المرأة في حزبها أبعد من لجنة تخصها

المرأة في حزبها أبعد من لجنة تخصها
الرابط المختصر

لم يكن وجود المرأة الأردنية داخل مجتمعها فاعلا بقدر فاعليتها داخل حزبها "لعله المكان الذي ترى فيه ذاتها أكثر، وبعيدا عن قيود المجتمع"..في السابق وبقدر ما كانت الأحزاب فاعلة وناشطة في حراكها، كانت المرأة إحدى روافع فاعلية الحزب، فهي وإن كانت "مقيدة" أو "محجم" دورها داخل حزبها في الفترة الحالية فهي تستند إلى ما صنعته من انجازات.. ومهامها كانت تأسيس وتدبير وتنظيم أما وأن حاولت الانتقال إلى نشاطات أبعد من اللجان التي تختص بها، "فستواجه حاجز العقل الذي سيحول من تقدمها"..

"قفي مكانك، لكل منا أدوار في الحياة، وفي العمل داخل الحزب. أعطي الخبز للخباز"..وقصة المرأة داخل الحزب ليست جديدة، ففي السابق كانت مثالا للوجه الحضاري لأي حزب، وأما المدافعين عن حقوق المرأة والذي ينادوا بضرورة أن تتحرر من "ديكور" الحزب، لا يزال يبحثون عن جواب لسؤال؛ لماذا لم تتطور المرأة داخل الحزب المنتمية له؟       
 
ماذا تعني المرأة في الحزب؟ 
لم تستطع المرأة داخل الحزب أن تتجاوز حدود اللجان التي تعنى بقضاياها هنا أو تنظم ندوة أو ورشة هناك، بذلك، تصبح بالمحصلة أسيرة "لمجتمع يفرض سطوته، وحزب لم يدرك بعد ماذا تعني له المرأة وحتى وإن كان الحزب على قدر من التحرر إلا أنه بقي أسيرا لمجتمع يرفض أن تكون المرأة فيه قيادية".
 
آمنة الزعبي، رئيسة اتحاد المرأة الأردنية، تربط حال المرأة في الحزب بالمجتمع، "هناك شعارات فضفاضة للمرأة حول مشاركتها في العمل السياسي، ولكن الواقع مختلف تماما، ومشاركتها المتدنية في الأحزاب تحول دون وصولها إلى مواقع قرار وحالها في الحزب شبيه لما تعانيه داخل مجتمعها من اضطهاد".
 
تواجه الأحزاب مشكلات في برامجها؛ غير المقنعة في سياساتها، وغير السليمة في هيكلها، وهو ما يحول دون دخول النساء كعضوات أو وصولهن إلى مواقع مهمة في الحزب..وهذا ما تراه الزعبي في أن الحزب يكرس عمل المرأة في لجان خاصة بها ويحددها.."المرأة تعاني من إرث الأحكام العرفية ومع منع الأحزاب من العمل زاد من معاناتها، وكذلك الاستحقاقات التي كانت تفرض عليها".
 
المجتمع..
زكي بني رشيد، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي يعتبر أن وصول المرأة إلى مجلس الشورى بنسبة تصل إلى 10% يأتي لتأكيد دورها "فنحن نريدها فاعلة"..ورغم أنه لا يوجد في أنظمة الحزب ما يمنع المرأة من الترشح لقيادة الحزب لكن لم يُسجل لها أي محاولة تذكر في المواقع القيادية، وهو ما تشير إليه حياة المسيمي، وهي قيادية في ذات الحزب ، تقول: "تم تقديمنا لمواقع قيادية كبيرة أو في المكتب التنفيذي كأعضاء، لكننا رفضنا لاعتبارات عديدة، منها أن التوقيت كان غير مناسبا".
 
وتعتبر المسيمي وهي نائب سابق عن حزب الجبهة في مجلس النواب أنهن "متواجدات في المواقع الشورية" وهذا برأيها إنجاز يحسب للحزب..لكن يظل المعوق القانوني هو ما يزيد الصعوبات على المرأة.
 
بني رشيد يقول إن وصول المرأة إلى موقع أمانة الحزب ليس بعيدا ولكن هناك "إملاءات المجتمع والتي تحكم الجميع"..بذلك تظل المرأة الحزبية أسيرة لعادات مجتمعها وتقاليده..ولا ينكر بني رشيد ذلك.  
 
لا داعي للخروج من البيت
وتعدد المسيمي، ثلاثة أشكال من المعوقات التي تحد من حرية المرأة في الأحزاب وتقوض من عملها..."التحدي الأول هو النظرة العامة للأحزاب داخل المجتمع والذي تصنعه الحكومات والإعلام الرسمي وهذا يقلل من انضمام الرجال والنساء إلى الأحزاب لكنها تعكس أثرها على النساء خاصة، ويتجلى ذلك فيما وراء القوانين، ولعلي أذكر حادثة فصل طالبة من جامعتها بتهمة توزيع منشورات، وهذه الحادثة هي جزء أساسي في التأثير على مشاركة المرأة في الأحزاب. التحدي الثاني يأتي من المجتمع نفسه والذي لا يزال يعامل المرأة بخصوصية ما، ومنها أنه يريد أن يحميها من أي إساءة أو أن مشاركتها في العمل الحزبي سيمنع من القيام بدورها كأم كأن يقول الرجل لزوجته أنا أعمل في الحزب وأنت لا داعي للخروج من البيت أنا أقوم عنك بالدور. المرأة ليست ديكورا. والتحدي الثالث يأتي من المرأة نفسها، إذ أن الكثيرات يعتقدن أن هناك أعمالا خارج العمل الحزبي تكون فاعلة أكثر وأهم، على اعتبار أن الجمعيات أهم وهذا تحد كبير. 
 
