الملك:العلاقة مع إسرائيل مرتبطة بالعملية السلمية والكلام عن الخيار الأردني "ساذج"

الملك:العلاقة مع إسرائيل مرتبطة بالعملية السلمية والكلام عن الخيار الأردني "ساذج"
الرابط المختصر

أكد الملك عبد الله الثاني أن مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية المباشرة تشكل فرصة يجب عدم إضاعتها للتوصل إلى السلام، محذرا من أن استمرار الوضع الراهن سيعرض جميع دول المنطقة وشعوبها لموجات جديدة من العنف والتوتر.

وقال الملك في مقابلة بثتها الليلة القناة الأولى الإسرائيلية إن تسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على أساس حل الدولتين مصلحة إستراتيجية إقليمية ودولية، مما يستوجب تكاتف جهود جميع الأطراف لضمان تحقيق تقدم ملموس وسريع نحو هذا الحل.

وحول العلاقات الأردنية الإسرائيلية، أكد الملك ارتباطها بعملية السلام، ومرجعا تدني العلاقات بين البلدين إلى عدم تحقيق رؤية السلام والاندماج الإقليمي، موضحا " من الممكن أن يكون لديك سلام، ولكن إذا كانت شعوبنا غير قادرة على التواصل، وإذا لم نستطع أن نحقق حرية الحركة بسبب القضية الفلسطينية، فإن السلام الموجود فعلاً هو مجرد سلام ينظر الناس فيه إلى بعضهم البعض عبر الحدود.

وأضاف: "لأنه من الصعب أن يتحقق التكامل الاقتصادي من خلال مناسبات لالتقاط الصور فقط، و إذا لم يكن هناك حل للوضع سياسي، فلدى الرئيس بيريز أفكار طموحة للغاية حول مشاريع إقليمية كبرى، ولكن كيف يمكن للإسرائيليين، والفلسطينيين، والأردنيين وغيرهم حضور احتفال ترفع فيه الأعلام لإطلاق هذه المشاريع، عندما نكون سياسيا في حالة صراع؟ أعتقد أن هذا هو السبب لتراجع العلاقة.

وردا على سؤال عن العلاقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديدا، الملك أكد "أن الكثير مما سيحدث في واشنطن سيحدد إذا ما كان الأردن وإسرائيل سيستطيعان التحرك إلى الأمام، ذلك أن التحدي هو في الانتقال من الأقوال إلى الأفعال وإذا ما استطعنا تحقيق ذلك، فإن العلاقات بين بلدينا ستتحسن"، وأضاف "لقد التقينا هنا الشهر الماضي، وكان اجتماعاً صريحاً، عبرنا خلاله بوضوح عن آرائنا، وتبادلنا شرح وجهات نظرنا عن رؤيتنا للمستقبل.

الخيار الأردني ودوره في المفاوضات:

اعتبر الملك عبد الله الثاني أن أي حديث عن "الخيار الأردني" كلام ساذج لا يستحق الرد عليه، وأن هذا الطرح مرفوض من الأردنيين والفلسطينيين، ولا يمكن تنفيذه أبدا، لافتا إلى أن نجاح المفاوضات، ووصولها إلى حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل في سياق إقليمي شامل وفق مبادرة السلام العربية، تفتح الباب أمام إسرائيل لبناء علاقات طبيعية مع 57 دولة عربية ومسلمة تؤيد هذه المبادرة.

أما الدور الأردني في المفاوضات، فقد أكد الملك "أن الأردن كان دائما يقوم بدور جمع الشعوب مع بعضها البعض وحل النزاعات والمشاكل التي ابتليت بها هذه المنطقة، وهذا إرث أعتز بحمله، وقد وأثبت الأردن، كمحاور صادق، أنه يحاول إيجاد الفرص لجمع الناس معاً، وأعتقد أن هذا هو سبب وجودنا في واشنطن، لأننا موضع ثقة جميع الأطراف، ويدرك الجميع أننا نؤمن بالسلام والازدهار لجميع الشعوب، وسنستمر في القيام بدور فعّال كلما استطعنا ذلك".

