الصحافة والفساد: كلام اكثر اعلام اقل
ربما لا يوجد مفردة اكثر ترددا في الصحافة ككلمة "الفساد"، وهي اذ تستخدم بكثرة في مقالات الكتّاب وفي تعليقات القراء على المواقع الالكترونية وفي خطابات الحكومة. الا انها بقيت مفردة "هائمة" دون "اثبات".
لا يجد المواطن المتلقي لوسائل الاعلام معلومات حقيقية حول حجم الفساد في الاردن. وباستثناء التقارير التي تصدرها دائرة مكافحة الفساد فإن الصحف تتحدث عن "ظاهرة" حقيقية.
يبرر الكاتب ياسر ابو هلالة ارتفاع نبرة الحديث عن فساد الموظف الحكومي في الاردن "صونا للموظف وحماية له قبل استفحال داء الفساد بشكل يحوله الى معضلة غير قابلة للحل"، وكأن الكاتب يريد من ارتفاع هذه النبرة استخدامها كسلاح ردعي او استباقي.
لكن هناك من يرى غير ذلك. "إلى حد الآن الصحافة مقصرة في تناول الملفات التي تدور حولها شبهات فساد"، يقول مدير تحرير صحيفة "العرب اليوم" فهد الخيطان. ويضيف "معظم وسائل الاعلام تنأى بنفسها عن متابعة هذه الملفات كما حدث مؤخرا مع قضية الكازينو (كازينو اريحا)".
أما الصحفي باسم سكجها فهو يذهب ابعد من الخيطان معتبرا "إن الصحافة المحلية بعيدة كل البعد عن متابعة قضايا الفساد والكشف عنها، كل ما تقوم به الصحف هو عمليا ردود فعل باستثناءات محدودة".
يعزو سكجها غياب الصحافة عن تغطية قضايا الفساد الى عدة أسباب: "غياب الصحافة الاستقصائية وهي الأقدر على التعامل مع هذه القضية، فهذا النوع يكاد يغيب عن الصحف المحلية."
ويضيف الخيطان اسباب أخرى: "السياسات التحريرية للصحف، مصالح هذه المؤسسات مع القطاعين العام والخاص، تقاعس بعض قوى المجتمع المدني ورفض بعض المسؤولين التعاون مع الصحف حتى لو كانوا متضررين من الفساد".
الا ان الخيطان يرى في "غياب المعلومات ونقصها الى درجة مريعة" العامل الاهم في عجز الصحافة عن متابعة ملفات الفساد.
يقول كاتب الماني ساخر ان: "من يعمل في مهنة الصحافة يقضي النصف الأول من حياته في البحث عما يجهل، والنصف الثاني في السكوت عما يعرف".
قد يكون هذا القول ينطبق على بعض الصحفيين الاردنيين، فقد بات امرا مألوفا ان يتكتم الصحفي على ما يعرف فقد بينت دراسة حالة الحريات الاعلامية في الاردن عام 2007 الصادرة عن مركز حماية وحرية الصحفيين ان 94% من الصحفيين يمارسون رقابة ذاتية شديدة على انفسهم. الامر الذي يحول دون ان يكشفوا عن ما لديهم من معلومات.
وفي السياق، يرى سكجها ان دور الصحافة في الاردن تراجع خلال الاعوام الخمسة عشر السابقة، رغم كل الحديث عن تطور الحريات في البلد. بسبب تركيبة المؤسسات الاعلامية وملكية "الحكومة" فيها وتدخلاتها المباشرة وغير المباشرة.
وقد اظهر التقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للإعلام عن حالة الحريات الصحفية في عام 2007، أن الإعلام يتمتع بحرية نسبية، سقفها 52% فقط.
ان "توفر وسائل اعلام حرة ومستقلة هو عماد النزاهة، بدون ذلك لا يتم تحصين الديمقراطية"، يقول سكجها.











