المرأة ليست مضطهدة!
على طرف مقابل، تتزعم السيدة منى أبو بكر أمانة الحزب الوطني الأردني، تتحدث عن تجربتها "المرأة والرجل شريكان، وحزبي غالبيته من الرجال، وهناك عناصر قيادية موجودة عند الرجل والمرأة"..
 
وعند تأسيس الحزب أراد المؤسسون أن يكون الأمين لديهم "سيدة" والحزب على حد قول منى أبو بكر "قام على أكتاف عائلات وعشائر أرادت أن تكون المرأة أمينة لهم"، وتقول عن استمرارها كأمينة "نعم، حملوني على أكتافهم وعقولهم الرجال، هم الذي أتوا بالنساء إلى الحزب وزادوا من عددهن".
 
المرأة ليست مضطهدة في الأحزاب ذلك ما تقوله منى أبو بكر، "فليعذروني الرجال في الأحزاب الأخرى فهم الضعفاء، ويربطون عقولهم بالسلاسل ولا يدركون ماذا تعني المرأة وما هي داخل أحزابهم، فلينظروا إلى مارغريت تاتشر رئيس الوزراء البريطانية المرأة الحديدية وكم من الرجال قد خرج من تحتها، فل يهتموا بالنساء في أحزابهم".
 
خلدون الناصر، أمين عام حزب العهد، يرى أن تجربة المرأة في حزب العهد ناجحة وهناك مناصب عليا احتلتها في الحزب، "ولا يوجد نظام داخلي في أي حزب يمنع من وصول المرأة إلى المناصب العليا في الحزب، ففي المكتب التنفيذي داخل الحزب هناك سيدتين على قدر من النشاط السياسي والاجتماعي، وفي المجلس المركزي 12 عضو من السيدات، ولهن دور فاعل وآراء يؤخذ بها".
 
المرأة مقيدة
لكن الأحزاب تظل مقيدة، فكيف الحال بالمرأة داخله؟ يعتقد الناصر أنهن الأكثر تقييدا من كل التقييد الذي تعيشه الأحزاب الأردنية.."ولا ِأحد يمنع من تقدم المرأة وتطورها وخوضها لأي انتخابات، بذلك فلا يستطيع الحزب أن يحل الواقع الاجتماعي الذي يفرض على المرأة فهناك تعقيدات من شأنها إقصاء المرأة وذلك وفق الناصر يتأتى من قبل الأجهزة التنفيذية والتشريعية التي تساهم في إقصاء المرأة أكثر.
 
رغم أن المرأة في حزب حشد ناشطة وفاعلة إلا أنها تظل أسيرة لمجتمع لا يتقبل وجودها بعد في عمل خارج حدود منزلها، إلا أن أمين عام حزب حشد أحمد يوسف يرى المرأة في الحزب ناشطة "ولدينا رابطة النساء الديمقراطيات وهي فاعلة كثيرا"، وتصل نسبة النساء في الحزب إلى 46% وفي عضوية اللجنة المركزية تتجاوز الـ30%.
 
يضيف يوسف "من حق المرأة أن تشارك وتصل إلى سدة المواقع الرفيعة..نحن نناضل من أجل أن تحصل على حقوقها المدنية وفي منظومة القوانين الاجتماعية والنقابية والمهنية وكذلك في قانون الانتخابات والتمثيل النسبي".  
 
قصة المرأة والأمراض اجتماعية
الأحزاب حسب منطلقاتها الفكرية والسياسية تعبر عن فئات اجتماعية معينة، ولكنها –بحسب يوسف- لا تزال تعاني في مجتمعنا من "أمراض اجتماعية" تظلم المرأة، لكن هذه الأمراض يجب أن لا تدخل إلى منظومة الأنظمة الداخلية والتوجهات الفكرية السياسية للأحزاب إلا إذا كانت أحزابا يمينية تعنى بالذكورية على حساب الأنوثة وهذا غريب...
 
بحسب دراسة أجرتها هنا المحيسن من مركز الرأي للدراسات قبل سنة فهناك 8 أحزاب من أصل 25 حزبا تحققت فيها المشاركة النسائية في عضوية هيئاتها القيادية "إلا أن حجم المشاركة بقي متواضعا فقد كانت أعلى بنسبة 12.5% لدى الحزب التقدمي ونفس النسبة لدى حزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" ثم تلاهما الحزب الوطني الدستوري بنسبة 11.1% ثم حزب الوسط الإسلامي وحزب العمل الأردني وكلاهم بنسبة 8.3%".
 
تقول آمنة الزعبي: "قانون الأحزاب يساهم في تهميش المرأة داخل حزبها". فالمرأة لا تزال غير قادرة على وضع بصمة لها في المسيرة الحزبية السياسية في الأردن لأننا لازلنا بحاجة إلى إصلاح  سياسي شامل ويتيح للأحزاب كمنظمات شعبية من المشاركة في رسم السياسات وصناعة القرار إذا الأحزاب لم تصل إلى المستوى هذا من المشاركة فكيف للمرأة بوجودها المهمش.
 
أحمد يوسف يرى أن على المرأة "أن تتحرر ولا تضع نفسها في بوتقة، فعنصر التغيير يجب أن يبدأ منهن وهناك تجارب جديرة بالاهتمام".
 
رئيسة اتحاد المرأة تحّمل المرأة مسؤولية قبولها لأن تكون ديكورا في الحزب أو عدد ليس أكثر..وتقول: "إذا شعرنا أن السيدات في حزبهن غير قادرات على الفعل ومقيدات فليقمن بفعل سلمي والتغيير والتأثير الإيجابي..ويرفضن أن يكن منظمات لورش الأحزاب".