العودة إلى الإرث الغذائي خلال حظر التجول

رمضان هو الشهر الوحيد الذي تجتمع فيه العائلة لتناول الافطار مجتمعين معا جراء مشاغل الحياة  الكثيرة ،حيث أنَّ وقت المغرب هو وقت الحظر المتعارف به إذ تخلو فيه الشوارع من الناس .

مع الوضع الوبائي الراهن بالعالم فرض الحظر في الأردن بتاريخ 21/3/2020  أيا كان مدة و توقيت الحظر فهو  ظرف استثنائي  أوجب   التعامل  معه بطريقة  استثنائية . 

إنَّ التعامل مع هذا الظرف الطارئ اوجد حالة طوارئ في المنازل لإدارة الازمة الاقتصادية الداخلية بعد توقف عدد كبير من المهن بالتالي لا يوجد أي مصدر مالي للأسرة سوى ان تعود للأكلات التراثية والشعبية والتي هُجرت وخاصة أنها قليلة التكلفة الاقتصادية .

وبما أنَّ  الانسان يجب عليه أن  يتأقلم مع كلِ ظرف يُفرض عليه كان على كل عائلة  أن تتعلم شيء يطلق عليه ( فن الممكن) ،إذ أنه يستخدم كل ما هو متاح لديه أو موجود بحيث يقضي حاجتهُ دون طلب السؤال ، لذلك  فإننا نجد أن الحاجة أم الاختراع وذلكَ إمّا لأسباب اقتصادية وشُح المصادر أو بسبب مساحة الوقت المنزلية  المتاحة في ظل هذا الحظر .

 

حاولت الجدات والنشميات  الاردنيات لسنوات طويلة  الحفاظ والعمل  على استدامة هذا  الارث  الغذائي  الأردني ،حيث تم التأكيد على ان يتم تعلمه وتوارثه , فكان المطبخ الاردني الذي وثق علاقة الحب الابدي  والبذل  اللامتناهي  مع الأرض  إلى ابتكار عدد من الأطعمة بأقل التكلفة المالية فدخلت المكونات الاساسية للهوية الاردنية الغذائية (الحليب ومشتقاته والحبوب والخبز ) في صناعة أطباق بسيطة ومتنوعة .

محمد المومني المواطن الأردني  بيّن  أن الوضع الاقتصادي هو سبب الرجوع للأكل التراثي قائلًا: "رجعنا للأكل نظرًا للظروف الحالية  وامتثالًا لأمر الدفاع  لجاءنا الى مخزون البيت لعدم الخروج ".

وأضاف المومني انه خلال الحظر لجأوا الى  عمل اكلة الرشوف أكلة شّعبيّة اردنيّة والمعتمدة على اللبن الجميد المتوفر في كل بيت  وعلى البقول الجافة كالجريشة والعدس حيث تعتبر هذه المكونات من المونة المخزنة دون الاعتماد على اللحوم ، فهي اقل تكلفة اقتصادية من المنسف.

 

وأضاف المومني انه خلال هذا الظرف  تعلم عمل مقرطة العدس من جدته مكملاً حديثه : "مقرطة العدس تعتمد على عجينة تقطع  تجفف بالفرن ويطبخ ايضا باللبن الجميد"

وبين المومني  إنَّ السبب في الرجوع للأكل التراثي الاردني هو " وجود متسع من الوقت الذي دفعنا لذلك"

أما السيدة حمدة ابو تايه من الجفر قائلة" مع  هذا الحظر لم نذهب الى السوق فقمنا بطحن القمح على الرّحى وخبزه على الصاج كنوع من الخبز ما يسمى( خبز الشراك ) ، وأضافت ابو تايه : "كمان عملنا اللزاقيات "

والمعلوم ان اللزاقيات او ما تعرف ( كنافة البدو  )نوع من الحلوى تشبه خبز الصاج لكن يدهن العجين بالسمن ويرش عليه السكر. 

أضافت حمده ابو تايه : أنه خلال الحظر "خبزنا خبز الطابون , كل بيت يعتمد على انتاجه الداخلي" وعلقت قائلة : "الست الريفية تعتمد على نفسها تخبز طابون ، تربي الحلال(المواشي) فتوفر اللبن والسمن  مؤنة  للبيت وما حدث الان من ظروف الحجر لم تؤثر علينا او حتى تُرغمنا على الجوع نحن وعائلاتنا او نحتاج لأحد" .

وبينت ابو تايه ان المرأة بالجفر قوتها في بيتها تصنع المخللات والحلاوة وهي امرأة مكافحة قبل الوباء او بعده وان الاكل التراثي يعتبر أساسيًا بكل الاحوال والظروف كالرشوف والمجدرة وغيره

باسمه اللالا من الزرقاء أوضحت هي الاخرى بقولها :"خلال فترة الحظر عملت البصارة والرمانية وعدنا الى الاكل بسبب دوام العمل الطويل  والتطوعي، حيثُ أنه قليلة عودتنا الى البيت  والان أصبحنا مبدعات ورجعنا للأكل القديم والاكل التراثي "

واوضحت اللالا أن العامل الأساسي للرجوع إلى الأكل التراثي "هو الوقت"

وبينت أنَّ البصارة والتي من مكوناتها : الفول المجروش والمسلوق مع الملوخية الناشفة التي استثمروا من شرائها في فصل الصيف  بسبب تدني الاسعار لها  وعلقت أن مؤنة البيت تعتمد على الطعام الجاف كالبقوليات والمتوفرة بكل المواسم .

