الذي سيقلص من فرص نجاحها في ظل عدم تجاوب المشغلين مع تطلعاتها وينعكس سلبا على مستويات الثقة بقطاع النقل العام ويدفع المواطن لخيارات أخرى تزيد من السلبيات التي نعاني منها وذلك بالذهاب لاقتناء مركبة خاصة به وبالتالي زيادة الازدحام المروري على شوارعنا وتزايد نسب التلوث البيئي الناتج عن عوادم المركبات نتيجة أعدادها الكبيرة، كما سيؤدي لزيادة حجم مستورداتنا من المشتقات النفطية لتغطية الطلب وما يرتب ذلك من أعباء مالية على موازنة الدولة.
من جهته قال رئيس النقابة محمود المعايطة إننا وفي ظل متابعتنا لواقع السواقين العاملين في أكبر شركة نقل في العاصمة وعدم التجاوب مع متطلبات تحسين أوضاعهم وعزوف العديد من السائقين عن العمل لديها نتيجة عدم توفر بيئة العمل الملائمة تفكر جديا في إلغاء الاتفاق الجماعي الموقع مع الشركة لعدم وفائها بالالتزامات المترتبة عليها، وفيما يتعلق بظروف عمل السائقين وتحسين أوضاعهم، حيث كانت الشركة قد تلقت دعما ماليا من الأمانة ضمن خطة للنهوض بواقع النقل العام وتضمن تلك الخطة تحسين أوضاع وظروف العاملين وزيادة رواتبهم وحوافزهم بشكل معقول كما اننا حريصون على أن يتم احتساب مجمل الراتب الشهري مع العلاوات والبدلات ضمن الراتب المسجل في الضمان الاجتماعي ليستفيد منه السائق بعد سنوات عمله وبما يلبي الحد الأدنى من الحياة الكريمة له بعد التقاعد.