الموقف الحكومي و"الإسلامي" يتقاطع في سيداو

الرابط المختصر

أوفى الأردن التزاماً دولياً أساسياً بنشره اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW ) في الجريدة الرسمية في الأول من آب مع تحفظاته عليها حيال....... استعداده للمشاركة مع المجتمع الدولي في تطبيق فحوى الاتفاقية التي صادق عليها 1992 ولكن ضمن قيود شرعية وسياسية خاصة به.
فالاعتبارات الدينية التي يتقاطع فيها موقف الحكومة مع موقف حزب جبهة العمل الإسلامي كانت المبرر الأساسي لتحفظ الحكومة على مواد ثلاثة من الاتفاقية وهي والفقرة 4 من المادة 15 المتعلقة بالمساواة في الأهلية القانونية والأهلية المدنية ، والفقرات ج ، د ، ز من المادة 16 المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية والتنقل وحق السكن وحق التنقل، أما الفقرة 2 من المادة 9 المتعلقة بالجنسية فالاعتبارات سياسية بحته وتخص الحكومة وحدها بالإضافة إلى بعض القوى الاجتماعية والسياسية المؤثرة في الأردن.
هذا الموقف دفع هيئات نسائية أن تدعو الحكومة إلى "سحب التحفظ حول الجنسية قبل عرض الاتفاقية على البرلمان معتبرة المبررات التي تم الاستناد إليها في التحفظ "غير قائمة على الدليل الصائب"، كما أن البند المذكور لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، كون الشريعة لا تخاطب الجنسية في هذا المقام، وإنما النسب.
في حين اعتبرت أمينة سر تجمع لجان المرأة الوطني العين مي أبو السمن أن تحفظات الأردن "منطقيية" خاصة ما يتعلق منها بموضوع الجنسية.وقالت إن التحفظات مبررة لأسباب سياسية وأخرى لتعارضها مع الشريعة الإسلامية.
وهذا الموقف يدعو لوقفه وخاصة قبل أن تعرض الاتفاقية على البرلمان القادم عملياً الذي تشير التوقعات أن تركيبته لن تختلف كثيراً عن التركيبة الحالية للمجلس الرابع عشر ذات الطابع العشائري المحافظ والخلفيات العسكرية والدينية.
وبحسب رأي  أستاذ الفقه وأصوله في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية عبدالله الكيلاني" أن المشكلة تكمن في أن هذه الصياغات الواردة في الاتفاقية تحمل أكثر من معنى، ويرى أن التحفظات الحكومية بعضها مصيب لتصادمها مع الشريعة الإسلامية والآخر عكس ذلك، فالفقرة ب من المادة 16 التي تنص على منح الرجل والمرأة نفس الحق في حرية اختيار الزوج وفي عدم عقد الزواج إلا في رضاها الحر الكامل، تظهر مشكلة تتعارض مع الشريعة في حال رغبتها للزواج من غير مسلم في الشق لأول أما الثاني فلا إشكال عليه، أما الفقرة ج التي تنص بنفس الحقوق والواجبات عند عقد الزواج وفسخه، ففيها يظهر تعارض مع الشريعة التي تقول أن حقوق النفقة والمهر وغيرها هي منصوص عليها للزوجة بعكس الزوج"
وهذا الرأي عبر عنه حزب جبهة العمل الإسلامي في بيان صادر عن لجنة العلماء في الحزب بشأن موافقة مجلس الوزراء على نشر الاتفاقية وجاء في البيان "ان المادة ( 16 ) من هذه الاتفاقية تضم حزمة من المواد تنسف قانون الأحوال الشخصية الأردني المستمد من الشريعة الإسلامية في المواد المتعلقة بالزواج والطلاق ، والقوامة ، والوصاية ، والولاية ، وحقوق وواجبات الزوجين وحقوق الأولاد. وتعد الموافقة عليها كفراً بدين الله"
