الحوار مع حماس: الصحافة تنتظر الفرج!
منذ نهاية تموز الماضي أجرى مدير المخابرات العامة محمد الذهبي لقاءين مع ممثلي حركة حماس. هذه اللقاءات كان من شأنها ان تحوز على تغطية اعلامية كبيرة. لكن ما حدث ان الصحافة بقيت تنتظر الفرج من التصريحات الرسمية، وهذه كانت شحيحة.
قبل ان تفك صحيفة "القدس العربي"، الصادرة في لندن، اسر خبر اللقاء الاول بين الذهبي وممثلين عن حماس، لم تكن الصحافة المحلية، بما في ذلك المواقع الالكترونية، في وارد نشر الخبر. على الرغم ان عددا من الصحفيين كانوا يمتلكون معلومات عن اللقاء.
صحيفتا "الدستور" و"الغد" نقلتا خبر اللقاء الاول، الذي وصفته الدستور بـ"الدافئ" في 31 تموز الماضي. وجاء نشر الخبر "تأكيدا" لما كان نشر خارج الصحافة المحلية.
صحيفة "الرأي" انتظرت حتى 21 الشهر الحالي لتنشر خبر اللقاء من خلال تغطية المؤتمر الصحفي لوزير الدولة لشؤون الإعلام ناصر جودة، بعد ان كانت صحفا اخرى قد نشرت على استحياء اخبار الاجتماع دون تفاصيل.
أما صحيفة "الغد" التي امتلكت معلومات كثيرة، منها تجديد جوازات سفر أعضاء من الحركة بينهم جواز سفر رئيس مكتبها السياسي ومرافقه الذي دخل الأردن بدون قيود، فقد اختارت نشر هذه الاخبار مقطعة على عدة ايام ( 13 و18/ 8) في زاوية "زواريب" وهي الزاوية التي وصفها رئيس تحرير الصحيفة ذات مرة بأنها: "عمود اخباري مواده المتفرقة لا تحمل سمة الخبر الناضج المكتمل الذي لا يتبعه تحليل وربما استنتاج"، وكأنها بذلك، أي من خلال نشرها في "زواريب" تريد تجنيب نفسها "التورط" بعمق في قضية "تمس الامن الوطني"، ولا تمتلك فيها "رأي" رسمي بقي متكتما حتى سأل الوزير في المؤتمر فأجاب باقتضاب.
التكتم الحكومي على مجريات اللقاءات حدا بصحيفة "العرب اليوم" (14/8)، الى الاستناد الى رواية "مصادر في الحركة الاسلامية" التي "أكدت" لها اللقاء الثاني بكلام عام وعاطفي خالي من دسم المعلومات.
الفكرة في "شح" التغطية الاعلامية المحلية للقاء قد يكون "سببها" يكمن في غياب المعلومات، بحسب ما يرى الكاتب عمر كلاب في مقاله بصحيفة "الدستور" (18/8).
"بمزيد من الرعاية استقبلت اجهزة الاعلام لقاءات حماس مع مدير المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي، ولا ادري للآن سر الحماس غير "الحمساوي" من لدن معظم المحللين لدرجة ان محطة "الجزيرة" افردت شاشتها صباح امس للحديث عن اللقاء الذي لم يعرف منه الا الجزء اليسير وهو "نزر" لا يغري بالتحليل لان التحليل الجيد هو المعلومة الجيدة."
ومن المعروف ان دائرة المخابرات، باستثناءات قليلة، تتكتم عادة حول نشاطاتها. إلا ان الامر قد لا يكون هنا فقط. فالصحافة المحلية اعتادت، حتى في حال امتلاكها للمعلومات، عدم النشر عندما يتعلق الامر بعمل الاجهزة الامنية حتى وان لم يكن لدى هذه الاجهزة "محظورا"، بدليل ان دائرة المخابرات "صمتت" عن عملية النشر.
فهل لا تزال الصحافة تتصرف بـ"رعب" حيال كل ما يتعلق بـ"الامن الوطني" ونشاطات الاجهزة الأمنية. الامر هو كذلك، فمحظور النشر في قانون المطبوعات في هذا الشأن فضفاض وقد يعرض أي صحفي للملاحقة لأي سبب ما يجعل الصحافة "متحفظة" دائما في النشر.
ان كانت التغطية الاعلامية الخارجية بلقاءات الذهبي مع ممثلي حماس تغطية "احتفالية" او "مبالغ بها" بحسب كلاب. فقد اعتبر اكثر من كاتب محلي ان هذه التغطية: "توحي لمن يقرأها ويسمعها ان هناك صفقات سرية وان من يصرحون هم من يخططون او انهم شركاء فيما يجري على الاقل"، بحسب ماهر ابو طير في "الدستور" 21/8.
على أي حال، "شح" التغطية، وربما شح المعلومات ايضا او محظورات النشر، عكس نفسه على كتاب الاعمدة ايضا فلم يظهر في الصحف المحلية، منذ تم الكشف عن اللقاء الاول وحتى اليوم سوى 26 مقالة فقط.
قد لا يكون هناك سبب واحد يفسر عدم احتفال وسائل الاعلام المحلية بلقاءات حماس/ الذهبي او إحاطتها "برعاية" خاصة، بحسب كلاب. لكن الثابت ان محظورات قانون المطبوعات حرمت الصحافة من "سبق" النشر ومن نشر مواد اخبارية ناضجة ومكتملة يتبعها تحليل وربما استنتاجات، بحسب حواتمة، فالأمر يتعلق بـ"الامن الوطني"، فذهبت اغلب "المواد الاخبارية" الى "الزواريب".











































