المسيحيون يصلون الشعانين على أسطح البيوت تجنبا لكسر حظر التجوال

حب الحياة والتوق إلى التواصل والمحبة بين الناس ساهم في إطلاق مبادرات لكسر حاجز الخوف وتبديد القلق والملل الذي فرضه حظر التجول جراء فايروس كورونا، دفع المواطنين في عدة مناطق بالدعوة للاحتفال بعيد الشعانين من خلال الصعود إلى أسطح البيوت لمشاركة الأهل والجيران بالصلاوات والتهاني حرصا منهم على عدم احداث أي خرق لحظر التجول المفروض من الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا.



واحتفل المسيحيون اليوم بعيد الشعانين الذي يأتي في الأحد السابع من الصوم الكبير قبل عيد "الفصح أو القيامة" ويسمى الأسبوع الذي يبدأ به أسبوع الآلام، وهو يوم دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس وفيه استقبله الأهالي بالسعف والزيتون.



ويعتبر أحد الشعانين مناسبة خاصة وعائليَّة يأتي فيه الأطفال إلى الكنيسة وهم يحملون أغصان الزيتون والنخيل، وبعد الصلاة تقام مواكب وتطوافات في شوارع البلدات وحول الكنائس ترافقها فرق الكشافة والمرشدات.



وتأتي احتفالات هذا العام بعيد الفصح المجيد الذي يصادف في التاسع عشر من نيسان الحالي في ظل أجواء حظر التجول الذي فرضته الحكومة ومعظم دول العالم على المواطنين نتيجة انتشار فيروس كورونا، مسببا خلو الشوارع ودور العبادة من المصلين حفاظا على صحتهم وحمايتهم من الفيروس الذي ينتشر بواسطة الاختلاط.



وقال المدبر الرسولي لبطريركية القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا إن "الأيام التي نعيشها الآن تتميز بفراغ في الشعائر وحضور الناس والاتصال بهم، وإن تفشي الوباء سلَبَ منّا أمننا وممارساتنا واحتفالاتنا ولقاءنا بعضنا البعض، وهيمن علينا خوف يختلط بالاضطراب والذهول".



وأضاف نشعر بالضياع والحيرة والعجز ولا نستطيع أن نفهم ما يجري الآن وما هو آتٍ وماهية الطريقة التي سنستعيد بها حياتنا لافتا الى اننا جميعا بحاجة إلى تجديد قدرتنا على التأمل والحصول على رؤية جديدة، أي العودة إلى الله، الذي نرى فيه أصلنا ومصيرنا إذ نرى أنفسنا بمثابة أبناء وإخوة وأفرادا ينتمون إلى إنسانية أكثر هشاشة وأخوّة ومساندة. لا يمكن لضعفنا بعد الآن أن يتخفى وراء الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية التي تمتاز بالغطرسة والكبرياء، بل سنعيشها بثقة أكبر، وفي وجه الألم والموت اللذين يُخيّمان على الإنسانية في هذه الأيام، ندرك أن علينا العودة إلى الله والصلاة إليه ولن يكون كل شيء على ما يرام من دون الإيمان وستكون كل مواساة والتزام لتحقيق العدل والسلام حلاً مؤقتًا لقلب إنسان يتوق الى الخلاص.



وكان مطران الأردن للروم الأرثوذكس، خريستوفوروس عطالله، أكد الالتزام التام بقرارات وتعليمات الحكومة بخصوص حظر التجول والبقاء في البيوت حفاظاً على السلامة العامة حتى تمر هذه الأزمة، داعيا المصلين إلى تحويل البيوت إلى كنائس صغيرة كما كانت عليه حالة الكنيسة الأولى والاستمرار في الصلاة والصيام كجزءٍ لا يتجزأ من الجهاد الروحي خاصة في هذه الظروف العصيبة.



وحث المصلين من أبناء الكنيسة على التواصل الاجتماعي والروحي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن حياة الشراكة والمحبة لحين تجاوز هذه الأزمة بسلام.



وقال راعي كنيسة الروم الكاثوليك في الفحيص، الأب بولص حداد، إن تفشي مرض فيروس كورونا الذي أصاب العالم والأردن أفقدنا جمهور المصلين الذي يأتون للصلاة في الكنائس ودفعهم لإقامة الصلاوات في البيوت استجابة لقرارات الحكومة والالتزام بحظر التجول الذي طبقته الأردن منذ أسابيع للحفاظ على صحة ِالمواطنين ومحاصرة الفيروس الذي ينتشر بسرعة.



ودعا حداد المصلين إلى العودة لجوهر الأديان التي تحض على التضحية من أجل الحفاظ على الحياة وأن يتابعوا الصلاوات من خلال المحطات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تجعل من كل بيت كنيسة يقيم به صلاته مع عائلته الصغيرة، مؤكدا أن الحظر فرصة لنعود لجوهر الأديان التي تدعو إلى عمل الخير والتعاون والمحبة وعدم التمسك بالشكليات وأن نتصالح مع بعضنا ومع أنفسنا.



وأكد راعي كنيسة الصويفية للروم الأرثوذكس، الأب إبراهيم دبور، أننا في الأردن جميعا مسلمون ومسيحيون نمر بظروف صعبة فرضتها جائحة كورونا التي هزت الدول والشعوب ومنعت الناس من الوصول إلى أعمالهم وكنائسهم وجوامعهم لأداء واجباتهم الدينية، مضيفا أن أعياد الفصح المجيد تأتي هذا العام متزامنة مع أجواء منع التجول، لافتا إلى ان التزام الكنائس بالقرارات الحكومية وخاصة قوانين الدفاع وحظر التجوال يأتي انطلاقا من مسؤولية الكنسية والوطنية تجاه أبنائها للحفاظ على صحتهم.



وأكد دبور أن الإغلاق المؤقت للكنائس وعدم استقبالها للمصلين لا يمنع أن يكون كل بيت مكانا للصلاة لحين إعلان انتهاء خطر الوباء والعودة إلى الحياة الطبيعية، مذكّرا الناس بالعودة إلى تعاليم الأديان التي تركز على المحبة وعمل الخير والابتعاد عن الخطيئة والإساءة للغير والتوبة وأن تصعد من بيوتنا التضرعات إلى الله بأن يبعد الأمراض والأوبئة عن الأردن والعالم أجمع.

 

بترا

أضف تعليقك