إلا أن الفقرة الثانية من البيان قالت" حسناً صنع دولة رئيس الوزراء ومجلس الوزراء حين تحفظ على بعض بنود المادة (16) وتحديدا الفقرات (ب- ج – ز) منها، وكان يجب أن يتحفظ أيضاً على الفقرة (و) من هذه المادة التي تساوي المرأة مع الرجل فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية والاجتماعية"
وبعكس البيان الذي لم يذكر التحفظ حول المادة التي تمنح للرجل والمرأة حقوقاً متساوياً في منح الجنسية للأولاد في الفقرة 2 من المادة 9 " فإن  الكيلانى لا يرى سبباً لتحفظ الحكومة عليها".
وتوافقه في الرأي الناشطة في مجال حقوق المرأة اميلي نفاع ، وقالت "مع احترامنا للاعتبارات سياسية إلا أن هناك نساء أردنيات بعانين من هذه المشكلة في المفرق والموقر لزواجهن من غير أردنيين وهذا يعكس تمييزاً بين الرجال والنساء في الأردن، وينتقص من حقوق المواطنة، كما يضر بسمعة الأردن الدولية".
وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء محيي الدين توق قال" إن هذا التحفظ يمكن دراسته ضمن ظروف سياسية طبيعة في المنطقة" أي لاحقاً بحسب مفهوم التصريح إذ أن المنطقة بحسب التصريحات المستمرة لا تمر بهذه الظروف الأمنية والسياسية الطبيعية، وهي إذا كانت تصلح كمبرر للأردنيات المتزوجات من فلسطينيين خوفاً من "الاختلال الديموغرافي للسكان" فإنها لا تصلح إنسانياً بأي حال على أولاد الأردنيات مهما كانت جنسيات أزواجهن بالنسبة لحقوق التعليم والعمل والخدمات الصحية وغيرها من حقوق العيش الأساسية.
وفيما يتعلق بالتحفظات الأخرى الواردة في المادة 16 يقول توق" الأردن كأغلب الدول الإسلامية الأخرى تحفظ عليها لأنها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن لدينا بعض القوانين المؤقته مثل الخلع وحرية التنقل في حال يناقشها البرلمان وتصبح دائمة فلا يعود هناك أثر لهذا التحفظ مع الإشارة إلى أن هذه القوانين سارية المفعول حتى الآن لحين مناقشتها لاحقاً"
ويقترح الكيلاني -كما جاء في بيان جبهة العمل الإسلامي-"أن تعرض الحكومة هذه النصوص التي تخلق تصادم مع الشرع  على المفتي الذي بدوره يستدعي علماء وممكن أن يؤخذ برأيهم ما بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول".
قانوناً التحفظ يعني بحسب دكتور القانون الدولي عمران محافظة" أن الحكومة ترغب باستبعاد أو تغيير الأثر القانوني لبعض بنود المعاهدة أي أنها لا تلتزم بما ورد فيه ولا تقوم بموائمة التشريعات بما يتناسب معه أي أنها لا تمنع ما يمنع ولا تؤكد على تحقيق مضمونه".
ويشير الدكتور محافظة إلى" أن كثرة التحفظات حول الاتفاقيات قد تفرغها من مضمونها لأنه في العادة يتم التحفظ على بنود أساسية وجوهرية لذا لجأت العدد من الدول في بعض الاتفاقيات إلى منع التحفظ على مثل هذه البنود".
هذا وتدعو الاتفاقية التي صدرت عن الأمم المتحدة العام 1979 وأصبحت نافذة العام 1981، إلى المساواة في الحقوق والفرص بين المرأة والرجل في الميادين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتدرك أن دور المرأة الإنجابي لا يمكن أن يكون أساسا للتمييز ضدها، وإنما تقر بالأهمية الاجتماعية لدور الأمومة، ودور الوالدين كليهما في تنشئة الأسرة.
 

أضف تعليقك