الخبرة الحكومية للنواب تهدد استقلالية المجلس

الرابط المختصر

بأرقام تقريبية كان يطغى على تركيبة مجلس النواب السابق الرابع عشر كما هو معروف الطابع الحكومي ، فعدد النواب الذين شغلوا مناصب عليا في الدولة كان ما يقارب 13 نائباً،.... مقابل حوالي 25 نائب برتب عسكرية متقدمة مقابل عدد قد يتجاوزه من الرتب الصغرى، من أصل 120 نائباً عدد أعضاء المجلس بالمجمل.

والمتتبع لمجريات النقاش في الدورات البرلمانية السابقة لمختلف المواضيع من قوانين وموازنات والثقة على الحكومة أو أي مواضيع طارئة كانت ترد على جدول أعمال الجلسات العادية والاستثنائية كان يلاحظ جيداً أن النقاش يبدأ من منظور حكومي –بغض النظر عن الحكومة-  وينتهي كذلك وتكاد لا تسمع وجه النظر الأخرى.
وفي أحيان كثيرة كان موقف الحكومة أقل حدة من آراء الغالبية النيابية تجاه بعض القوانين ونجحت بالنهاية لتمرير وجهة نظرها التي يحكمها الفكر التقليدي بل والعرفي في بعض الحالات كقانون المطبوعات والنشر وخاصة فيما يتعلق ببند حبس الصحفيين، والكوتا النسائية في البلديات التي لقيت معارضة لإقرارها في القانون بعد الإصرار الحكومي النابع من توجهات دوائر صنع القرار العليا التي كانت تأمل بأن تكون النسبة أعلى من ذلك بكثير كما قال رئيس الوزراء معروف البخيت في إحدى جلسات البرلمان لنقاش هذا القانون، وغيرها من المواقف الكثير التي لم تحتج الحكومة لبذل أي جهد للدفاع عن نفسها أو بيان وجهة نظرها في عدد من القضايا المحلية أو الدولية فغالبية النواب قاموا بذلك وأكثر.
 
وعبارة "بعض النواب أنهم حكوميين أكثر من الحكومة" كانت تتردد بكثرة أثناء ولاية المجلس السابق من عدد من النواب أنفسهم، ومن بينهم النائب السابق المحامي مصطفى العماوي الذي سبق وأن عمل في الأمن العام كالعديد من النواب ويشير" أن هذا الأمر كان واضحاً للغاية في أداء عدد كبير من النواب ، ويعزو ذلك إلى طول فترة خدمة ذلك النائب في الدولة كموظف أو كعسكري مما أدى إلى انطباع شخصيته بهذا الطابع ولا يستطيع التخلص منه، ويرى أن هذا الأمر أثر بشكل واضح على أداء المجلس من ناحية سلبية كانت واضحة بقلة الوعي لدى النائب بوظيفته الحالية التي تختلف عن ما كان يقوم به لفترة طويلة"
ولا يستبعد العماوي أن" يكون تمسك بعض النواب بآرائهم انطلاقاً من خبرتهم الحكومية السابقة أملاً في مكاسب جديدة بعد أن تركوا المنصب علهم يعودون إلى غيره أو مجرد محاولة منهم للبقاء في دوائر الضوء والتأثير"
وردأ على سؤال أسباب تراجع النقابيين في المجلس والذي كان عددهم يقارب ال 45 نائباً في مختلف المهن من أطباء ومحامين وزراعيين وعمال ، يؤكد العماوي هذا الأمر ويقول" إن خبرتهم النقابية كان من المفترض أن تؤثر على أدائهم نحو الأفضل لم تم تجميع جهودهم في كتلة واحدة كان الممكن أن تكون مؤثرة بشكل إيجابي ولكن جهودهم كانت مبعثرة ولم تقدم ولم تؤخر بشكل ملموس في أداء المجلس"
 
  عملياً كان من الممكن أن يرفع النقابيين البرلمانيين مستوى الأداء النيابي لو كانت خبرتهم النقابية العملية مؤثرة، فهم وإن كان يقارب عددهم نصف المجلس ما بين أطباء ومحامين وعمال إلا أنهم ينطبق عليهم ما ذكر سابقاً بأنهم سبق وأن عملوا كذلك في وظائف حكومية عليا أو دنيا أو كانوا يحملون رتباً في الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة سواء في الجيش أو المخابرات أو الأمن العام.
 
أما بالنسبة لمن مارسوا عملاً نقابياً فلم يكن أداءهم بالمستوى المؤثر خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأداء النقابي في الأردن بالمجمل الذي لا يرقى إلى المؤثر أو الشعبي في كثير من الأحيان.  
 
وهذا الأمر من شأنه بالتأكيد أن يضع أداءهم في نفس دائرة التقييم بالنسبة للنواب بشكل عام والذين تأثر أداءهم البرلماني بعملهم الحكومي ومناصبهم العليا فيها مما عطل بشكل أو بآخر إحدى وظائف  البرلمان الأساسية ألا وهي الرقابة على أداء وقرارات الحكومة.
مما يضعنا من جديد أمام مطالبة حقيقة لضرورة الاختيار الحقيقي لنواب المجلس القادم ممن يتمتعون بفهم واضح لوظيفة البرلمان التشريعية والرقابية تنفيذاً لأحد مبادئ الدستور الثابتة ألا وهو الفصل بين السلطات.

أضف تعليقك