الماجستير والدكتوراة: حاجة علمية أم اقتصادية واجتماعية؟

الماجستير والدكتوراة: حاجة علمية أم اقتصادية واجتماعية؟
الرابط المختصر

ازدادت أعداد طلبة الدراسات العليا في برامج
الماجستير والدكتوراة بشكل واضح في الأردن، واختلفت بهذا الدوافع والأسباب، لدرجة
جعلت وزارة التعليم العالي تفكر في توجهٍ لإيقاف هذه البرامج ولو مؤقتاً.

"طلب
العلم فريضة على كل مسلم"، و"اطلبوا العلم من المهد الى اللحد"
مقولات رسولنا الكريم (صلى) قد تكون إحدى دوافع للكثير من الأردنيين من أجل
الاستمرار بطلب العلم، والذي فهمه هؤلاء بوقتنا الحاضر متمثلاً في (الدراسات
العليا).

لكن؛ ما بين أهداف اقتصادية واجتماعية بدرجةٍ
أولى وأخرى علمية بدرجة ثانية، بدا الحال مختلفاً قليلاً في الواقع، فالكثير
يطلبون (الماجستير والدكتوراة) من أجل المكانة الاجتماعية والدخل المرتفع ولتحسين
وضع اقتصادي آخذ بالتدهور يوماً بعد يوم.

أبو الدكتور...

وترى طالبة الدكتوراة في كلية الشريعة بالجامعة
الأردنية زينب القضاة بأن المجتمع الأردني نشأ على حب التعليم لدرجة أن الأب قد يبيع
أرضه أو شيءً من ممتلكاته حتى لو كان لديه 10 أبناء، مشيرة الى أن ما يدفع الكثير
منهم الى ذلك هو الرغبة بأن يقال أن (أبو الدكتور فلان)، فيما يركز آخرون على ضمان
مستقبل أبنائهم الاقتصادي بإيجاد وظيفة أفضل".

وأبدت زينب رفضها لتوجه الوزارة بإيقاف برامج
الدراسات العليا في الجامعات الرسمية وذلك بسبب تراكم خريجي الدراسات العليا من
ماجستير ودكتوراة بدون عمل أو وظائف، حيث قالت "التعليم العالي يجب أن يستمر لأن
له دورا في تطوير الأمة ودفعها في تغيير مجرى حياتها".

مؤكدة أن الحل ليس في إيقافها مدة من الزمن، بل
في إيجاد بديل عن الوظيفة الحكومية التي يطمح لها
هؤلاء الدارسون "نحن نمتلك العقول ونستطيع أن نصدرها الى الخارج للدول
التي تحتاج الى الأكاديميين، فليس شرطاً من التعليم هو الوصول الى الوظيفة
الحكومية، بل لابد من إيجاد بدائل من مؤسسات وشركات وغيرها، وخاصة أن حجم الشباب
كبير جداً في مجتمعنا الأردني".

العلم = أداء أفضل!

حمزة حماد طالب دكتوراة أيضاً في جامعة عمان
للدراسات العليا أكد أن دافعه الشخصي من وراء إكماله الدراسة هو إكمال المعرفة منطلقاً
من مبدأ (إذا كانت معرفتك أكثر سيكون أدائك أفضل)، وقال "أنا مؤمن بأن العلم أفضل
وسيلة لتحسين كفاءة الأفراد في عملهم".

لكنه أشار "قد تكون الإشكالية في كثرة عدد
المقبولين في البرامج، لكن بدلاً من إيقاف البرنامج فليقللوا أعدادهم فمثلاً يكون
في شعبة طلبة الدكتوراة 40 طالب على الأقل، وكأننا ما زلنا في مرحلة البكالوريوس، لو
كانت الامور مبنية على المعدلات التراكمية بحيث كان عدد المقبولين مبني على درجة
الامتياز، لكن الواقع غير ذلك لان أغلب من يتم البكالوريوس يتوجه لدراسة الماجستير
والدراسات العليا".