 

وأعربت اللالا عن فرحها بطبخة الرمانية المكونة من : باذنجان وعدس مسلوق ودبس الرمان  وتقلى بالثوم او كوسا خرط  كونها لا تجد وقت للطبخ . 

سهام الزعبي من اربد تقول : جائحة كورونا وارتفاع الاسعار للخضار صار الناس يطلعوا من مخزون البيت ، عملت لأولادي التشَعَاتشيل  مكوناتها موجودة بالبيت لكن كان عامل الوقت مفقود والسبب الاخر ارتفاع اسعار الخضار "

واضافت الزعبي : "كورونا لصالحنا ليس كمرض انما جمعنا وزادت علاقتنا قوة برغم التباعد الجسدي "

اما عن الدواجن فبينت السيدة فاطمه سليم : أنها تشتري الدجاج من السيارات الجوالة  بالحي حيث ان السعر زهيد لا يتعدى سعر الدجاجة الصغيرة نصف دينار واما الدجاج اللاحم فيتراوح السعر ما بين دينارين الى ثلاث دنانير قائلة " اعمل الشاورما لأولادي من هذا الدجاج وقمت بعمل المكمورة أيضًا "

وأضافت : " نعم الاسباب اقتصادية فلا دخل مادي لنا كما انه يوجد الوقت الكافي لعمل الاكل الذي يستغرق الوقت لإعداده وبكلفة أقل"

وعن طبق الحلويات ، فيحب أولادها ( الخميعة ) أو(ريق البنت) وهو عبارة عن فتة خبز مُضاف له السكر والسمن والحليب  يشبه إلى حدِ كبير بالكورن فليكس اليوم .

أم الوليد من منطقة وادي العش عبرت ايضا عن رأيها :" مع فرض الحظر لم يتغير الكثير علينا لدينا الاغنام ونعمل المؤنة  للبيت منها"  وأكملت بسبب عدم وجود سيارة وإغلاق الأسواق وارتفاع أسعار الخضار و توافر الطحين  لدينا اعتمدنا على الطحين بمعظم الاكل"

أما عن الاكل في فترة الحظر أكملت أم الوليد :" يوجد اكلة تسمى

( بزنزن) وهي عجين مقطعة تسقط على قدر فيه شوربة بصل  بدون لحم  او دجاج" وشكلها مُشابه للفيتو تشيني الإيطالية.

أما مادة العدس فكانت الرّاعي الرّسميّ لكلِّ شتاء في الأردن لكنها كانت الراعي الرسمي لمعظم البيوت في هذا الظرف الاستثنائي .

من الظليل السيدة نهلة محمد  بينت : إنه نظرًا للظروف الاقتصادية " فتة البندورة واكلة البرغل مطبوخ بالبندورة كانت  الاكثر طبخًا بسبب الظروف الاقتصادية بندور طبيخ غير مكلف وموجود بالبيت "وأكدت أنه خلال هذا الظرف الاستثنائي "عملنا الخبز بالبيت كمية أكثر بركة وازكى".

أما أسماء الاسود فبينت : أنَّ الاكلة الاكثر طبخًا  هي (طقة المعلقة) وهي رز مطبوخ بالبندورة وبينت " الكمية وفيرة وطعم زاكي"

واكملت الاسود انها تقوم بتعليم سيدات الحي  على عمل اللزاقيات والخبز على الفرن.

 ومن الكرك فارس الصرايرة بيّن "جائحة كورونا فرضت علينا يجب ان يكون هناك فائدة من الازمه على مستوى العائلة والفرد حيث رجعت بعض العائلات للأكلات الاردنية كالرشوف والشوربات بمختلف انواعها  والبعد عن المطاعم "  كما وجه الصرايرة دعوة للعودة للأرض والزراعة والحديقة المنزلية  ودعا الى التفنن بصناعة الحلويات خاصة لتوافر الوقت.

ام جلال أيضًا كان لها رأي في تغيير انواع الأطعمة التي يتم إعدادها بالمنزل واكدت على اهمية الزراعة بالبيت لتوفير المواد الاساسية  الغذائية وان تكون السيدة مديرة ازمة في بيتها  وعن شعورها قالت "الرجوع للأكل التقليدي كان لا بد منه بهذه الظروف  "  وعن الإجراءات الاستباقية لسيدة البيت لإدارة الازمه " لازم كل سيدة تجفف بندورة وكل موسم تجدد المخزون للظروف الطارئة "

اما عن الحلويات ام جلال  فبينت أنها صنعت كنافة في بيتها لأول مرة قائلة" اخترعت عجينة كنافة وعملتها من عجينة طحين مع سمنه وجففتها بالفرن وطحنتها بالمطحنة اليدوية القديمة كانت كمية وافرة وزاكيه"

واكملت ام جلال ان الفلافل كان من الاوليات المنزلية وأنها تصنع الفلافل باستخدام الملعقة عند قليه فتكون حبة الفلافل كالقلب الذي يمثل محبتها لأولادها و عملها وختمت حديثها أنها ستستمر بهذا التغير وأنها ستزرع كل ما يحتاجه البيت بالحديقة.

 

.

 

أضف تعليقك