توقعات بزيادة إغلاقات المنشآت السياحية نتيجة التراجع الحاد في القطاع
لم يقتصر تأثير الحرب الإسرائيلية على غزة على الجانب الإنساني والسياسي فقط، بل امتد ليشمل قطاعات اقتصادية مختلفة، فقد شهد قطاع السياحة تراجعا حادا، حيث بلغت نسبة إلغاء مجموعات السياح الوافدين 90% خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب استنادا لأرقام مكاتب السياحة الوافدة.
وفي ظل هذا التراجع الكبير، كانت الفنادق المتأثر الأول والأكثر تضررا، حيث تعاني من خسائر مالية جسيمة، وعجز في تسديد رواتب موظفيها وتنظيم شؤونها الداخلية، خاصة في المثلث الذهبي (العقبة، البترا ووادي رم)؛ حيث انخفضت نسبة الإشغال في البترا إلى مستوى قياسي بلغ 3%، وفقا للتقرير الربعي الصادر عن وزارة السياحة والآثار.
ويعتمد الدخل القومي المحلي بشكل كبير على إيرادات السياحة، مما يجعل هذه الظروف الصعبة تضع عبا إضافيا على كاهل الاقتصاد المحلي، في الوقت الذي كانت تسعى به المملكة لجعل هذه الفترة ذهبية بالنسبة لقطاعها السياحي.
المزيد من الإغلاقات
نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية حسين هلالات يبين أن عام ٢٠٢٣ كان مقياسا لقطاع السياحة في الأردن، حيث توقع أن يكون عاما استثنائيا بكل المقاييس، معتبرا أن السابع من شهر تشرين الأول الماضي كان نقطة تحول في القطاع، إذ شهد تراجعا متسارعا نتيجة لتداعيات الأحداث الجارية في المنطقة.
ويذكر هلالات أن العديد من رحلات الطيران إلى الأردن توقفت؛ بسبب تحذير الدول لرعاياها بعدم السفر إلى هناك، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الطيران وانخفاض الطلب على الوجهة.
كما يؤكد هلالات أن الأردن بلدا آمنا ومستقرا، رافضا من جانبه مقارنة الأردن بالأوضاع في سوريا أو لبنان، معتبرا أنه من الممكن مقارنته مع دول مثل مصر أو دول الخليج من ناحية سياحية.
بدأت العديد من الفنادق في المملكة بالفعل بالإغلاق نتيجة نقص الطلب على الإقامة، مع توقعات المزيد من الإغلاقات حتى نهاية عام ٢٠٢٤، على أمل عودة السياحة إلى شكلها الطبيعي في العام الذي يليه، بحسب هلالات.
أما فيما يتعلق بالأسعار، يكشف هلالات أن أسعار السياحة في الأردن حاليا مناسبة وجاذبة للسياح، حيث يمكن الإقامة في فنادق "خمس نجوم" مقابل 370 دولار لثمانية أيام، مشيرًا إلى أن هذا الانخفاض في الأسعار يعكس الجهود الكبيرة التي تبذلها الفنادق لجذب الزوار وتحفيز النشاط السياحي والاقتصادي في البلاد.
البترا تأن
في الذكرى السابعة عشرة لإعلان البترا كواحدة من عجائب الدنيا السبع، تواجه المدينة الوردية انخفاضا حادا في أعداد السياح بنسبة 70%، مقارنة بالعام الماضي، وفقا لتقديرات وزارة السياحة والاثار.
وتؤكد الوزارة أن القطاع السياحي في البترا هو الأكثر تضررا، وذلك نتيجة الانحسار السياحي تحديدا من الدول الغربية بسبب العدوان الاسرائيلي على غزة.
وفي السياق، يوضح رئيس مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا الدكتور فارس البريزات، أن المستثمرين من أبناء المنطقة يعملون على تنفيذ استثماراتهم والمتمثلة في بناء 1400 غرفة فندقية جديدة، على الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها القطاع السياحي .
عضو هيئة تدريس في قسم العلوم الفندقية والسياحية جامعة البلقاء التطبيقية، الدليل السياحي لغة إنجليزية إيهاب العمري يصف الوضع في البترا بغاية السوء، مشيرا إلى أن المدينة هي المقصد السياحي الأكثر زيارة في المملكة.
ويؤكد العمري أن هذا التراجع الحاد أثر بشكل كبير على الاقتصاد السياحي، حيث انخفض الدخل السياحي، وتراجعت أعداد السياح القادمين إلى الأردن، مما أثر على نسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، وأدى إلى تراجع أعداد العاملين في القطاع السياحي.
ويبلغ عدد العاملين في القطاع السياحي نحو 57 ألف عامل ، منذ شهر تشرين الاول الماضي لم يتمكنوا من العمل، حيث يواجه أصحاب العمل صعوبة في دفع مستحقاتهم الشهرية بسبب تراجع أعداد السياح.
منذ العام 2007 مرت البترا بمراحل متفاوتة من ازدياد وانخفاض أعداد السياح، تبعا للأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تلعب دورا مهما في تنشيط قطاع السياحة، وشهدت منذ عام 2018 ارتفاعاً كبيراً في أعداد السياح، واحتفلت بالمليون زائر لأول مرة عام 2019، لكن سرعان ما انخفضت أعداد السياح في عام 2020 بسبب جائحة كورونا، لتعود في عام 2023 لتتجاوز المليون زائر للمرة الثانية في تاريخها إلا أن الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة خلّفت معاناة للقطاع السياحي في البترا ، مما أدى إلى انخفاض كبير في أعداد الزوار.
إجراءات لإنقاذ القطاع
وللنهوض بالقطاع السياحي، يدعو هلالات الحكومة للوقوف بجانب الجمعية، ودعم الفنادق وموظفيها في هذه الفترة الصعبة، من خلال إيجاد برامج لمساعدتهم على غرار البرامج التي تم إنشاؤها خلال جائحة كورونا، ذاكرًا أنّ الوضع السياحي الآن أصعب بكثير مقارنة بتلك الجائحة.
من جهته يشير العمري إلى أن هناك شريحة كبيرة من العاملين في القطاع يعملون في الفنادق، أن أصحاب المنشآت غير قادرين على توفير استدامة للعاملين، لذا يجب توزيع الحمل الحمل على ثلاثة أطراف وإشراك مؤسسة الضمان الاجتماعي في المعادلة ، كما حدث خلال فترة جائحة كورونا، بإنشاء برنامج يشبه برنامج "استدامة".
كما يؤكد على أهمية تعزيز الترويج والتسويق السياحي، من خلال زيادة الميزانية المخصصة لذلك والتركيز على التسويق الإلكتروني لإظهار الأردن كوجهة مستقرة أمنيا رغم التحديات في المنطقة.
ويوضح العمري إلى أهمية تطوير البرنامج السياحي بطرح منتجات سياحية جديدة أو تطوير المنتجات الحالية، مما سيسهم في فتح أسواق سياحية جديدة. كذلك، تعزيز البنية التحتية للطيران، وتخفيض التكلفة التشغيلية على أصحاب المنشآت السياحية، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار الخدمات والمنتجات السياحية وزيادة عدد السياح.
من جهتها، تسعى وزارة السياحة من خلال الجهود المشتركة إلى التخفيف على القطاع السياحي والتجاري، عبر إعفاء المستأجرين من السلطة من الإيجارات المستحقة لهذا العام، وتقديم حزمة إجراءات من الضمان الاجتماعي وضريبة الدخل والمبيعات.