وأعرب الملك عن أمله بالدور الأمريكي في المفاوضات المباشرة للوصول إلى حل على أساس الولتين، مؤكدا أنه ولأول مرة، "منذ نهاية إدارة الرئيس بوش، وبداية إدارة الرئيس أوباما، التي يعلن فيها من خلال النقاش العام أن هذا النزاع القائم ليس في صالح الولايات المتحدة، وبالتالي تولدت قناعة لدى الناس بشكل عام، والسياسيين الآن، أنه من مصلحة الولايات المتحدة الوطنية أن يتم الحل وفقاً لحل الدولتين في أسرع وقت ممكن، وهذا تحرك مهم علينا جميعاً أن ندركه".

وحول الجدول الزمني المعلن للوصول إلى حل نهائي بالفاوضات المباشرة والذي أعلنت عنه الإدارة الأمريكية والمتمثل بسنة، قال الملك "لا أعتقد أن علينا أن نضع هدف ‘السنة الواحدة’ كمهلة زمنية، أعتقد أن الذي صدر عن الولايات المتحدة هو "خلال عام"، فلماذا الانتظار سنة؟ كلما انتظرنا فترة أطول لتحقيق الحل، زادت فرص تفجر العنف، وقد رأينا ذلك يحدث في مرات عديدة من قبل، فكلما التقى أنصار السلام من أجل دفع العملية للأمام، يكون هناك العديد ومن بين جميع الأطراف، ممن يريدون تدمير هذا التوجه، وبالتالي تفاقمت المعاناة وزهقت العديد من الأرواح من شعوبنا خلال العقود الماضية.

وأضاف "علينا أن نتحرك وفق قناعاتنا بأهمية السلام، واتخاذ خطوات صعبة خلال الأسبوعين القادمين على أمل أن يقود ذلك إلى عملية سلام ليست فقط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أنه حين نتحدّث عمّا يجري في واشنطن علينا أن لا ننسى ما تتطرحه مبادرة السلام العربية من سلام شامل.

فما نحاول تحقيقه هنا هو إحراز تقدم في العملية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حتى يتسنّى تطبيق مبادرة السلام العربية، سلاما واندماجاً كاملاً مع العالم العربي والإسلامي، فيكون مستقبل إسرائيل غير محصور بحدودها مع الأردن، أو لبنان، أو سيناء، أو مرتفعات الجولان.

وأشار الملك إلى المخاوف من فشل المفاوضات المباشرة، الأمر الذي ينذر بوقوع أعمال عنف في المنطقة، موضحا "إذا لم نمض بالعملية السلمية إلى الأمام فإن شيئاً سوف يحدث، إمّا على حدودكم، أو من أخطار بعيدة، أو في الداخل، وهذا هو الأمر المحزن، فالناس في نهاية المطاف هم الذين يدفعون الثمن بأرواحهم، وبانعدام أمن مستقبلهم، عندما لا يتحلى السياسيون بالشجاعة الكافية للنهوض إلى مستوى المسؤولية، وهنا مكمن الخطر".

وأضح "لا أتحدث عن معلومات أكيدة، ولكننا نعرف أن هناك بين الطرفين من لا يريدون تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالتالي السلام بين الإسرائيليين والعرب وكل الشعوب الإسلامية: 57 دولة، وهو ما أكدنا عليه مرارا، لذا ففي اللحظة التي نجد أنفسنا في ذهنية القبول بالوضع الراهن سيتحرك أحدهم ويضغط على الأزرار وتكون النتيجة اندلاع الصراع، أعتقد أن الظروف قد تغيرت على مدار السنوات العديدة الماضية".

لذلك، يضيف الملك، "فالقرار يجب أن يتخذ: هل ستعيش إسرائيل في عقلية القلعة، وتنظرون إلى الشرق الأوسط من وراء الجدران - بينما نحن نتقدّم بتعاون إقليمي وتكامل اقتصادي، أم سيكون لديكم القدرة والشجاعة لتحطيم الجدران وجمع الشعوب، ما سيجلب الأمن الكامل للشعب الإسرائيلي؟ 10 - التلفزيون الإسرائيلي: بما أنكم ذكرت خطورة أن يقوم أحد بضغط الأزرار.

