المناسبة تستحق ترتيبا مختلفا

الرابط المختصر

بارتياح بالغ استقبلنا قرار الحكومة تطبيق تفسيرها لموعد اطلاق سراح عميد الأسرى الاردنيين سلطان العجلوني ورفاقه الثلاثة أمين الصانع وسالم وخالد أبو غليون على اساس ان سنة السجن في الاردن هي تسعة أشهر. نهنئ هؤلاء المناضلين وذويهم باطلاق سراحهم.

قررت أن أذهب أمس لمهرجان الاحتفاء بالافراج عن الأسرى في مجمع النقابات رغم تحفظي على صيغة المهرجان كما ظهرت في الترتيبات حيث الانحياز السياسي لجهة بعينها، ويبدو أن منظمي الاحتفال لم يراعوا تجنب التجيير حتّى في مناسبة يجب أن تكون ذات طابع وطني جامع يتجاوز التلاوين.
حسب البرنامج، المتحدث الأول في الاحتفال هو السيد زكي بني ارشيد، أمين عام جبهة العمل الاسلامي، وعريف المهرجان هو السيد سعود أبو محفوظ، عضو المكتب التنفيذي الإخواني. لماذا؟ والمتحدثون الآخرون لهم صفة تمثيلية مفهومة رئيس مجلس النقباء نقيب الأطباء د. زهير أبو فارس، وعن الشخصيات الوطنية المهندس ليث شبيلات، اضافة الى كلمة اللجنة الوطنية وكلمة ذوي الأسرى.
المهم ذهبت الى المهرجان وكان اخوانيا بالكامل: الأعلام واليافطات والهتافات. لم يكن هناك علم اردني أو فلسطيني واحد ولا أي رمز غير ما يخص التيار الإخواني الذي بدا أنه المنظم الفعلي للاحتفال. ولا أدري لماذا تمّ تلبيس النقابات الأمر، فقد كان باستطاعة الإخوان ان يعملوه لأنفسهم بأنفسهم اذا وافق الأسرى. هذا اسلوب يفتقر الى الكياسة. حتى الحمام الأبيض رمز الحرية والسلام كأنه استشعر قفص العصبية وضيق الأفق الذي حبس فيه الاحتفال فلم يحلق حينما اطلق بل "أخذ الأرض"، ولا حمامة واحدة حلقت في الفضاء فوق المهرجان!
أنا لا أعرف الانتماءات السياسية -إن وجدت- لأبطالنا الأسرى، لكن ما كان يجدر في كل الأحوال ان تمارس اللجنة هذا الاختطاف الفاقع وفي مناسبة كهذه لمصلحة لون سياسي بعينه. وما كان يجدر بالنقابات المهنية أن تقبل ذلك في بيتها.
كان يمكن وضع تصور مختلف للاحتفال أكثر شمولا واتساعا تستحقه المناسبة فتتمثل فيه القطاعات الرئيسية للمجتمع ومن بينها النقابات المهنية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني مع مراعاة تنوع الخلفيات السياسية للمتحدثين ووجود عرافة مستقلّة للحفل.  لكن يبدو ان حساسية اللجنة لهذه الاعتبارات تنهزم أمام شهوة الاستثمار والتجيير السياسي للأسرى وللاحتفال.
من زمان، ونحن نقول إنه لا يجوز للنقابات ان تعقد حلفا مع ائتلاف حزبي بعينه يكون هو نظيرها وشريكها، فتقيم المناسبات والمهرجانات معه دون غيره، أو تتساوق وتقبل المشاركة في مبادرات مجيّرة لجهات سياسية بعينها. واذا كان النقباء المنتمون الى الإخوان لا يظهرون أي حساسية تجاه هذه القضية ويستخدمون النقابات ويجيرونها بلا تحفظ، فأنا لا أفهم تمرير النقباء الآخرين لهذا السلوك.