الساعات الحرجة امام الاردنيين والفلسطينيين
ساعات أو أيام تعلن خلالها الإدارة الأميركية عن صفقة القرن التي تسربت بنودها مرارا، ثم بنودها المعدلة، وتأجلت أكثر من مرة، لاعتبارات مختلفة.
سواء صدر بيان عن البيت الأبيض أو الخارجية الاميركية حول الصفقة او انتظر الرئيس الأميركي زيارة بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية الى واشنطن، وبنيامين غانتس رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية السابق، من أجل مناقشة خطة السلام، فإن الصفقة سوف تتكشف وهي تصب أولا وأخيرا لمصلحة إسرائيل، ثم لمصلحة نتنياهو الانتخابية.
استبق الأردن الإعلان الاميركي بأمرين خلال الأيام الماضية، أولهما تصريح رئيس الوزراء الذي قال إن الأردن عليه أن يستعد لسيناريوهات مختلفة في المنطقة، دون أن يذكر الملف الفلسطيني بشكل صريح، ثم تصريحات وزير الخارجية ايمن الصفدي التي حذر فيها من ضم مناطق غور الأردن في الجانب الفلسطيني، وأعاد تأكيد الموقف الأردني.
السؤال الأهم يرتبط بالذي سيفعله الأردن والجانب الفلسطيني بعد الإعلان عن الصفقة التي ستؤدي فعليا الى دفن مشروع الدولة الفلسطينية، كون الصفقة تشترط اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل، وبالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذه اشتراطات مستحيلة التنفيذ، فوق ان الصفقة ستسمح لإسرائيل بضم مناطق من الضفة الغربية، بما فيها غور الأردن، وتكريس القدس عاصمة لإسرائيل، والقفز عن ملف العودة، وملف اللاجئين.
من جهة أخرى فقبول الفلسطينيين للصفقة بالبنود التي فيها مقابل قيام دولة فلسطينية، يعني فعليا قيام دويلة منقوصة وشكلية، وقد يتم البحث لاحقا في سيناريو تذويبها مع الأردن، وهذه استحالة كون القبول بحد ذاته لا يجرؤ عليه احد في رام الله، ولا يقدر احد في عمان على تحمل كلفته اللاحقة، من حيث التخطيط للعلاقة المستقبلية.
لن يتمكن الأردن من الوقوف في وجه الاميركيين، اذ ان المعادلة معقدة جدا، وبغير مراهنة الأردن على رفض الجانب الفلسطيني، وموقف أوروبي وروسي معارض للصفقة، فلا توجد خيارات امام الأردن، الذي سيجد نفسه امام تغير خطير في الخارطة، خصوصا، بعد ان تصبح كل حدوده مع إسرائيل، بدلا من كون بعض حدوده مع الفلسطينيين على ما هو مفترض، فوق التهديد الاستراتيجي لدور الأردن في ملف القدس.
الجانب الفلسطيني سيكون في موقف اكثر حرجا، اذ سيرفض الصفقة، وقد يكون ابلغ ذلك للفرنسيين خلال زيارة الرئيس الفرنسي الى رام الله، ثم زيارة الرئيس الروسي، غير انه رفض بلا تأثير فعليا، كون كل الأوراق السياسية والاقتصادية بيد الاميركيين والإسرائيليين، هذا فوق ان كل الخيارات الأخرى غائبة، فلا قدرة لدى سلطة رام الله سوى الرفض السياسي.
على هذا تفتح صفقة القرن، مسربين اثنين، أولهما موقف واشنطن من كل مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية، واذا ما كانت سوف تستمر في ظل هذه الترتيبات الجديدة، ثم ملف الفلسطينيين، والمظلة القانونية التي سيخضعون لها بعد كل هذه الانهيارات، واذا ما كان سيناريو العلاقة مع الأردن سيبقى قائما، وبأي صيغة، بعد كل هذه الخسائر على صعيد القدس والمستوطنات ومساحات الضفة الغربية، وملف الاغوار، فوق خطورة تورط الأردن بدور وظيفي في ملف السكان، في ظل عدم وجود دولة فلسطينية مكتملة غرب النهر تصوغ علاقة وحدوية مع الأردن، وفي ظل تحويل المشروع الفلسطيني من مشروع دولة الى مجرد مجاميع بشرية بحاجة الى دولة حاضنة، في سياق تصفية كل هذه الملفات.
اغلب الظن ان الإعلان عن صفقة القرن، لن يؤدي الى زلزال عربي واسلامي، حتى لا نتورط بالمبالغة، بل سيكون الرفض الأردني والفلسطيني لها، ذريعة إضافية لإسرائيل لإكمال مخططها تحت عنوان ان على الفلسطينيين دفع ثمن سلبيتهم، هذا فوق ان العرب والمسلمين لم يفعلوا شيئا امام ضم الجولان واعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، فلماذا سيغضبون من صفقة القرن، ويتخذون إجراءات من نوع جديد؟!.
تعرف واشنطن مسبقا ان الصفقة سيتم رفضها من الأردن والفلسطينيين، وبالتأكيد لديها خطة اخطر لمرحلة ما بعد الرفض لهذه الصفقة، وهذا يعني ان المرحلة الأسوأ التي سنشهدها ستكون بعد الإعلان عن الصفقة من حيث إتمام كل المشروع الإسرائيلي، دون اية ممانعات، وهذا يعني ان إسرائيل هي المستفيدة في الحالتين، سواء قبل الأردنيون والفلسطينيون، هذه الصفقة، او رفضوها، اذ لكل موقف الخطة التي ستليه.