الشيخ جراح.. حصار إسرائيلي مشدد وعقاب جماعي لسكانه

الرابط المختصر

16 يومًا مرت، وما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرض حصارًا مشددًا على حي الشيخ جراح وسط القدس المحتلة، وتُحوله إلى "سجن كبير"، مُكبل بقيود مشددة وحواجز حديدية، محاطًا بالمكعبات الإسمنتية من جهاته الأربع.

 

ضرب وقمع وحشي، واقتحامات للمنازل، واعتداءات وتنكيل بسكانه والمتضامنين معه باستخدام قنابل الصوت والغاز والمياه العادمة، هكذا يبدو المشهد يوميًا في حي الشيخ جراح المهدد بالإخلاء والتهجير لصالح المستوطنين.

 

يقول صالح ذياب، أحد سكان الحي لوكالة "صفا": "16 يومًا ونحن نعيش في سجن كبير، يشبه إلى حد ما تجربة شارع الشهداء في الخليل الذي حوله الاحتلال إلى ثكنة عسكرية، بعد مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1994".

 

ويضيف أن قوات الاحتلال صعّدت من هجمتها واعتداءاتها على الحي خلال الحصار المفروض، ما فاقم من معاناة سكانه، وأصبح دخولهم وخروجهم من الحي أشد صعوبة من أي وقت مضى.

 

ويصف الوضع في الحي بالكارثي والمأساوي، قائلا:" يُمنع خروجنا من الحي ودخولنا إليه، إلا بعد إثبات هويتنا الشخصية قبيل مرورنا عبر الحاجز العسكري، في وقت يسمح للمستوطنين بالدخول والخروج بكل أريحية دون أي قيود".

 

وأكثر ما يثير مخاوف السكان على حياتهم، تجول المستوطنون داخل الحي وهم يحملون السلاح بحماية شرطة الاحتلال، وسط استمرار استفزازاتهم واعتداءاتهم على السكان حتى داخل بيوتهم.

 

ويشير ذياب إلى أن قوات الاحتلال لا تتوقف عن قمع المقدسيين والصحفيين وحتى المتضامنين مع سكان الحي، مستخدمة القنابل الغازية والصوتية والأعيرة المطاطية، ما أدى لوقوع إصابات، بالإضافة إلى عمليات الاعتقال، والتي طالت عددًا من السكان.

 

ومن يستطيع الدخول إلى الحي-وفقًا للناشط ذياب- يتم مهاجمته والاعتداء عليه بوحشية، وحتى الأطفال والنساء داخل منازلهم لم يسلموا من اعتداءات الاحتلال.

 

ولم تتوقف عمليات التنكيل بالمواطنين على الحواجز التي نصبتها سلطات الاحتلال على مداخل الحي، إذ يتم إيقاف المركبات والمارة وتفتيشهم والتدقيق في هوياتهم، خشية من دخول غير سكان الحي إليه.

 

ويؤكد ذياب أن سكان الشيخ جراح رغم الحصار المشدد، إلا أنهم مصرون على البقاء في أرضهم وعدم تركها للمستوطنين مهما كان الثمن.

 

وضع صعب

 

أما المقدسي محمد الصباغ- أحد سكان الحي- فيقول في حديثه لوكالة "صفا": إن" الوضع صعب للغاية، إذ أصبحت الحياة في الحي لا تطاق بسبب إجراءات الاحتلال العنصرية، والتي قيدت حركتنا ومنعتنا من التنقل بحرية داخل الحي، وعزلتنا عن العالم المحيط بنا".

 

ويضيف أن الاحتلال حوّل الحي إلى منطقة عسكرية مغلقة بشكل كامل من كافة الجهات، وكثف من انتشار عناصره داخل الحي وعند مداخله، كما منع دخول الأقارب والصحفيين الفلسطينيين، في تعمد واضح للاستفراد بالسكان، ومنع أي تضامن معهم.

 

ويتابع الصباغ "نحن نتعرض يوميًا لعمليات إذلال وتنكيل وإهانة وتفتيش أثناء خروجنا ودخولنا إلى الحي، وعلينا أن نبرز هويتنا الشخصية لتأكيد أننا من سكان الحي، نحن مُكبّلون بقيود صارمة منذ نحو أسبوعين".

 

ويتخوف الطلاب من الذهاب إلى مدارسهم أو اللعب في الشارع، أو التوجه للمحلات التجارية لشراء الاحتياجات اللازمة خشية من اعتداءات المستوطنين والهجوم عليهم.

 

ويوضح أن الاحتلال يمنع السكان من التواجد أمام منازلهم داخل الحي، ويتم قمعهم بطريقة همجية، واقتحام منازلهم عنوةً، والاعتداء على المتواجدين داخلها.

 

وخوفًا من اعتداءات المستوطنين، يضطر السكان من الشباب والمسنين بالتناوب، السهر طوال الليل، لحراسة الحي، وحماية المنازل من أي اعتداءات.

 

المعركة مستمرة

 

وتواجه عشرات العائلات في حي الشيخ جراح خطر التهجير والطرد من منازلهم وأراضيهم لصالح المستوطنين.

 

ويشدد أهالي الشيخ جراح على أن معركتهم القضائية مستمرة لأجل تثبيت حقوقهم بأرضهم، وإغلاق كافة السبل القضائية والسياسية أمام الجمعيات الاستيطانية، مطالبين بالوقوف إلى جانبهم ضد الحصار والإغلاق غير القانوني المفرض على الحي.

 

ويطالب الأهالي بتسليط الضوء على قضيتهم في كل المحافل وإيصالها إلى المنابر الدبلوماسية والسياسية والمجتمعية والأكاديمية والشعبية كافة في جميع دول العالم وباللغات كافة.

 

ولإزالة الحواجز العسكرية عند مدخل الشيخ جراح، قدم مركز "عدالة" التماسًا للمحكمة العليا الإسرائيليّة، كونها تهدف إلى منع الفلسطينيين والمتضامنين مع قضية الشيخ جراح، من الدخول إلى الحي.

 

وقالت المحامية سوسن زهر: إن "تقييد الحركة والتنقل النابع من دافع عنصري تقييد غير قانوني، وإن نصب الحواجز من الشرطة الإسرائيلية لا يتوافق مع المعايير الدستورية والدولية".

 

وأضافت أن "هذه الممارسات تُظهر بوضوح الفوقية الصهيونية والاستعلاء اليهودي الذي تستمر دولة إسرائيل بالتمسك فيه، وتُراق باسمه دماء الشعب الفلسطيني".

 

ويتهدد خطر التهجير 500 مقدسي يقطنون في 28 منزلًا بالحي على أيدي جمعيات استيطانية بعد سنوات من التواطؤ مع محاكم الاحتلال، والتي أصدرت مؤخرًا قرارًا بحق سبع عائلات لتهجيرها، رغم أن سكان الحي المالكين الفعلين والقانونين للأرض.