"إذا قامت وحدة من الجناح العسكري لحماس باستهداف إيلات، فضربت العقبة وأوقعت ضحايا، ماذا ستكون ردّة فعل الأردن على ذلك؟ جلالة الملك: كما قلت، في كل مرّة نتحرك فيها تجاه السلام، تتحرك عناصر لزعزعته.

"علينا أن نركز أعيننا على الصورة الأشمل، سيكون هناك ضحايا في الطريق إلى السلام، وقد خسرنا في بلدينا قائدين عظيمين: جلالة المغفور له الملك الحسين، ورئيس الوزراء إسحق رابين، اللذين حاربا من أجل رؤية نستطيع جميعنا أن نتبناها.

"أعتقد أن الخطر الأكبر يكمن في هذه النقطة: المعركة من أجل السلام هي التي ستضمن مستقبلنا، وهذا ما أحاول أن أقوله، أنه إذا قبلنا بالوضع الراهن سيكون هنالك عنف، أما إذا تمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من حل مشاكلهم، فما الذي سيدفع بعض الدول لعداء إسرائيل: هذا هو استقراركم المستقبلي".

وفي رده على سؤال القناة حول حركة حماس أكد الملك أنه "يوجد إحساس لدى الشعب الإسرائيلي بأنهم يستطيعون العيش مع الوضع القائم، وهو ما اعتادوه لعقود، لكن المستقبل لا يبدو مشرقاً، وأود هنا أن أطرح عليك هذا الطرح: لا أعتقد أن إسرائيل ستصبح أقوى عبر السنين، لأن التحديات التي تواجه مستقبل إسرائيل الأمني ستزداد ولن تنقص".

"ولكن إذا جلس الإسرائيليون والفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات، وبدأوا بحل مشاكلهم، فلن يكون هناك مبرر للعناصر التي تريد تدمير إسرائيل، وليس فقط العناصر القريبة في المنطقة، بل أبعد من ذلك، فما الذي سيدفع هذه العناصر لتحدي إسرائيل عندما يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون بسلام؟ وسيكون الشعب الفلسطيني في مقدمة الشعوب التي ستقف في وجه ذلك وإلى جانبكم في مواجهته إذا ما حققنا حل الدولتين".

وخلال رده على سؤال حول الطرف المسؤول عن عدم التقدم في عملية السلام حذر الملك من تبادل أصابع اللوم وخصوصا قبل التوجه إلى واشنطن في الثاني من الشهر المقبل، والتي رأى فيها فرصة أخيرة "لبناء مستقبل نفخر به لنا ولأطفالنا"، وأضاف "ما أراه هو أن السياسيين على الجهتين لا يشعرون بتمكين الشعوب لهم، وهذا ليس بسبب أن الشعوب لا تريد السلام بل لأنها محبطة لاعتقادها بأن السلام لن يتحقق، وبغض النظر عمّا سيحدث في واشنطن، وأملي أن تتحرك المفاوضات المباشرة إلى الأمام، من المهم أن يؤمن الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي بأن السلام سيتحقق.

"فالسياسيون يشعرون بالتوتر ونحن نريد للسياسيين أن يكونوا أقوياء، وأن يستمدوا هذه القوة من شعوبهم، وكل القضايا التي ستثار ستكون مدار نقاش داخل مجتمعاتنا وسيحتد النقاش كثيراً، ولا أعتقد أن أي قائد سيعود بحل مثالي، ولذلك يجب أن نتفهم بشدة هذا الموضوع، وآمل أن القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية ستعودان لشعوبهما – إذا ما نجحنا في إحراز تقدم – ليقولا لشعب إسرائيل وشعب فلسطين: هذا أفضل ما استطعنا الحصول عليه، لذا سيكون الحسم في واشنطن، بمعنى هل سنستطيع أن نوفر المستقبل الذي نريده لشعوبنا، أم سنترك شعوبنا عرضة لعقد آخر من العنف".

أضف تعليقك