وفيما يخص بطالة هؤلاء الطلبة قال حمزة "المشكلة
الاقتصادية وبطالة خريجي الدراسات العليا تعتمد على الطالب نفسه، فيما إذا كاننت لديه
القدرة على توسيع مداركه أو يبقى محصوراً داخل النطاق الأكاديمي" في إشارة
منه الى إمكانية أن يعمل حامل درجة الدكتوراة في اكثر من مجال ةليس فقط في
الجامعات والكليات.

خبرة أم تقليد أعمى؟

مها التي تدرس الماجستير في الصحافة والإعلام
في جامعة الدراسات العليا دفعتها الرغبة في زيادة خبرتها العلمية والعملية في
عملها كإعلامية وأكدت "ما دفعني هو زيادة خبرتي في مجال عملي، كما أنه
وبحصولي على الماجستير ستزيد فرصة حصولي على عمل أفضل في مجال الإعلام حيث أكون قد
درست هذا العمل بشكل أكاديمي وعملي".

العلم لا يجب أن يتوقف أو يكون له حد، والإنسان
لابد أن يظل يتعلم، هكذا بررت مها إكمال دراستها للماجستير وأضافت "حتى لو كان
هناك بطالة، هذه حريتي في إكمال تعليمي العالي حتى أزيد من فرصي في الحياة، وإيقاف
هذه البرامج سيحرم الكثيرين من هكذا فرص".

لكنها قالت أن الكثيرين يدرسون الماجستير رغبة
منهم في تقليد غيرهم، وآخرين من أجل أن يقال أن (معهم ماجستير أو دكتوراة) وليس
رغبة في طلب العلم، و"هو ما لا نريده بالتأكيد".

ضياع البحث العلمي..

ظاهرة ازدياد طلبة برامج الدراسات العليا
المتقدمة إيجابية بحسب الكاتبة والأكاديمية الدكتورة ريم مرايات لكن المشكلة كما
تقول "أن كثير من الطلبة الذين يقبلون على الدراسات العليا لا يمتلكون حسّ
البحث العلمي، وهو أحد مظاهر المجتمع المدني المتقدم، ولا تنطبق عليهم صفات المتوجب
وجودها في الباحث العلمي".

مُعيدة أسباب إقبال المجتمع على الدراسات
العليا في رغبتهم إما في الحصول على الوظيفة اللائقة والدخل المرتفع أو كوسيلة
للوصول الى المناصب العليا والتنافس الاجتماعي، لكن قليلاًً منهم يدرسها رغبة في إثبات
الذات أو بهدف طلب العلم.

الأمور بحاجة الى
ضبط..

وعن رغبة وزارة التعليم العالي بإيقاف هذه البرامج
قالت مرايات "الأصل أن تقدم الوزارة مبررات وأسباب لذلك، وليس أن يكون الحل
بإغلاقها على الإطلاق، لأن أي مجتمع تبقى حاجته قائمة الى البحث العلمي المستمر".

والحل في رأيها "في أن يكون هناك ضبط لشروط
القبول في هذه البرامج بحيث لا يُقبل إلا من ينطبق عليه شروط البحث العلمي، فقضايا
البحث العلمي ليست قضايا سوق وإنما هي من أهم مقومات المجتمع المتقدم".

وعزت مرايات وجود بطالة بين خريجي الدراسات
العليا من طلبة ماجستير أو دكتوراة الى وجود مشكلة في الربط بين الشهادة والوظائف ذات
الدخل المرتفع والمكانة العليا في المجتمع، إذ برأيها "لا يجوز أن نقرن ما
بين البحث العلمي والدراسات العليا وحاجة السوق فقط دون الالتفات الى قضايا
المجتمع المحة الأخرى".

وأشارت مرايات الى أنه "إذا بقيت نظرة
المجتمع الى الدراسات العليا على أنها هدف لتطوير الذات والمجتمع وتحصيل العلم
والمعرفة فهذا شيء إيجابي، لكن ليس أن تكون فقط من أجل الوظيفة والدخل المرتفع
والمكانة الاجتماعية".

ودعت في نهاية حديثها الى عدم التعلق بفكرة ان
مكان هؤلاء الدارسين هو الجامعات والكليات فقط، بل بالإمكان البحث عن وظائف في
مختلف المجالات في المجتمع الذي بات في حاجة ماسة الى الخبرات العلمية في كل
المواقع والمؤسسات.

أضف تعليقك