المرصد العمالي:لغياب مفاوضين ونقابات حقيقية.. إضراب النقل والشحن ينتهي قبل تحقيق المطالب

بعد ثلاثة أسابيع على بدء إضراب أصحاب وسائقي الشاحنات في الأردن، ولحاق فئات من قطاع النقل البري المتمثل بالحافلات ومركبات السرفيس والتكسي الأصفر وعدد من مركبات التطبيقات الذكية، انتهى الإضراب دون الوصول إلى حلول ترضي الأطراف المنفذة له وعاد معظمهم إلى عملهم دون تنفيذ مطالبهم.

 

المطلب الرئيس الذي خرج من أجله آلاف السائقين من مختلف القطاعات، لم يتحقق، وهو تخفيض أسعار المشتقات النفطية، رغم توافقات حكومية مع نقابات حيال رفع تسعيرة شحن البضائع، قال المضربون إن هذه النقابات لا تمثلهم وأنّ الحكومة ليست صاحبة الحق في إعلان إنهاء الإضراب أو استمراره.

 

يعزو خبراء توقف الإضراب إلى عدم وجود مرجعية نقابية أو جمعية قائمة على المطالبات أو مدافعة عنها، ولا حتى ممثلين حقيقيين لمنفذي الإضراب.

 

في هذا الصدد يرى ناشر موقع "الراصد النقابي" لعمال الأردن حاتم قطيش، أنّ غياب الجهات الممثلة عن الإضراب وعدم وجودها يزيد من صعوبة إجراء عملية المفاوضة الجماعية بين الحكومة والمحتجين، ما يعني عدم الوصول إلى اتفاق يرضي مختلف الأطراف.

 

ويبين قطيش لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ الجهات التي فاوضت الحكومة وأعلنت فك الإضراب لم يعترف بها المضربون والمحتجون، لأنّهم لم ينتخبوهم أو يختاروهم، وربما لا يعرفون علاقتهم بالقضية أصلأً.

 

ويعبر عن استغرابه لإعلانات الحكومة فك الإضراب، ويقول إن القائم بالإضراب هو الجهة ذات الصلاحية في فكه والإعلان عن ذلك، إلّا أنّ الحكومة أقدمت على ذلك لعدم وجود ممثلين حقيقيين عن العمال.

 

ويحذر قطيش من أنّ هذه العشوائية قد تهدد السلم المجتمعي، لأنّ بعض الفئات قد تستخدم "غياب مرجعية للنقابات وتستخدمها لأجندات لا علاقة للإضراب والمحتجين بها، على رأسها شيطنة الإضراب ومنفذيه ليقال إنّ القصد منه هو التخريب وليس المطالبة بحقوق" وفق تعبيره.

 

ويعتقد قطيش أنّ الأفضل أن يبدأ الإضراب بإعلان رسمي في بيان مفصّل، يحمل اسم الجهة المنفذة والفئات التي تتبعها وتشارك في الإضراب، ويختتم البيان بأنّ إنهاء الإضراب يصدر من شخص محدد مشارك من بينهم، حتى تكون الأمور أوضح، ويكون المفاوض معروفاً.

 

كذلك، ينتقد قطيش حصر الحكومة القوى العاملة بـ17 نقابة عمالية معترف بها فقط، وأن ذلك يمنع الكثير من العاملين والعاملات في قطاعات كبيرة من حقهم في التفاوض أو إبرام عقود عمل جماعية إلا عبر النقابة الموجودة التي لا يرى المحتجون أنها تمثلهم، وهو ما يفضي إلى أنّ أي اتفاق بين النقابات العمالية والحكومة غير نافذ ولا فائدة منه لإنهاء الاحتجاج.

 

وحول بيان الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، يعتبر قطيش أنّ النقابات العامة لم تكتفِ بتغيبها عن موقف الاحتجاج. وإنما أصدرت بيانا تخلي فيه مسؤوليتها عن الإضراب والاحتجاج السلمي ويحاول إفشاله أيضاً، بالرغم من أن المفترض أنهم يمثلون العمال.

 

كذلك، يرى أن البيان يدافع عن "شرعية" الاتحاد العام وأنه الممثل الوحيد للقوى العمالية في الأردن والجهة التي تنظم وقفة احتجاجية وان أي جهة أخرى تدير إضراباً تنتحل صفة رسمية، مع أن من قام بذلك هو اتحاد النقابات العمالية المستقلة الأردني، وبناءً على البيان تم توقيف رئيسه سليمان الجمعاني ونائبه سليمان السرياني أياماً في سجن ماركا.

 

ويوضح قطيش أن الحكومة لا تأبه إلى أنّ فكرة الإضراب تمثل "آخر العلاج الكي"، أي أنه يأتي بعد إغلاق جميع الأبواب بوجه العمال وعدم وجود مفاوض شرعي، أو ممثل أو نقابة أو حتى سامع لمطالبهم المعلنة والمعروفة لدى معظم الناس.

 

كذلك فإنّ الحكومة، والحديث لقطيش، لا تفاوض المحتجين بحجة عدم وجود أي جهة رسمية للتفاوض، رغم أنها هي من يمنع حق التمثيل النقابي الحقيقي.

 

ويشير إلى أنّ الإضراب لو أدير من قبل نقابة مهنية أو عمالية بشكل رسمي، لكان أفضل بالتأكيد ولتم تنظيم الإضراب بشكل واضح وتقسيم وقته وتدريجه ومكان بدئه، إلّا أنّ غياب كل ذلك بسبب التشريعات والقرارات الحكومية وضعف النقابات العامة للعمال، جعلت المسألة أكثر عشوائية.

 

من جانبه، يقول السكرتير الإقليمي للاتحاد الدولي للنقل والناشط النقابي بلال ملكاوي إنّ انعدام جو التنظيم النقابي الحقيقي لقطاع النقل، وقطاعات كثيرة أيضاً، سيخلق بالضرورة عشوائية في الاحتجاج.. فالمجموعات المنفذة للإضراب متفرقة والتنفيذ لم يكن مدروساً.

 

ويبين ملكاوي لـ"المرصد العمالي الأردني" أن للتشريعات المعمول بها في الأردن وإصرار الحكومات على عدم وجود تنظيمات نقابية قادرة على تنظيم العمال ضمن فئات نقابية تشكل سبباً رئيساً لعشوائية الإضراب.

 

كما يرى أنّ الدولة ما تزال تصر على فكرة أن التنظيمات النقابية تشكل خطراً عليها فيما هي حماية للدولة والعمال معا، لأنّ الحوار والنقاش الذي تدعو إليه دائماً يتمثل من خلال هذه التنظيمات النقابية التي تقدم الحوار على أصوله، فالدولة لا تستطيع إجراء حوار مع عشرة آلاف عامل في آن واحد.

 

ويشير إلى انّ الاتحاد بعث رسالة إلى رئيس الوزراء أبدى فيها عدم رضاه عن كيفية تعامل الحكومة مع الموضوع ومحاولات تقديم الحلول الأمنية على الحوار لإنهاء الإضراب، باعتبار أنّ الحل الأمني لم ولن يكون يوماً حلاً لقضية عمالية.

 

ويوضح ملكاوي أنّ توقف أي إضراب يكون باتفاق، إلّا أنّ توقف إضراب العاملين والسائقين اليوم بدون أي اتفاقات يعني أنه قد يتحول إلى قنبلة موقوتة ويعود إلى الشارع في أي وقت إذا لم تحل الأمور، وقد تخرج الاحتجاجات من أي مكان.

 

ويعرج ملكاوي على مشكلة مركبات التطبيقات الذكية، ويقول إن الخاسر الأول في موضوع التطبيقات الذكية هو الدولة الأردنية.

 

ويشرح ذلك بالقول إنّ النسبة المرتفعة من أجور النقل التي تتقاضاها الشركات من السائقين لا تبقى داخل البلاد تعود إلى أصحاب الشركات خارجها، والتشوه الآخر هو فتح السوق لمختلف المنصات الإلكترونية بدون التشجيع على تنظيم هؤلاء العمال. 

 

نجحت مختلف النقابات في العالم بتخفيض أرباح المنصات وشركات تطبيقات النقل الذكي بنسب كبيرة لتبقى معظم التكاليف داخل الدولة وضمان عدم استثمارها خارجها.

 

ويشير إلى استمرار استغلال التطبيقات للعاملين فيها مع تجاهل الحكومة لمطلبهم بهدد برفع النسب إلى 40 و50 بالمئة.

 

انتهى الإضراب فعلاً وما يزال السائقون وأصحاب المركبات يعانون ذات المشكلة بارتفاع أسعار المحروقات وبخاصة في الشهور الأخيرة، وبخاصة من مادتي البنزين والديزل المستخدمتين في تشغيل المركبات بمختلف أنواعها.

 

الاحتجاج الذي عم مختلف أنحاء المملكة، لم تمثله أي نقابة بحسب المحتجين، وبالرغم من توافقات مع نقابة أصحاب الشاحنات لرفع أسعار النقل الّا أنّ المحتجين رفضوا ذلك وأصروا على مطلبهم بتخفيض أسعار المشتقات النفطية.

أضف تعليقك